أخبار عاجلة

منف القديمة التى نهبها اللصوص وإهمال الموظفين

منف القديمة التى نهبها اللصوص وإهمال الموظفين منف القديمة التى نهبها اللصوص وإهمال الموظفين

بقايا أعمدة وأحجار أثرية متآكلة وغارقة فى المياه الجوفية إلا بعض الكتل الحجرية الصغيرة، التى تحيط بها الحشائش والقمامة، وفى الخارج سور من الطوب الأحمر والحديد عليه قفل صدئ يدل على أن أحدا لم يقترب منه منذ سنوات. بجوار السور الحديدى ترتكز لافتة مكتوب عليها «مشروع إنشاء سور حول معبد بتاح» هذا هو كل ما تبقى من معبد الإله «بتاح» بميت رهينة، أو «منف» أول عاصمة موحدة لمصر شيدت فى عهد الملك «مينا»، موحد القطرين، مؤسس الأسرة الأولى، عرفت المدينة بأسماء رئيسية ثلاثة هى إنب حـﭻ (الجدار الأبيض)، و«من نفر» (ثابت وجميل)، و«ميت رهنت» أى «طريق الكباش»، ويرتبط باسمها أشهر وأكبر جبانات (جبانة منف)، وإليها سعى ملوك مصر ليتركوا فيها أثراً تخليداً لذكراهم.

من هذه المدينة خرج تمثال رمسيس الثانى، الذى كان يزهو به ميدان رمسيس بالقاهرة قبل نقله إلى موقع المتحف الجديد بميدان الرماية بالقرب من أهرامات الجيزة.

أما الإله «بتاح»، صاحب هذا المعبد، فتقول عنه نظريات الخلق فى مدينة منف القديمة إنه إله الخلق، وتم تقديسه عند الملوك الفراعنة.. هذا عن التاريخ، لكن حاضر المعبد هو تحويله إلى مكان مهجور لا يدخله أحد ومحاط بسور من الطوب الأحمر، وغارق فى المياه الجوفية، التى أخفت معالمه، والدليل الوحيد على اسمه هو اللافتة التى وضعتها هيئة الآثار.

للوصول إلى المعبد تمر من خلال شوارع ضيقة لا تسع أكثر من سيارة واحدة، يلقى السكان المحليون بالرمال والطمى الجاف لتجفيف الأرض قبل البناء عليها، المنطقة المحيطة بالمعبد مباشرة تحولت إلى مخازن للحبوب وورش لصيانة الجرارات الزراعية. يقول أحد السكان، رفض ذكر اسمه، «المكان ده تبع الآثار بس محدش بيجى يفتش، أو يهتم بيه وإحنا بنينا حواليه سور بالطوب علشان نحميه، لكن المياه الجوفية أغرقته، المعبد ده على وضعه من قبل الثورة وكل شويه يتكسر زيادة، وهو منسى تماما، وكل الاهتمام رايح لآثار سقارة ومتحف ميت رهينة محدش بيبص لحال معبد بتاح».

يشير عبدالنبى الملط، مؤسس مجلس مدينة العزيزية، التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة، إلى تخصيص 40 مليون جنيه لتطوير منطقة معبد الإله بتاح، حتى تكون مصدرا للدخل السياحى لأهل المنطقة، لكن كل مشاريع التطوير المزعومة متوقفة، والوزارة مقصرة حتى فى حماية المعبد أو بقاياه.

يقع خلف السور المحيط بمعبد بتاح مصرف مائى تم حفره لشفط المياه من مناطق الحفائر الأثرية، لكنه أصبح مستنقعا للقمامة، وتفوح منه رائحة الصرف الصحى، وتملؤه القاذورات، وهو ما رفع مستواه حتى أصبح موازيا للطريق، فعادت المياه مرة أخرى لمناطق الآثار.

يقول شاكر السعيد، أحد السكان المجاورين لمعبد بتاح «قدمنا شكاوى كثيرة لوزارة البيئة، بسبب تراكم القمامة فى المصرف، وارتداد المياه داخل المعبد مرة أخرى، وكذلك داخل بيوتنا، ولكن لم يستجب أحد».

