رحلة مع «فنطاس» مياه الشرب إلى القرى العطشانة بالدقهلية

رحلة مع «فنطاس» مياه الشرب إلى القرى العطشانة بالدقهلية رحلة مع «فنطاس» مياه الشرب إلى القرى العطشانة بالدقهلية
السائق: السنة دى الأزمة اشتعلت بدرى عن أى سنة لأن الحال أسوأ من الأول

كتب : صالح رمضان منذ 11 دقيقة

يقطع حمدى أبوصادق، سائق «فنطاس» مياه شركة الدقهلية 35 كيلو مترا يوميا، بين محطة مياه «ميت فارس»، وقرى الربيعات، التى يبلغ عددها 65 قرية، واقعة على الحدود بين مراكز دكرنس ومنية النصر والجمالية، والتى أطلق عليها الأهالى «قرى العطش».

يحمل حمدى أبوصادق، الحياة لسكان تلك القرى، فى رحلة يقوم بها مرتين كل يوم، حيث يقصد فى كل مرة قرية من القرى، بعد أن أصبح هو المسئول أمامهم عن توفير المياه. «الوطن» عاشت رحلة أبوصادق لقرية «وديع» العطشانة، والتى استغرقت 4 ساعات، ذكر خلالها يومياته مع سكان القرى المحرومة من المياه.

قال حمدى أبوصادق «السنة دى الأزمة اشتعلت بدرى عن أى سنة، لأن الحال أسوأ من الأول، واشتغلنا من شهر مايو، ولأننى أذهب كل يوم لقريتين فإننى أتأخر عن باقى القرى، ويتهموننى بالتقصير، حتى إننى تعرضت للضرب أكثر من مرة، والأسبوع الماضى قطع سائق جرار علىَّ الطريق، وأمرنى أن أرجع، ومنعنى من توصيل المياه لقريته».

وأضاف «معى فنطاس يحمل 16 متر مياه ويوجد جراران آخران فى المحطة، لكن الواحد لا يحمل سوى 6 أمتار فقط، وكل واحد فينا يعمل له نقلتين فى اليوم».

سار أبوصادق من محطة مياه ميت فارس ومر بترعة أم شلبى، التى تروى نحو 100 ألف فدان، لكنها جفت تماما أمام قرية المحمودية، وكلما اتجه إلى منطقة الربيعة اختفت المياه من المصارف المجاورة لها.

قبل قرية «وديع» بنحو 2 كيلو متر، وجدنا «موتوسيكل» يحمل رجلين يعترضان طريق الفنطاس، طلبا من السائق أن يتوجه إلى قريتهما لأنها تحتاج إليه، واستجاب لطلبهما على الفور، وفوجئنا بأن أحد الرجلين هو المهندس رفعت العزازى «رئيس الكهرباء» والذى قال لـ«الوطن» إننا لا نجد مياه الشرب ونستأجر فناطيس المياه لكنها لا تنفع للشرب لأنها ملوثة.

بمجرد وصولنا لقرية «وديع» ذات الشوارع الضيقة، وقف فنطاس المياه أمام المسجد الكبير وخرج الأهالى من الشوارع ومن البيوت يحملون الجراكن، وآخرون يحملون خراطيم مياه لتوصيلها إلى خزانات مياه صنعوها لهذا الغرض، وتجمهر عدد كبير من المواطنين للحصول على المياه.

قالت السيدة توفيق، ربة منزل، «من شهر ونصف لم أر فى حنفية البيت مياهاً، ونعتمد على مياه الفنطاس أو نذهب للقرى المجاورة، ونتعرض للإهانة ونشعر أننا نتسولها».

ووسط عدد كبير من المواطنين كان الطفل محمد إبراهيم، يجر عربة صغيرة بيديه، وبها 4 جراكن كبيرة، وقال فى نبرة حزينة «وحياة ربنا ما حدانا ولا نقطة ميه ونملأ من الترعة لنسقى البهايم ومن الفنطاس لنشرب، وأمى وهى بتحول الميه لنا علشان نشرب وقعت، ورجلها اتكسرت وأنا بأقوم بدورها».

وصرخ محمد عبدالحميد، فلاح، «الناس ماتت من قلة الميه، والزراعة ماتت، وإحنا تعبانين من العيشة».

ووقفت سيدة منتقبة تقول للنساء «إحنا جاى لنا مصيبة كبيرة لو إثيوبيا عملت سد النهضة هنموت هنا من العطش فعلاً».

انتهى الفنطاس سريعا، كان خلالها السائق حمدى أبوصادق، يجلس فى مكانه، لم يتحرك منه، وترك المواطنين يأخذون ما يريدون من المياه، لا يتدخل مطلقا حتى لا يتعرض للأذى، ومضى الوقت سريعا فانطلق فى رحلة العودة.

من جانبها قال المهندسة ميرفت مترى، رئيس محطة مياه ميت فارس، إنه لا توجد عندنا حلول لتلك المنطقة، ولن نستطيع توفير المياه لها، حتى ولو تم تشغيل التوسعات فى المحطة، ولابد أن يتم توفير المياه لتلك المنطقة من محطة الجمالية، التى تبعد عنها نحو 10 كيلو مترات فقط، والأمر يحتاج لقرار، وطلبت من المسئولين بالشركة أكثر من مرة ذلك ولكن لا أحد يستجيب لنا.

DMC