كتب : ولاء نعمة الله منذ 5 دقائق
تولى الحقيبة الوزارية، وهو يعلم ما تخبئ له الأقدار من أزمة قد تعصف بسجله داخل هرم القضاء الذى ينتمى إليه وسط صراع سياسى بين المؤسستين التشريعية والقضائية.. إنه المستشار حاتم بجاتو وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، الذى شمله التعيين فى التعديل الوزارى الأخير.
طوال الأيام الماضية ظل شاغله الأول والأخير، كيف يحقق المعادلة الصعبة فى حماية نفسه من المقعد الوزارى، الذى انتقل به من السلطة القضائية للتنفيذية.. وفى الوقت ذاته كيف يترك تاريخه داخل القضاء الذى شغف بالعمل به طيلة السنوات الماضية، فيخسر قضيته وتاريخه.. كان السؤال صعباً والمحنة أشد حينما أصر مجلس الشورى على مناقشة مقترحات بتعديل قانون السلطة القضائية. ولم يكن أمام «بجاتو» سوى الاطلاع والدراسة.. ولمَ لا، فكل من عمل معه يعلم مدى شغفه بالقراءة الدستورية المتعمقة.. وربما يكون هذا هو ما جعل اسمه يوضع فى الصفوف المتقدمة مع القامات القضائية التى تكبره فى السن.
خوفاً من خشونة الصدام.. أو الفشل فى أولى مهامه الحقيقية داخل وزارة سُلبت منها منذ ثورة يناير جميع الاختصاصات.. وهرباً من المصير الذى لاقاه المستشار محمد نصير الذى لُقّب بصاحب مذبحة القضاة فى عهد سابق.. دخل الوزير القاضى رئيس هيئة المفوضين سابقاً، فى الأزمة مردداً داخل نفسه مقولة واحدة «لن أكون محمد نصير آخر»، ليرتدى روب القاضى متسلحاً بكل خبرته القضائية ويجلس مع ممثلى الهيئات القضائية واحداً تلو الآخر.. فى الوقت نفسه يسارع من أجل التوصل لصيغة مشتركة مع رئيس مجلس الشورى ونوابه من أجل الخروج من عنق الزجاجة.. وبين هذا وذاك يسمع المقترحات وينظر لها بعين القاضى.. ويجلس مع وزير العدل ليتباحثا فى الأزمة.
ظل «بجاتو» المولود فى يناير من عام 1961، يعمل فى كل الاتجاهات لنزع فتيل الأزمة شيئاً فشيئاً.. متسلحاً برد واحد مقتضب فى كل وسائل الإعلام «سأتحدث حينما أجد أن الأزمة تتطلب منى الحديث.. ولن أتأخر عن تقديم استقالتى مهما كان إغراء المنصب إذا حدث اعتداء من السلطة التشريعية على هرم القضاء».
يرى البعض أن أزمة السلطة القضائية انتهت لصالح كتلة الأغلبية بمجلس الشورى من نواب الحرية والعدالة، بعد أن وافق المجلس على إحالة المقترحات للجنة التشريعية لمناقشتها، لكن الحقيقة أن أطراف المعركة تساووا فى نهاية الأمر، لتبقى تعديلات قانون السلطة القضائية لحين إشعار آخر داخل أدراج المجلس، ليحمى وجه المؤسسة التشريعية، ويتنفس القضاة الصعداء، ويظل بال الوزير بجاتو مشغولاً بسؤال واحد: هل الظروف الحالية كانت تستحق مناقشة هذا القانون، أم أنها خديعة أراد بها النظام الحاكم التخلص من بعض القضاة من كارهيه؟