في ذكرى "الأربعين".. الراحل صفاء عامر في آخر حوار له: معظم "الإخوان" أطباء تحاليل.. وسلوك المواطن تغير

في ذكرى "الأربعين".. الراحل صفاء عامر في آخر حوار له: معظم "الإخوان" أطباء تحاليل.. وسلوك المواطن تغير في ذكرى "الأربعين".. الراحل صفاء عامر في آخر حوار له: معظم "الإخوان" أطباء تحاليل.. وسلوك المواطن تغير
مندهش من مرسى يفتح صدره فى الميدان ثم يمشي فى حراسة 37 سيارة

كتب : نورهان طلعت تصوير : محمد عمر الجمعة 27-09-2013 16:47

أجرت "الوطن" هذا الحوار مع المؤلف الراحل محمد صفاء عامر في بيته قبل وفاته بعدة شهور، لكن لسبب ما لم يجد طريقه للنشر. واليوم وبمناسبة ذكراه الأربعينية ننشر هذا الحوار، وه آخر ما أجراه المخرج الراحل من حوارات.

دعاة الفضائيات "شيوخ منسر".. وأرفضهم شكلا ومضمونا

التقينا بالكاتب والمؤلف محمد صفاء عامر ليشرح لنا أسباب الأزمة السياسية في الشارع المصري، وليضع سيناريو للخروج منها .. بهدوء تحدث لـ "الوطن" مؤكدا أن أزمة الرئيس "مرسى" - حينها - هى عدم قدرته على الانفصال عن جماعة "الإخوان"، وأن تشكيل حكومة قنديل يثير الضحك، ومن رابع المستحيلات أن تعبر بمصر إلى بر الأمان.

* الواقع السياسى الذى تعيشه الآن يحمل مزيدا من المخاوف.. في رأيك ما السيناريو اللازم للخروج بمصر من الأزمة؟

- أراه واقعا بالغ السوء والخطر، مصر تنحدر نحو الهاوية والخروج من الأزمة يحتاج توافق وترك المغالبة لكن سبب المأزق الأساسى هم الإخوان المسلمين، فلا توجد لديهم قدرة على الرؤية، ويضعون الحكم هدف أمام أعينهم وليس سواه، وهذا الحكم لابد أن يقترن بتفهم ونظرة وتصور لما سيكون عليه حال مصر لكن كل شيء مرجأ بالنسبة لهم للتمكين والحكم، والمصريين خدعوا فيهم فتصورنا أنهم ذوو إمكانيات لكن اكتشفنا أن ما لديهم هو الخواء، وأغلبهم أطباء تحاليل فما علاقة التحاليل بالسلطة والحكم .

* فى رأيك، ما أزمة الرئيس مرسي الأساسية؟

- هى أزمات وليست أزمة واحدة، فأول هذة الأزمات أنه غير قادر على الانفصال عن جماعة الإخوان المسلمين، وترتب على ذلك عدة مشاكل له، أولا "الحنث باليمين"، وهناك أناس كثيرون من الذين يستوجب أن يحلفوا اليمين قبل ممارسة عملهم يتصورون أن هذا أجراء شكلى، بينما هو ليس كذلك، سواء كان رئيس أو وزير أو قاضٍ فهم فئات يحتم عليهم القانون أن يحلفوا يمين قبل أداء مهامهم، فهو إجراء موضوعى، فحين يقسم أى مسؤول أن يؤدى عمله بإخلاص وأمانة يجب أن يلتزم بهذا أخلاقيا وأيضا دينيا، وفى الإسلام يسمى هذا "يمين غموس"، والرئيس مرسى أقسم يمين ثلاث مرات لكنه لم يلتزم، وذلك لقوله بأنه رئيس للمصريين جميعا وتبين أنه رئيس جماعة الإخوان المسلمين، وحتى هو ليس رئيسها لكنه منفذ لتعليماتهم وفقا لقانونهم، وهو السمع والطاعة، وثانى شيء أنه لم يعبأ بغضب الشارع المصرى عليه، فظن أنه فى حماية جماعته وبالتالى هى كفيلة بهذه الحماية، وثالث شيء تسرعه الشديد فى ممارسة الأبهة والفخامة التى تبدو مثيرة للدهشة فى المواكب والأمن الزائد، وهى صورة أخرى من صور حنثه، باليمين ففتحه للجاكت بميدان التحرير وأبعد الحراس، لكننا نفاجأ بمواكب الحراسة لتصل فى المرة الأخيرة التى ذهب فيها لمجلس الشعب إلى 37 سيارة من أفخم السيارات، لذلك يجب على الشعب المصرى أن يعرف مخصصات الرئيس وميزانية الرئاسة وأوجه الصرف ولم يتحدث أحد عن هذه المخصصات قبل ذلك، لأننا لم نقم بالثورة ليكون ما كان يظل، فيجب أن تكون هناك شفافية كاملة وسد منافذ الفساد، وأعتقد أن ميزانية الرئاسة أعلى من ميزانيتها فى عهد مبارك، وأضيف على أزمات مرسى أيضا أنه لا يفرق بين كونه داعية وكونه رئيسا، فخطبه للشعب أقرب إلى خطب الداعية وخطب جوفاء، فلابد أن يكون هناك صورة مختلفة لرئيس الدولة، وكذلك انعدام الثقة بينه وبين الشعب نتيجة الحنث باليمين والاستقواء بالجماعة وعدم اهتمامه بفئات الشعب الأخرى، فكانت النتيجة أنه أقام جدارا عازلا بينه وبين الشعب المصرى.

