قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن تونس تواجه صراعا سياسيا حول الإسلام، وأشارت فى تقريرها حول الأوضاع السياسية فى تونس، إلى أن التونسيين وبعد عامين ونصف من تأجيج ثورة انتشرت فى أنحاء العالم العربى، قد انتقلوا إلى الفصل التالى، وهو الصراع السياسى بين الإصولية الإسلامية والإسلام الوسطى المتسامح الذى كان سمة البلاد على مدار 57 عاما بعد أن نالت استقلالها.
وتضيف الصحيفة أنه على الرغم من أن تونس بلد صغير تعداده 11 مليون نسمة فقط، إلا أنه قراراته التى تلوح فى الأفق بشأن الهوية الوطنية، ودور الدين والتنظيم السياسى، تمثل التحديات الأساسية التى تواجه الإصلاحيين فى شمال أفريقا والشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة عن منار الإسكندرانى، الناشطة السابقة بحزب النهضة الحاكم والتى انسحبت منه فى محاولة لتشكيل حزب ينادى بالحوار بين العلمانيين والأصوليين، أن ما يجرى الآن فى بلادها اشبه بما يحث فى المعمل أو المختبر.
وتتابع الصحيفة قائلة إن الخيارات السياسية واضحة بشكل خاص فى تونس، ويعود ذلك إلى حد ما لوجود طبقة وسطى من النشطاء الذين طالما تطلعوا لفرنسا، التى كانت تحتل تونس، كمصدر إلهام كبير لهم، فضلا عن ذلك، فإن الرئيس التونسى الأسبق الحبيب بورقيبة الذى كان زعيم الاستقلال عزز التقاليد العلمانية و"الإسلام الوسطى" خلال حكمه الذى استمر حتى عام 1987 قبل أن يتم إبعاده من قبل زين العابدين بن على، الذى أصبح ديكتاتورا.
لكن فى أعين كثير من التونسيين، فإن الطبقة الوسطى ذات التوجه الغربى، وتقاليدها العلمانية قد تلوثت خلال حكم بن على الذى استمر قرابة ربع القرن وما شابه من فساد وقمع، حسبما يقول عمور شابحو الذى يرأس حركة الدستوريين الحرة، وهو حزب علمانى.
ونتيجة لذلك، فبعد الإطاحة بـ"بن على" فى يناير 2011، وانتخاب جمعية تأسيسية أتت بحزب النهضة الحاكم للسلطة، عاد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشى من المنفى، وأطلق سراح الكثر من أعضاء النهضة من سجون "بن على".
وكان حزب النهضة عازم على جعل الدستور على أساس الشريعة، لكن بعد خلافات طويلة مع الأقلية العلمانية، تم الاتفاق على صيغة مبدئية تقول أن قانون البلاد يستند إلى تعاليم الإسلام.