أخبار عاجلة

الجزائر شرّفت العرب.. وأخشى عليها من

أصبح الحديث بين متابعى مونديال البرازيل حول الأحق بحصد اللقب، وبات الخبراء والمحللون فى حيرة بسبب المستوى الهزيل الذى ظهرت عليه المنتخبات الكبرى والقوى العظمى فى كرة القدم، كما أن النتائج المفاجئة للمباريات دفعت الجميع للابتعاد عن التوقعات قبل أى مواجهة باعتبار أنه لا أحد يمكنه التنبؤ بأى نتيجة، وتحول الأمر إلى ظاهرة لافتة للنظر وهى انعدام الولاء والانتماء لدى عدد كبير من المنتخبات فى هذه البطولة، ووجهة نظرى أن الانتماء هو الدافع الرئيسى لأى فريق نحو منصات التتويج، فإذا أردت أن تحصد لقباً فى أى بطولة محلية أو قارية أو عالمية فيجب أن تختار اللاعبين أصحاب الانتماء الذين لديهم الرغبة فى إعلاء راية منتخب بلادهم مهما كانت الظروف والمعوقات التى تواجهها أى بعثة فى أى بطولة، وهذا هو سر نجاح منتخبنا الوطنى خلال الفترة التى توليت فيها المسئوولية من 2005 حتى 2011، فقد كنا نركز على أن يكون اللاعب لديه انتماء لبلده، وأن يكون كل هدفه هو القتال والمثابرة من أجل وطنه وإعلاء رايته مهما كانت الظروف الصعبة، ومهما كان المنافس الذى نواجهه، وكان الجهاز الفنى للمنتخب الوطنى وقتها حريصا على بث الروح الوطنية فى نفوس اللاعبين، كما أؤكد أن اللاعبين أيضا كان لديهم الرغبة والانتماء والإخلاص لبلدهم، فكان التوفيق حليفهم فى البطولات الأفريقية التى حصدناها، وهذا هو الفارق بين لاعبينا ولاعبى المنتخبات الأخرى، وبين مسؤولينا فى اتحاد الكرة ومسؤولى الاتحادات الأخرى، وقد رصدت عددا من تصرفات اللاعبين والمنتخبات الأفريقية والأوروبية تؤكد ما نتحدث عنه، وهو أن الولاء والانتماء قد يدفعان أى منتخب لتقديم عروض قوية والخروج بشرف من البطولات، وقد يصلان به إلى منصات التتويج، وأعتقد أن انعدام الولاء والانتماء سيكون السبب فى إقصاء منتخب الكاميرون من المونديال، وهو نفس السبب فى إقصاء المنتخب الإنجليزى من المنافسات، فعندما تجد لاعبا بحجم الكاميرونى صمويل إيتو يقود زملاءه إلى ثورة مهدداً المسؤولين فى بلاده بعدم أداء البطولة لمجرد عدم حصولهم على المستحقات المتأخرة، إذن نحن نتحدث عن أمور خارج كرة القدم وخارج المستطيل الأخضر وهى السبب التى تدفع اللاعب لكى ينفذ تعليمات مدربه من عدمه، فكم من مواقف مرت على منتخبنا الوطنى خلال البطولات، لكن إصرار اللاعبين ومثابرتهم ورغبتهم فى إعلاء اسم كان دافعا أكبر من أى مشكلات يتعرضون لها، ورغم أن إيتو كان دائما يساعد زملاءه فى المنتخب الكاميرونى ويساندهم ويقف إلى جوارهم، لكنه هذه المرة تورط فى الاستجابة لمطالبهم بالتمرد على بلادهم وليس على الاتحاد الكاميرونى كما يعتقدون.

** ونفس الأمر بالنسبة للخروج المبكر للمنتخب الإنجليزى، فانعدام الولاء والانتماء كان السبب الرئيسى فى إقصاء الفريق الذى ينتمى إلى أحد أقوى وأفضل الدوريات فى العالم وهو الدورى الإنجليزى، لكننى أتحدث عن المسؤولين فى الاتحاد الإنجليزى لكرة القدم الذين أطلقوا العنان لرابطة الأندية المحترفة التى تدير الدورى الإنجليزى إلى أن وصل بهم الحال إلى أن الدورى الإنجليزى لا يفرز منتخبا قويا ينافس على البطولة، ويكون من الدول العظمى فى كرة القدم، لا يبالى الإنجليز بنتائج منتخب بلادهم فى المونديال، وتركوا الأمر للمسؤولين فى الأندية يتحكمون فى مصير المنتخبات، ويهتمون فقط بالصراع على لقب الدورى الإنجليزى، ولا تفرق معهم نتائج المنتخب فى أكبر بطولة عالمية ينتظرها عشاق الكرة كل أربع سنوات، فهل يعقل ألا يضم فريقا الأرسنال وتوتنهام أى لاعب إنجليزى بين صفوفهما.

يا سادة، كرة القدم لعبة جماعية والهدف من الدوريات المحلية هو إعداد منتخب قوى، وإذا تحققت البطولة أو تم إحراز لقب، فإن الأمر يتعلق بمنظومة داخل الدولة أو النادى الذى يحالفه التوفيق فى أى بطولة، ونفس الأمر بالنسبة لمستوى منتخب الأرجنتين الذى ظهر أداؤه مخزياً وصادماً لعشاقه ومحبيه، ولم يفلح ميسى فى تغيير الفكرة الدائمة عنه وهى أنه غير قادر على قيادة منتخب بلاده إلى منصات التتويج بعكس أدائه مع برشلونة الذى دفعه إلى أن يكون أفضل لاعب فى العالم قبل أن يخطفه منه كريستيانو رونالدو.. وبالتالى أقصد مما تحدثنا عنه من أمثلة أن أى منتخب أو فريق فى العالم قد تكون لديه إمكانيات هائلة ودوافع كبيرة ترشحه للفوز بأى لقب، لكن كل ذلك لا يغنى عن الولاء والانتماء الذى يكون دافعا أكبر نحو البطولة ومنصات التتويج.

* وبنفس المنطق، وعلى النقيض تماماً، أشيد بلاعبى المنتخب الجزائرى أو محاربى الصحراء، كما يُطلق عليهم، الذين شرفوا العرب بأدائهم الرجولى فى مباراة كوريا الجنوبية، ولاحظت الأداء القتالى فى الملعب للاعبين.. والمؤازرة الجماهيرية للفريق فى المدرجات، بالإضافة إلى تخلصهم من العيوب الفنية التى ظهرت فى مباراة بلجيكا، لكن دافع الانتماء والولاء كان سببا رئيسيا فى الفوز برباعية على المنتخب الكورى، لكننى أحذرهم من أن يفقدوا تركيزهم فى مباراة المقبلة لأنها ستكون مواجهة صعبة تحتاج إلى روح عالية وحماس أكبر حتى يتأهلوا إلى دور الـ16.

منتخب الجزائر شرّف الكرة العربية والأفريقية بعد المستوى المتميز الذى قدمه فى البطولة، وقد كلل اللاعبون مجهودهم بفوز مستحق على منتخب كوريا الجنوبية.

* الشعوب العربية لا تختلف كثيرا فى الفكر والرغبة فى التأهل للمونديال، فقد وجدت هنا فى المغرب عددا من الجماهير تسأل نفس سؤال المصريين عن سر عدم تأهل المنتخب المغربى للمونديال منذ سنوات، وهو أمر يحتاج إلى الحديث عنه فى الأسبوع المقبل.

SputnikNews