* هناك من يرى أن الرئيس لم يأخذ فرصته فى الحكم حتى يحكم عليه الشعب بالفشل، فما رأيك ؟

- هناك العديد من الأشياء لا تحتاج لفرصة للحكم عليها، ولا تحتاج لتكلفة مالية، مثل نظافة الشوارع، فحال شوارع القاهرة تحديدا أسوأ حالا عن ذى قبل، فهى لا تحتاج لوقت وكانت من أولوياته، فلابد أن يكون هناك مشروع قومى لا نريد أن ينجزه بل على الأقل يعلن عنه.

* هل ترى أن الحالية قادرة على العبور بمصر من هذه المرحلة الحرجة؟

- الوزارة الحالية تثير الضحك بدءا من رئيسها مرورا بكل الوزراء، فلا توجد لديهم قدرة على الإطلاق للقيام بأى نشاط، فما يفكرون فقط فيه هو كيفية الحكم وسبيل هذا هو النجاح فى الانتخابات القادمة والسيطرة على المحليات والشارع والأمن وهذه التغيرات لا صلة لها بمصالح الشعب بل بمصالح الجماعة، وهى كيف تنجح الجماعة فى الاستمرار بالحكم وهذا ما سيقضى عليهم .

مساؤى النظام الجديد تفوق عصر مبارك.. ومن الصعب التنبؤ بالأحداث المقبلة

* هل أنت متفائل أم متشائم بالمرحلة المقبلة؟

يصعب أو يستحيل التنبؤ بردود أفعال المصريين، فلم يتصور أحد على الإطلاق ، قبل 25 يناير، أن هناك ثورة ستقوم، لكن ما حدث شيء يفوق أكثر من الأحلام وهو الجنون، وبهذه الحماسة وبسواعد الشباب فهذا يؤكد أن ردود أفعال الإنسان المصرى لا يمكن التنبؤ بها، حتى نتفاءل أو نتشاءم، ويضاف إليها شيء مهم وهو أن هناك تغيرا نوعيا فى سلوك الإنسان المصرى وهو ما لا تستوعبه جماعة الإخوان، فمن عهود الخمسينات إلى 25 يناير وهو ساكن وهادئ ويتحمل لكن بعد الثورة نفاجأ بتغير مسلك ال‘نسان المصرى، فأصبح لا يعبأ حتى بالموت ولديه جرأة متناهية وتمرد على السلطة، فشعب بهذا التغير يزيد من احتمالات عدم القدرة على التنبؤ.

* هل ترى أن هناك أهدافا حققتها الثورة حتى الآن؟

- لم يتحقق أى هدف، وسمعت فى لقاء تليفزيونى مع أحد الوزراء أن العيش تحقق، وقال لا يوجد طوابير على العيش وبهذا فتحقق هذا المطلب فهذه هى النظرة الساذجة للمسؤول، فالعيش الموجود حاليا بالنسبة للإنسان المصرى مسألة لا آدمية، أما الحرية فيعتقد البعض أنها بالكلام، وأن يطلق العنان للشعب فى أن يتحدثوا بحرية، فهذا غير صحيح، فهناك كلمة مشهورة تعتبر دستور الحكام المستبدين قالها معاوية بن أبى سفيان "إنا لا نحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين سلطانهم"، أى إن أردت الكلام تكلم لكن تأكد أن كلامك لن يغير في الوضع، ولا توجد أى حرية فى ضوء الإعلان الدستورى الغريب الذى أعلنه الرئيس مرسى ليحصن قراراته ويقول بمقتضاه "أنا ربكم الأعلى" ثم يتراجع فيه نتيجة الضغوط بإعلان آخر لا يختلف كثيرا وأين هى الحرية فى العدوان على السلطة القضائية أى حرية نعيشها فى عصر كتب فيه الدستور بهذا الشكل وانفرد فيه التيار الدينى بكتابته.

