توابع أزمة المازوت.."الإغلاق" يهدد مصانع الطوب

توابع أزمة المازوت.."الإغلاق" يهدد مصانع الطوب توابع أزمة المازوت.."الإغلاق" يهدد مصانع الطوب
ارتفاع سعر طن المازوت إلى 1750 جنيهاً.. ومليون جنيه تكلفة تحويل المصنع للعمل بالغاز الطبيعى

كتب : محمد على زيدان تصوير : أسامة همام وهشام محمد الثلاثاء 04-06-2013 09:17

رصدت «الوطن»، خلال جولتها بعدد من مصانع الطوب التى تعمل بالمازوت، توقف عدد كبير من المصانع عن العمل، بسبب أزمة عدم توافر المازوت اللازم لتشغيل المصانع، ففى منطقة العياط، حيث توجد عشرات المصانع المتوقفة عن العمل بشكل كامل، أما عن منطقة «عرب أبوساعد» التى يوجد بها مئات المصانع، والتى يعمل جزء منها بالغاز الطبيعى والآخر بالمازوت، فالعمل فى تلك المنطقة متوقف، ويرجع أصحاب المصانع السبب الرئيسى فى ذلك إلى أن حولت حصة المصانع إلى محطات الكهرباء، حتى يتم حل مشكلة قطع الكهرباء فى .

أصحاب مصانع فى العياط و«أبوساعد»: الدولة حولت حصة مصانعنا لمحطات الكهرباء.. والعمال: «هنقعد فى بيوتنا لو المصانع وقفت»

قال سالم على سالم، صاحب أحد مصانع الطوب فى منطقة جرزا بمركز العياط، إنه ورث هذه المهنة عن أبيه، ويعمل فى صناعة الطوب منذ أكثر من 30 عاماً، المشكلة الرئيسية التى تواجه صناعة الطوب هى ارتفاع المازوت وعدم توافره فى الوقت الحالى، موضحاً أن الأزمة ليست وليدة الفترة الحالية، ولكنها زادت بصورة كبيرة خلال الشهور الماضية، أيام النظام السابق ارتفع سعر المازوت من 175 جنيهاً للطن تدريجياً حتى وصل إلى ألف جنيه للطن، لكن منذ 4 أشهر ارتفع ليصل إلى 1750 جنيهاً للطن.

أوضح أنه يستهلك خلال الأسبوع الواحد ما يقرب من 50 طن مازوت، ونظراً لارتفاع سعره وعدم توافره، فالمصنع يحاول ترشيد الاستهلاك من المازوت، فإنتاج المصنع فى الأوقات التى يعمل فيها باستمرار يخرج إنتاجاً أسبوعياً 500 ألف «طوبة»، أما الآن فالعمل متوقف، وهو ما ينعكس بصورة سيئة على العمالة والإنتاج، المصنع يعمل به ما يقرب من 200 عامل داخل المصنع، إضافة إلى العمالة التى تتأثر بشكل غير مباشر، مشيراً إلى إهمال الحكومة للمصانع وأنها لا تراعى حال مصانع الطوب، رغم أن هذه الصناعة بها مئات المصانع التى يعمل بها آلاف، والتى يمكن العمل على تطويرها، حتى إن الحكومة لا تأخذ إنتاج المصانع فى المشروعات الخاصة بالدولة.

تحويل مصنع واحد للعمل بالغاز الطبيعى يتكلف 800 ألف جنيه.. وسعر الغاز زاد بنسبة 75%

وأوضح أن لديه مصنع آخر فى منطقة «عرب أبوساعد»، وكان يعمل بالمازوت، ولكن تم تحويله إلى العمل بالغاز الطبيعى، ولكن ذلك كلفه أكثر من 800 ألف جنيه، منذ عام تقريباً، مضيفاً أنهم دائماً كانوا يطالبون الحكومة بتحويل المصانع لتعمل بالغاز، فى الوقت التى كانت تعطيه فيه لإسرائيل بأبخس الأثمان، وعندما تم العمل به وصل سعر المتر المكعب إلى «2 دولار»، ولكن تمت زيادته منذ 5 أشهر بنسبة 75%، ليصل سعره إلى 3.5 دولار للمتر المكعب، ويتم دفع أكثر من 100 ألف جنيه كل أسبوعين، وهو ما زاد الأعباء على المصانع، التى لا تستطيع تغطية تكاليف تصنيع الطوب.

