أطفال غزة يسددون فاتورة الحرب حتى بعد انتهائها

في عنبر بمستشفى الشفاء- أكبر مستشفى في غزة- يحاول طبيب الأطفال ربيع حمودة أن يرصد أي استجابة من عمر (3 أشهر) وشقيقه محمد الذي أتم شهره الـ 18 أملا في أن يتفوها ببعض الكلمات أو ربما ابتسامة.

فكل ما يفعله الطفلان- اللذان انتشرت على جسديهما حروق وجروح أحدثتها الشظايا التي أصيبا بها من القذيفة الإسرائيلية التي أصابت منزلهما في قطاع غزة- هو أنهما يحملقان في الطبيب على مدى 7 دقائق متصلة.

وأخيرا، بدأت ابتسامة ترتسم على وجه محمد الطفل الأكبر، وبدأ عمر يصرخ عندما يسمع اسمه.

وشرح حمودة الذي يرأس فريقا من 150 معالجا نفسيا يعملون لدى المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات ومقره غزة قائلا:«في البداية لم يكن هناك استجابة من الطفل عمر معنا.. لم يكن حتى يرضى أن يقول ما اسمه».

وأضاف :«لقد حدث تقدم كبير مع هؤلاء الأطفال، وبدا على وجهه شعور بالارتياح وإحساس هادئ بالإنجاز.

وتابع :«في البداية لم يتحدثا ورفضا التواصل. لكننا الآن ومع الجلسة السادسة نشهد تقدما جيدا.»

وعمر ومحمد وهدان اثنان من بين 400 ألف طفل في غزة تقدر الأمم المتحدة أنهم في حاجة إلى رعاية نفسية ليس فقط بسبب الحرب الأحدث في القطاع وإنما أيضا بسبب الحروب الثلاثة السابقة التي خاضها القطاع مع إسرائيل منذ عام 2006.

والصراع الأحدث المشتعل في غزة هو الأكثر دموية وقتل فيه 1945 فلسطينيا معظمهم مدنيون وبينهم ما يقدر بنحو 457 طفلا، مقابل مقتل 64 جنديا إسرائيليا و3 مدنيين.

ومهما تكن نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية بالنسبة لأطفال غزة- مقتل الأبوين أو الأقارب أمام أعينهم فإن الصدمة النفسية عليهم بالغة الشدة.

وتتراوح أعراض الصدمة النفسية بين الكوابيس والتبول اللاإرادي والنكوص السلوكي والقلق النفسي الموهن بما في ذلك عدم القدرة على التعامل مع الخبرات أو التعبير اللفظي عنها.

وثمة صدمة نفسية عميقة على الجانب الآخر من الحدود حيث أصيب عشرات آلاف الأطفال الإسرائيليين باضطراب عقلي نتيجة الإطلاق المتكرر للصواريخ طوال الحرب التي استمرت شهرا أو خلال الأعوام السبعة منذ سيطرة حماس على قطاع غزة.

وقال كريس جانيس المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) التي يعمل لديها 200 معالج نفسي فيما يصل إلى 90 عيادة في غزة :«المرة الأولى التي يمر فيها طفل بحدث صادم مثل الحرب يكون الأمر مروعا بشدة، وفي المرة الثانية يكون الأمر أكثر من مروع لأن الطفل يتذكر الجوانب الأسوأ للحرب الأخيرة بالإضافة إلى تأثير الحرب الحالية، ثم تكون المرة الثالثة مروعة أكثر وأكثر لأن الذكريات المتراكمة للحرب تتجمع».

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة

SputnikNews