* البعض يرى الدستور يحمل مواد خلافية كثيرة .. تتفق أم تختلف مع هذا الرأي؟

- بكل تأكيد اتفق معه، وأكبر دليل البندان التاسع والعاشر عن استقلال القوات المسلحة ماليا، واعتبارها دولة داخل الدولة، وكان الإخوان أول الثائرين على هذه البنود، وأذ نفاجأ بضم هذه المواد فى الدستور إلى جانب الصياغة السيئة للدستور، التى تكرس أن يكون هناك فى المستقبل سلطة دينية، لوجود عبارات مطاطة يمكن تفسيرها بأكثر من تفسير، وهى ليست مهمة الدساتير.. فالدستور مهمته أن يكون النص واضح وصريح، لذلك فالطعون على هذا الدستور كثيرة لذلك أعتقد أن هذا الدستور لن يعيش وسيكون مصيره مثل مصير دستور إسماعيل صدقى فى سنة 1930 من القرن الماضى، فالمسألة المهمة والمخيفة فى نفس الوقت هى عدم إيمان جماعة الإخوان المسلمين بالدولة المدنية، واستخدام كافة الوسائل التى لديهم من تكفير العلمانية دون أن يحددوا معنى للعلمانية ويعتبروها تهمة ومرادفة للكفر.

* هل أنت مع أم ضد المطالبات بمظاهرات يوم 25 يناير القادم؟

- لا أحب مسألة إسقاط النظام فلا يجب أن نستمر فى تكرار هذا المصطلح كلما لم يعجبنا النظام، لكن يبدو أن هذا التعبير سيكون ضرورة فى الفترة القادمة لأنه ليس هناك أسوأ من نظام مبارك ألا هذا النظام فهو نظام يحمل كل سمات حكم مبارك إضافة إلى مساوئ إضافية.

* هل لديك ملاحظات على أداء جبهة الإنقاذ؟

- أحترم الجبهة كثيرا لأنهم أنجزوا أهم شئ وهو أنهاء حالة التشرزم من قوى المعارضة وهذا فى حد ذاته شئ عظيم فأعتبر البرادعى هو أيقونة الثورة والشخص الوحيد الذى بدأ هذه الثورة ووصل إلى زهده فى المناصب إلى حد الانسحاب من انتخابات الرئاسة لأنها لم تعجبه، لذلك هو بقدر قامته وقيمته الهجوم عليه وفى الهجوم على الجبهة نجد أنه يحصد نصيب الأسد، لأنه الأنسان المخيف أكثر من غيره، وهناك محاولات لإحباط وجوده وأفكاره ومخيف لدعاة الاستبداد والأخونة، أما الباقين سواء عمرو موسى أو صباحى أجد فيهم الأمل الوحيد فى انتشال مصر من هذا المصير المخيف نحو دولة دينية لأنه إذا استمر هذا الاتجاه فسننتهى به إلى تقسيم مصر، فمصر طوال عمرها دولة واحدة متماسكة لكن الدولة الدينية ستدفع مصر إلى خطر التقسيم لنكن مثل السودان، وتوجد أهداف هى ليست أهداف خفية وراءها الولايات المتحدة التى تعيد تقسيم الشرق الأوسط.

* ما رأيك فى حملات الهجوم على الفن والمبدعين؟

- الإسلام الإخوانى والسلفى هو إسلام الفتاوى، وهو يختلف عن الأسلام الوسطى المصرى، فمصر تمتلك تراثا فنيا ضخما ممتدا من فنون النحت، من الفراعنة إلى فنون السينما الحديثة، من بدايات القرن الماضى وهذا ما لا يعرفه هؤلاء، لأن الإسلام البدوى والصحراوى لا يعرف سوى الناقة والهمجية، ولا يهتمون بالفنون أو ربما لا يفهمون معناها ولا يستطيعون فهم أن دولة بلا فن أو إبداع محكوم عليها بالفناء، فأفكارهم قبلية وبدوية وما يقومون به محاولة لتغير وجه مصر والقضاء على هذا الوطن وهى كارثة حقيقية، لكن أعتقد أن مصر أقوى من ذلك.