قال مجدى سالم، أحد أصحاب المصانع، إن أزمة الكهرباء الحالية فى مصر أدت إلى انتزاع الحكومة لحصص مصانع الطوب من المازوت، حتى تمد به محطات الكهرباء، وهو ما أدى إلى توقف العمل داخل المصانع على مدار الأيام الماضية، منطقة العياط بها ما يقرب من 30 مصنعاً، إضافة إلى منطقة عرب أبوساعد والصف، التى يوجد بها مئات المصانع، فكل مصنع يوجد به ما يقرب من 150 إلى 200 عامل على الأقل.

أوضح أنهم قاموا بعمل وقفة أمام هيئة البترول حتى يصلوا إلى حل المشكلة، كما أنهم طالبوا بمقابلة وزير ، الذى وعد عقب مقابلة بعض أصحاب المصانع بأن المشكلة ستحل خلال أيام، ولكن لم يتم الوصول إلى أى حل حتى الآن، مشيراً إلى أن هذه المشكلة ليست وليدة هذه الأيام، بل إنها تكررت أكثر من مرة قبل ذلك، ومنذ شهرين حدث انقطاع مد المصانع بالمازوت وخرج العمال وأغلقوا طريق الأوتوستراد.

وقال إن عدد العمالة فى مصانع الطوب على مستوى الجمهورية يبلغ أكثر من 450 ألف عامل، وكل واحد منهم يرعى أسرة، ما يعنى أن هذه المصانع تفتح آلاف البيوت، وأنه كلما حدثت أزمة فى المازوت، تتوقف المصانع ويجلس العمال فى بيوتهم.

فيما تحدث أحمد صلاح، صاحب مصانع بمنطقة «عرب أبوساعد»، الذى يمتلك أكثر من مصنع فى المنطقة، منها ما يعمل بالمازوت وأخرى تعمل بالغاز الطبيعى، عن مصنعه الذى يعمل بالمازوت، إن المصنع توقف العمل فيه منذ شهر، ويوجد به أكثر من 150 عاملاً، جميعهم فى بيوتهم بعد توقف المصنع.

وأوضح أن الدولة لا تهتم بمصانع الطوب، قائلاً: «طن المازوت زاد سعره جداً، ومفيش أى اهتمام من الدولة، كل اللى بتقدر تعمله وبس إنها تزود سعر المازوت، إنما تحل المشكلة مبيحصلش، وكمان جايين دلوقتى ويمنعوا المازوت خالص، طيب إحنا نشتغل إزاى بس. أنا شغال هنا فى النار دى بقالى 10 سنين»، يستطرد جمال سعد: «مهنتى داخل المصنع (حَرِّيق)، أنا المسئول عن النار اللى بيتم إشعالها بالمازوت أو الغاز الطبيعى لصناعة الطوب». لا يكف الرجل الثلاثينى عن الحديث عن خطورة مهنته، ولكنه لا يستطيع تركها بسبب عدم وجود بديل لها يمكنه من الإنفاق على أسرته المكونة من 5 أفراد، حيث يقول: «عمال مصانع الطوب ليس لهم تأمين صحى أو معاش يضمن لهم حياة كريمة بعد التقاعد عن العمل، والأكثر من ذلك أننا نتعرض للتسريح من قِبل أصحاب المصانع فى حالة تعرضنا لأزمات صحية».

مخاوف «جمال» من نقص المازوت تتزايد بشكل مستمر، لأنه سيكون أول من يتم الاستغناء عنهم، ويتوقف مبلغ الـ120 جنيهاً أجرته اليومية: «المصنع لو وقف عن الشغل بكرة الصبح هنقعد فى بيوتنا، لأن مفيش حاجة تشغل المصنع».

الوضع عند ربيع سعيد «35 سنة» لا يختلف كثيراً عن سابقه: «الوضع زمان كان أحسن كتير من دلوقتى، لأنه كان فيه شغل وإنتاج، والحياة كانت رخيصة»، لذلك لا يجد الرجل الذى يعمل داخل المصنع منذ ما يزيد على 20 سنة حرجاً من الحديث عن قرب تعرضه وأسرته المكونة من ثلاثة أولاد وزوجته للتشرد فى الشارع، بسبب التهديد المستمر للمصنع بالغلق، لما يعانيه من نقص مستمر فى المازوت.

DMC