«المصرى اليوم» شاهدت مقاطع مع الأهالى أكدوا أنها تكشف تعديات وسرقات للمعبد، ولم يتسن للصحيفة التأكد من صحتها عبر مصدر محايد، إلا أن الدكتور محمد عبدالمقصود، رئيس قطاع الآثار بالوزارة، نفى وجود تعديات أو سرقات من معبد بتاح بمنطقة ميت رهينة الأثرية.

يقول عبدالمقصود «مناطق الآثار بكل المحافظات لديها تعليمات مشددة بالإخطار فى نفس اليوم عن أى تعديات، والإزالة الفورية إذا أمكن طبقا للحالة الأمنية»، مشيرا إلى أن هناك عشرات البلاغات الوهمية والفيديوهات الملفقة، ولكننا نتعامل مع كل البلاغات بنفس الدرجة، للتأكد من صحتها، والإعلان عنها بمنتهى الشفافية.

لم يكن معبد بتاح هو الأثر الوحيد، الذى غمرته المياه الجوفية، وأخفت معالمه، فبالقرب منه يوجد معبد الإله أبيس فى منطقة «تل العزيز»، كما يسميها السكان، التى لم يتبق منها غير أطلال وحجارة وسور يدل على وجود معبد كامل فى هذا المكان فى يوم من الأيام، فالطمى ومياه الصرف الصحى والرمال غطت المنطقة، وأخفت ملامح المعبد.

يقع تل العزيز بقرية العزيزية التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة، حيث يشتكى السكان من سوء البنية التحتية، وانقطاع المياه بشكل مستمر وتداعى الصرف الصحى.

يقول عبدالنبى الملط، مؤسس مجلس مدينة العزيزية، التابعة لمركز البدرشين «تل العزيز يقع على مساحة 1500 فدان، تبقى منها 600 فقط، ويرتفع التل بين 10 و15 مترا عن مستوى المنازل المحيطة وسط مساكن ريفية وأراضٍ زراعية، وكل ما تبقى من المعبد عبارة عن سور صغير متهدم، وما تبقى من المعبد من حجارة يرقد أعلى التل».

تقول سالى سليمان، مرشدة سياحية، عضو الحملة المجتمعية للرقابة على الآثار، التى رافقت «المصرى اليوم» فى رحلتها للمناطق الأثرية، إن هذه المنطقة سميت باسم «تل العزيز» نسبة إلى أسطورة وجود قصر عزيز مصر الوارد ذكره فى قصة النبى يوسف، الذى اتخذه مقرا لحكمه عندما أصبح عزيز مصر، كما أن به ممرا من منف حتى مقابر السيرابيوم، وتقول الأسطورة أيضا إن سقارة كان بها سجن النبى يوسف الصديق».

تضيف «منطقة تل العزيز كانت عبارة عن منطقة زراعية، لكن فى السنوات العشر الأخيرة اختفت الأراضى الزراعية حول المعابد، ولجأت كساحات الصرف الصحى إلى تفريغ محتوياتها فى حرم أرض المعبد، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية، الذى غطى أطلال معبد بتاح وتل العزيز.

على أطلال المعبد توجد آثار للصوص حاولوا الحفر.. مجموعة من الحفر الصغيرة، يقول عنها أحد خفراء المنطقة الأثرية منذ 40 عاما «أنا عارف إن المكان ده يرجع لعصر سيدنا يوسف، وإنه كان مكان مهم زمان ولازم أحميه، كل يوم بنلاقى ناس بتحاول تسرق التل، ولكن هيئة الآثار مش بتدى أى مكافآت أو تسليح علشان نقدر نحمى المكان»، يضيف: «أنا مسكت فى عمرى كله اللى اشتغلته حوالى 70 حرامى آثار بيحفروا هنا ومخدتش مكافأة واحدة على اللى عملته، علشان كده فى كتير من الخفر بيسيبوا المكان لبتوع الصرف الصحى وبيسترزقوا منه، وبيسيبوا عربيات الكسح وبواقى المبانى تترمى هنا وأهو بياخد قرشين طالما الوزارة مش مديانا حقنا».

SputnikNews