عضلـة القلـب هـى أهـم عضلـة فـى جسـم الإنسـان، وموجـودة فـى وسـط الصـدر، وليـس علـى اليسـار، كمـا يظـن البعـض، كما تقـوم بتغذيـة الجسـم بالـدم باستمرار عـن طريـق الانقباض والانبساط بمعـدل حوالـى ٧٥ دقة فى الدقيقـة لتقـوم بذلـك بضـخ خمـس لترات مـن الـدم للجسـم فى دقيقـة واحـدة.
وبمـا أنهـا تعمـل باستمرار فهى تـدق حوالى 100 ألـف دقـة فى اليـوم تقـوم فيهـم بضـخ أكثـر مـن سبعـة آلاف لتـر مـن الـدم يوميا بـلا توقـف، لذلك لابـد مـن توافـر الغـذاء الكافى لهـذا العمـل الشـاق فقد خلـق الله لهـذه المهمة شراييـن تلتـف حـول القلـب وتتفـرع وتتشابـك كالتـاج ولهـذا تسمـى "بالشراييـن التاجيـة" وهـى الشراييـن المغذيـة للقلـب, ورغـم أن القلـب هـو العضـو الذى تخـرج منـه جميـع الشراييـن المغذيـة للجسـم وهـو مملـوء بالـدم طـوال الوقـت فمـع ذلـك لا يستطيـع أن يحصـل علـى حصتـه مـن الغـذاء مـن الـدم الذى بداخلـه ولكـن يحصـل علـى نصيبـه عـن طريـق هـذه الشراييـن الخاصـة بـه والتى تخـرج منـه لتغذيتـه هـو بنفسـه.
وفـى هـذه الأيـام أصبحنـا نـرى كثيـرا مـن النـاس تتجـه لعمـل قسطـرة فى القلـب ودعامـات لتوسيـع الشراييـن التاجيـة، وعمليـات قلـب مفتـوح وللأسـف كثير منهـا يمكـن تجنبـه لـو تـم العـلاج الدوائى بشكـل صحيـح.
تبـدأ القصـة عندمـا يشعـر المريـض بألـم فى القلـب مـع المجهـود, ونستطيـع أن نقـول إن ألـم القلـب لـه صفـات وهـى: أن الألـم يكـون منتشـرا فى وسـط الصـدر ويزداد مـع المجهـود ممـا يجعـل المريـض يتوقـف مـن شـدة الألـم، فيختفى الألـم بعدهـا بدقائـق.
ومـن خصائـص الألـم أنـه يأتى بالمجهـود وذلـك لأنـه إذا بـذل الإنسان أى مجهـود تـزداد طبيعيا سرعـة ضربـات القلـب ويرتفـع ضغـط الـدم ممـا يجعـل القلـب يبـذل مجهـودا أكثـر فيحتـاج إلى كميـة أكبـر مـن الـدم لتغذيتـه وهـو ما لا تستطيـع الشراييـن التاجيـة، أن تمـده بهـا حـال ضيقهـا, فيحـدث ألـما شديـدا فى الصـدر، يجعـل المريـض يتوقـف فتهـدأ ضربـات القلـب ويقـل الضغـط وبالتالى يقـل مجهـود القلـب فيكفيه مـا يصـل إليـه مـن دم يغذيـه فيختفى الألـم بعدهـا بدقائـق.
وهنـا يجـب علـى المريـض أن ينتبه إلى عوامـل الخطـورة التى أدت لضيـق الشراييـن التاجيـة المغذيـة للقلـب وهـى ارتفاع ضغـط الـدم، وسرعـة نبضـات القلـب ومـرض السكـر، وارتفاع نسبـة الكولسترول والدهـون بالـدم وزيـادة الـوزن وعلـى رأسهـم التدخيـن..
وهنـا يتوجـب علـى المريـض ألا يسـرع بالاتجاه إلى القسطـرة أو التدخـل الجراحى, فمـن الجديـر بالذكـر أن العلمـاء الذيـن اخترعوا القسطـرة أنفسهـم أوصـوا بـأن القسطـرة لابـد أن تكـون السبيـل الأخيـر للعـلاج بعـد استنفاد كـل الأساليـب العلاجيـة بالأدويـة لضبـط عوامـل الخطـورة.
> وذلـك لأنـه إذا استطعت بالأدويـة أن تقـلل ضربـات القلـب فـلا تزيـد عـن 60 دقـة بالدقيقـة, وتضبـط ضغـط الـدم فـلا يزيـد عـن 130/80 فسـوف يقـل المجهـود الذى تبذلـه عضلـة القلـب وبالتالى فسيكفيهـا مـا يصـل إليهـا مـن دم حتـى ولـو كانـت الشراييـن المغذيـة لهـا ضيقـة بـل أنهـا ستتسـع بمـرور الوقـت مـع استخدام الأدويـة المخفضـة للكولسترول وأدويـة ضبـط السكـر والأسبريـن لمنـع حـدوث تجلـط ووقـف التدخيـن.
وعلـى العكـس فإنـه إذا ارتفـع ضغـط الـدم وزادت ضربـات القلب، وذلـك ما يحدث لـدى مرضـى ارتفـاع الضغـط, فسـوف يـؤدى ذلـك إلى زيـادة المجهـود الذى تبذلـه عضلـة القلـب فلـن يكفيهـا مـا يصـل إليهـا مـن دم عبـر الشراييـن التاجيـة المغذيـة لهـا حتـى ولـو لـم تكـن ضيقـة.
إذن فالميـزة مـن الأدويـة أنهـا تقـوم بتقليـل مجهـود القلـب، وبالتالى تحسـن الألـم بشكـل كبيـر بـل أنهـا تقـوم بتوسيـع الشراييـن علـى المـدى البعيـد, وعلـى العكـس فـإن الدعامة تقـوم بتوصيـل الـدم عـن طريـق توسيـع الشريـان، ولكنهـا تحمـل خطـورة أن تضيـق مـع مـرور الوقـت أو يتجلـط الـدم بداخلهـا فتسبـب انسدادا كامـلا للشريـان بالإضافة إلى تكلفتهـا المرتفعة بالمقارنة بالعـلاج بالأدويـة.
إذن فالرسالـة النهائيـة لمريـض القلـب الذى سيتوجـه قريبا لعمـل قسطـرة أو تركيـب دعامـات أو إجـراء عمليـة قلـب مفتـوح لتوصيـل الشراييـن, أقـول لـه أن الأبحـاث العالميـة أثبتـت أن العـلاج الدوائى أفضـل بمراحـل مـن التدخـل الجراحى، وأقـل تكلفـة وأقـل مضاعفـات فـلا نتجـه إليهـا إلا بعـد استنفاذ كـل الوسائـل العلاجيـة لضبـط عوامـل الخطـورة التى ذكرناهـا.