فإنني سأتكلم في هذا المقال القصير عن موضوع مهم لبعض الناس في الحج، وهي مسألة: هل للمرة أن تحج بغير محرم؟
قد يحدث أن هناك من النساء من ليس لها محرم يستطيع ان يحج بها، وأو نتم تعلمون ان المرأة لا تسافر إلا بمحرم، فهنا يقع الإشكال عند كثير من النساء: هل يجب عليها ان تج؟ وإذا لم تحج هل ستؤثم ويكون ذلك الحج في ذمتها؟ هي تخاف ان تمرض، تخاف ان تموت، تخاف ان يمضي العمر وهي ترى النساء من حولها قد حججن وهي لم تحج، فما الحل؟
اعلم - وفقك الله ورعاك - ان العلماء مختلفون في هذه المسألة، وهي مسألة اشتراط المحرم في الحج للمرأة:
أ - فمن العلماء من يرى اشتراط وجود المحرم لكي تحج المرأة، ومما يستدلون به:
1 - قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم» رواه البخاري ومسلم.
2 - عن أبي عباس - رضي الله عنهما - ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله، ان امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: «انطلق فحج مع امرأتك».
ب- ومن العلماء من يرى انها تحج بلا محرم، ويستدلون بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم الطائي: (هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف الكعبة لا تخاف أحدا إلا الله.. الحديث) رواه البخاري.
فيقولون: ان هذا الحديث دليل على عدم اشتراط المحرم، بل يرون - وهم بعض الشافعية - انها تسافر لوحدها للحج حتى دون رفقة.
ج - وقد قال بعض العلماء - من المالكية - انه يجب ان يكون معها محرم، لكن إن لم يذهب المحرم معها لعجز أو غيره، فإنها تسافر مع الرفقة المأمونة: الأفضل مع النساء والرجال.
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الى جواز سفر المرأة بحج الفريضة من دون محرم - إن عُدم - إذا أمنت على نفسها.
وقد اختار الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في رواية، ان الحج مع الرفقة المأمونة تكون للعجوز دون الشابة، ونقل الماوردي - رحمه الله - في الإنصاف، وعنه: لا يشترط المحرم في القواعد من النساء اللاتي لا يُخشى منهن ولا عليهن فتنة.
وخير ما نختم به:
1 - حينما سُئل الشيخ ابن باز - رحمه الله تبارك وتعالى - عن حج المرأة بلا محرم، بيّن قائلا: «لا يجوز للمسلمة ان تحج من دون محرم النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»، وقد ذهب بعض العلماء الى جواز الحج مع ثقات النساء من دون محرم، ولكنه قول مرجوح، والصواب ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»، لكن لو حجت مع النساء صح حجها وعليها التوبة الى الله لأنها أخطأت وأثمت فعليها التوبة الى الله والندم ألا تعود الى مثل هذا وحجها صحيح إن شاء الله، لأنها قد أدت المناسك فصح مع الإثم في مخالفتها السنة في حجها من دون محرم، الله ولي التوفيق وله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة وعليها التوبة من ذلك».
2 - فتوى للشيخ أبوإسحاق الحويتي - حفظه الله تبارك وتعالى في هذه المسألة: «الصحيح من أقوال أهل العلم: في ذلك انه لا يجوز للمرأة ان تسافر إلا مع ذي محرم منها فإذا هي عجزت عن وجود محرم فقد سقط الحج عنها أما مسألة الرفقة الآمنة والرفقة الصالحة فالدليل الصحيح الواضح يدل على خلاف ذلك، فعندنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعرفه القاصي والداني «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر إلا مع ذي محرم منها» وهذا كلام واضح كالشمس، والرجل الذي كان اكتتب في غزوة وامرأته أرادت ان تحج فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ان امرأته تريد ان تحج وليس معها من يحج معها فأمره بترك الغزو وان يذهب مع امرأته للحج ونحن نعلم ما حكم ترك الغزو».
أرسل لنا هذه المقالة أحد الشباب المتواصلين مع صفحة الإيمان وهو الطالب بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالسنة النهائية ، محمد الشملان.