ارتفع فى الفترة الأخيرة معدل الاغتيالات، التى تقوم بها الجماعات الإرهابية لرجال الجيش والشرطة.. وبدا الأمر وكانت هناك ثغرات فى عمليات التأمين، أو عدم الحيطة والحذر اللازمين، أو نقص فى المعلومات، وهو ما تم استغلاله من قبل هذه الجماعات فى توجيه ضرباتها واصطياد فرائسها بسهولة ويسر.. واضح أن الأجهزة الأمنية لم تستعد عافيتها الكاملة بعد، علاوة على أن مسرح المواجهة مع الإرهاب واسع وممتد.. إذ منذ ثورة ٢٥ يناير أصبحت مصر، خاصة سيناء، ميدانا فسيحا لاستقبال الآلاف من «الجهاديين»، الذين أفرج مرسى عن بعضهم.. هذا فضلا عن تدفق الكميات الهائلة من السلاح، التى تم تهريبها من ليبيا، وربما من السودان أيضا.
لم يكن اعتصاما رابعة والنهضة مقصورين على الإخوان فقط، بل كانا متضمنين أيضا جماعة إسلامية، وسلفيين، وجهاديين، إضافة إلى مسلمين عاديين، وهؤلاء كانوا أصحاب مصلحة فى عودة مرسى والإخوان إلى سدة الحكم.. فى اللحظات الحرجة ينكشف المستور.. تصريح البلتاجى أثناء اعتصام رابعة، الذى قال فيه: «إنه فى اللحظة التى يعود فيها الدكتور مرسى لممارسة كامل صلاحياته سوف تتوقف العمليات الإرهابية فى سيناء» كان فى لحظة حرجة.. كذلك كانت تصريحات السلفيين الجهاديين، الذين قالوا: «إن السيسى بذلك حيحرق مصر، وحيخلق طالبان جديدة، وحتكون تفجيرات بريموت كنترول وسيارات مفخخة».. منذ ذلك التاريخ، بدأ تصاعد الإرهاب.
تعتبر جماعة «أنصار بيت المقدس» بقيادة «شادى المنيعى» واحدة من الجماعات الإرهابية فى سيناء، ولها فيما أظن خلايا عنقودية فى بعض محافظات مصر، وقد جاء بصحيفة «الشروق» (٢١ نوفمبر) أن التحقيقات نسبت إلى «شادى» أنه أصدر أوامره لأربعة أعضاء من التنظيم لمساعدة ضابط بالأمن القومى بحركة «حماس» فى تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال فى الفترة المقبلة لعدد من الضباط، بينهم ضباط من جهاز «الأمن الوطنى»، و«الجيشين الثانى والثالث الميدانى»، وقد أعلنت هذه الجماعة مسؤوليتها عن كثير من الأعمال الإرهابية، التى وقعت خلال الفترة الماضية كتفجير مديرية أمن جنوب سيناء، واغتيال الرائد «محمد أبوشقرة»، الضابط بجهاز «الأمن الوطنى»، ومحاولة تفجير مبنى المخابرات الحربية بالإسماعيلية، ومحاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، كما أعلنت مسؤوليتها عن اغتيال المقدم «محمد مبروك»، الضابط بجهاز «الأمن الوطنى»، وقيل إن تفجير الحافلة، التى كانت تقل مجندين على طريق العريش- رفح، الذى راح ضحيته ١١ جنديا يحمل بصمات جماعة «أنصار بيت المقدس»، ومن المحتمل أن يكون اغتيال النقيب «أحمد الكبير»، الضابط بالأمن المركزى، قد تم على يد إحدى الخلايا التابعة لهذه الجماعة.
جاء بصحيفة التحرير، (٢٠ نوفمبر)، على لسان والدة الضابط «مبروك» أنه أخبرها بتلقيه تهديدات بالقتل من البلتاجى والعريان أثناء اعتصام رابعة، وأنهما طلبا منه إغلاق ملفات القضايا، التى يباشرها حول تخابر مرسى، وقيادات الإخوان، حيث كان الرجل مسؤولا عن ملفات سرية وخطيرة تخص العلاقة بين دول كبيرة والإخوان، فضلا عن مسؤوليته فى الكشف عن ضباط جهاز «الأمن الوطنى»، الذين ارتبطوا أو كانت لهم صلة بالإخوان.
لقد أطاحت ثورة ٣٠ يونيو، وانحياز الجيش لها بأحلام الكثيرين.. أثارت غضبهم وحنقهم.. هناك كلام يتردد - يحتاج جهودا لتوثيقه - حول ضلوع عدة جهات، كل منها ساهم بدوره وطريقته فى أعمال العنف والإرهاب وإثارة الفوضى فى مصر؛ القاعدة والجماعات الإرهابية المنتمية لها، التنظيم الدولى للإخوان، الإدارة الأمريكية، العدو الصهيونى، تركيا، قطر، ليبيا، السودان، فضلا عن الضباط، الذين كشف عنهم «مبروك»، لكن ترى ما دور حماس؟! أعتقد أن الأجهزة الأمنية والنيابة العامة فى سباق مع الزمن، للكشف عن حقيقة ذلك كله.
هل هناك ارتباط بين التظاهرات فى الشارع والجامعات من ناحية، والأعمال الإرهابية، التى وقعت من ناحية أخرى، حيث تقوم الأولى بدور إشغال الأجهزة الأمنية، وجذب انتباهها، حتى يخلو الجو للإرهابيين لتوجيه ضرباتهم؟! بعض المحللين يرون أن الإخوان متورطون فى أعمال العنف والإرهاب.. فى الوقت ذاته ليس لديهم حرص على تقديم ما يبرئ ساحتهم.. والمشكلة أنه لم يعد هناك من يصدقهم.