«البقرة» إلهة الخصوبة عند الفراعنة ورمز المغفرة فى الهند..وخالقة الكون فى زرادشت
كتب- مينا وجيه
حرص أجدادنا المصريون القدماء على فكرة احترامهم للمخلوقات الأرضية، والتى وصلت لحد كبير مع مرور الوقت إلى درجة العبادة والتقديس.
فنجد على سبيل المثال حيوان القط كان الرمز المقدس عند الإله “باستت”، وانحصر حيوان العجل فى عبادته كآله “عجل أبيس”، بينما نجد الطائر أبو منجل كان الحيوان المفضل للآله “تحتوت” آله الحكمة والعلم لدى أجدادنا المصريين القدماء.
بينما حيوان التمساح عرف بالآله “سبويك” وطائر الصقر يمثل الآله “حورس” بعد تجسده من جديد، بحسب العبادة المصرية القديمة.
تقديسها فى العبادات الفرعونية
أما البقرة فنجدها لها مكانة فريدة متميزة داخل العبادة المصرية القديمة، حيث تتعدد الروايات والقصص، فنجد الآله “حتحور” وهى بجسم سيدة ورأس بقرة، وتعرف بآله الحب والجمال والسعادة، وارتبط لدى المصريون القدماء عبادة البقرة نظرًا لما تقدمه لصغيرها من رعاية من أمومة وحنان، و كانت أهم معابدها فى “دندرة” بصعيد مصر، وكانت فى بعض الأحيان تصور”حتحور” كآله الموتى، حيث وجدت على شكل شجرة جميزة فى المقابر الفرعونية، والتى ترعى بالموتى وتقدم لهم الأكل والشرب والعناية بهم.
ونجد أيضًا الآله “أبيس”، حيث صور على هيئة ثور مقدس فى الحظائر و الذى يمثل روح الإله “بتاح” والذى كان يعرف بآله الخصوبة، والذى كان يعبد فى مدينة منف، حيث كانت له اشتراطات لتنصيبه كآله تتمثل فى اللون الأبيض ومقدمة الرأس السوداء، وكان يرسم بهالة من الشمس بين قرنيه وعند موته تقام له جنازة شعبية كبيرة، وينصب غيره باحتفال ملوكى كآله للخصوبة والنماء والخير، وذلك ضمن العبادات المصرية القديمة.
البقرة فى الزرادشتية لها فضل خلق الكون
وبقراءة سريعة فى الديانة الزرداشتية والتى كانت لها وجود قوى فى دولة الفرس قديمًا “إيران”، سنجد أن أبنة الآله ” فاهورامازدا ” خالق كل شىء، كانت تمثل كبقرة للعبادة حيث بحسب معتقدهم، حيث يرجع لها الفضل فى منح البشر سبب الحياة والوجود والخلق، وبنظرة سريعة داخل كتاب الـ “لأفستا”، وهو الكتاب الدينى المقدس لهم نجد نصوص تحثهم على تقديس الأبقار، بل و وضعهم فى مرتبة واحدة مع الآله.
الهندوسية تحرم ذبح البقرة وتجرم أكل لحومها
وبالرجوع إلي الهندوسية نجد تقديس البقرة شىء أساسى وهم وركيزة قوية فى القانون الهندى، بحيث لا يسمح حتى اليوم بذبح أو أكل لحوم حيوان البقرة، بل يصل الأمر إلى تبرك المتدينون من الهندوس بحلب وبول وروث البقرة بدهنها على حوائط وجدران منازلهم، بل تلعب أيضًا دور فى تكفير وغفران خطاياهم.
هل عبد بنى إسرائيل البقرة ؟
ونجد فى اليهودية ومشتركة معها المسيحية متمثلة فى التوراة، عبادة شعب بنى إسرائيل العجل الذهبى فى صحراء سيناء وذلك نتيجة تأثرهم بعبادات مصر القديمة، من واقع معيشتهم لحقبة معينة داخل أراضى مصر، فنجد عند طلوع موسى لقمة الجبل لاستقبال لوحى العهد ” قوانين الشريعة” من الله، أصيب اليهود بالملل وفقدان الرجاء بالله مما دفعهم لعبادة العجل “أبيس” الذهبى الأمر الذى أغضب موسى النبى عند علمه بهذا مما دفعه لكسر لوحى العهد احتجاجًا منه على هذا التصرف المشين.
الإسلام أكد على واقعة عبادة بنى إسرائيل العجل الذهبى
أما فى الإسلام، نجد تأكيد لما فعلوه اليهود بسيناء، ففى سورة الأعراف من الآية 148 إلى الآية 154″وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ . وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ . وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْه”
وبذلك نجد أن حيوان البقرة داخل عبادة مصر القديمة كانت ركيزة أساسية فى الحياة ومنها انتشرت فكرة عبادتها وتقديسها لجميع الأفكار والأيدلوجيات سواء، وأهم ما يمز الحضارة القديمة أنها كانت فعالة ومؤثرة، وأفضل ما وجد هو احترامهم للحيوان كرمز مقدس.