* وما رأيك فى شيوخ القنوات الفضائية والدور الذى يقومون به فى التضييق على الإبداع؟

- لا أشاهد هؤلاء الشيوخ لأنهم يستفزوننى شكلا وموضوعا .. الداعية يجب أن يكون سمح الوجه وهادئا، لكنهم أقرب إلى "شيوخ المناسر" وبهم جلافة وقسوة لا يمكن أن تكون من صفات رجل الدين، وهى تخالف صريح الآيات القرآنية، أو تتأسى بصفات رسول الله، لكنهم ينطقون بفتاوى فى غاية الغرابة على فكر إنسان عاقل، فعندما يقول شخص لابد أن نهدم أبو الهول، ويقول الآخر حرام أن نهنئ الأقباط بأعيادهم والمعازف حرام ونفاجأ بأنهم لا يقفون للسلام الجمهورى المصرى ويقفون للسلام الجمهورى الأمريكى عندما كانوا فى السفارة الأمريكية، فأقوالهم كثيرة لكن الأغرب هى أفعالهم، مثل حصار مدينة الإنتاج الإعلامى والمحكمة الدستورية وحرق مقر حزب الوفد، فكلها أفعال لا يأتيها أناس بها صلاح أو إيمان، فهى أفعال عصابات.

* ما الدور الذى يجب أن يقوم به المبدعون للمحافظة على حرية الإبداع؟

- المشكلة هى الحالة العامة التى أصابت مصر من اضطرابات سياسية ألقت بظلالها على المنتج الذى أصبح متواريا، ولا يستطيع الإنتاج فى الظروف الحالية، لكننا ننتظر بعد 25 يناير القادم إذا استقر الحال وعاد الإنتاج الدرامى سيكون للمبدع دور، فالرد عليهم مرهون بهدوء الأوضاع لنستمر فى الإنتاج.

* ما هو الحدث الذى لفت انتباهك بعد الثورة ويستحق أن تكتب عنه عملا فنيا؟

- لفت نظرى تغيير فى سلوك الإنسان المصرى من السكون إلى العنف، لكنه من المفترض إذا كان فى مساره الطبيعى كان سيكون فى مساره المحمود، لكنه خلط بين العنف فى الحق والبلطجة، وأصبح الهجوم على سلطات الدولة، بخاصة وزارة الداخلية، أمرا مستباحا، بينما من المفترض أن يكون هذا التغير به ترشيد ويميز الإنسان المصرى بين الفوضى والثورة.

* تكتب دائما عن الصعيد .. هل ترى أن الصعيد مظلوم واقعيا وفنيا؟

- الصعيد مظلوم واقعيا من ناحية الإهمال والفقر والجهل، لذلك من السهل أن تشيع فيه التيارات الإرهابية والسلفية، ويفوز فيه الإخوان المسلمين فى كل الانتخابات بمنتهى السهولة، فهى مناطق العبث التى يسيطرون عليها، لذلك أنا شديد الحزن على أهلى فى قنا، أن يكون التصويت بها عالٍ للتيارات الدينية، ولا أعرف سبب ذلك الفقر أم الجهل، فحتى محافظة مثل أسوان فدائما نعتبرها من أطيب المحافظات شعبا ولا يوجد بها عنف، لكن حاليا أرى العنف قد طالها والعنف مغفور له أن يكون فى قنا أو أسيوط أو سوهاج، لكن فى أسوان يجعلنى أندهش، وهو من جملة التغيير النوعى الذى حدث للشعب المصرى، وبالتالى فهو مظلوم على كل المستويات سواء فنيا واقتصاديا، وحالته أصبحت "تصعب على الكافر".

* ما أعمالك فى الفترة القادمة ؟

لدى العديد من الأعمال الدرامية المتراكمة لكن لا يوجد من ينتجها، فجميع أعمالى متوقفة، فالمسلسل حاليا يكلف بالمتوسط 30 مليون جنيه، وكل منتج يخشى أن يضع أمواله فى عمل ولا تعود له أرباح، أو يتكبد خسائر بسبب الأوضاع الحالية.

ON Sport