أخبار عاجلة

«الإخوان» تدق «طبول الحرب» فى الجامعات

«الإخوان» تدق «طبول الحرب» فى الجامعات «الإخوان» تدق «طبول الحرب» فى الجامعات
«الوطن » بين طلبة الجامعة واستعداداتهم للموسم الجديد

كتب : أحمد الليثى وأحمد الشمسى منذ 15 دقيقة

بخطى واثقة وقلوب تهفو إلى آفاق المستقبل، يدخلون عالمهم الجديد، منتقلين من ضيق الفصول إلى رحابة المدرج، تهيمن على أفئدتهم رؤى الاعتماد على النفس وبهجة اقتحام دنيا مغايرة، هكذا حال طلاب الجامعات الجدد، مع بداية كل موسم دراسى، غير أن أجواء ملبدة بالغيوم تخيم على المشهد، فى انتظار انقسام ساد الشارع فى طريقه للانتقال للكلية، فهذا «هشام»، ممثلا لفصيل لا يزال مصرا على التظاهر لعودة رئيس معزول، وذاك «مصطفى»، يقول إنه لن يبالى إذا قُتل إخوانى أمامه، فى الوقت الذى يدعو «خلف» لتوحيد الصف الطلابى أمام ما اعتبره استبدادا، بتطبيق «الضبطية القضائية» وخشية العودة لدولة ما قبل «يناير»، فيما عزم «الجوهرى» على الهجرة، فور انتهاء دراسته الجامعية، حاملا جواز سفر ينتظر التأشيرة، متخذا من الصمت فضيلة حيال الموقف المتأزم.

يفضل الصمت على الكلام، يحضر أوراقه الخاصة، وجهاز الكمبيوتر، يضعها جميعا إلى جوار بعضها البعض، يتجه محمد الجوهرى إلى كليته « وعلوم سياسية»، يجلس فى ركن قصى، يقلب الشبكة العنكبوتية، بين مواقع إخبارية عالمية، «رويترز، واشنطن بوست، سى إن إن»، فيما تُصيبه سِهام أصوات من بعيد لمشادة كلامية، ما بين طلاب حول أمور السياسة، التى طفحت به وأشدقت عليه بالملل، ينزوى بعيدا، فيتجمع حوله أصدقاؤه، يحاولون فكّ شفرة الوجه المكفهر، ينقل إليهم إحباطه «أنا خلاص تعبت من البلد»، لا ينظر إلى تعليمه الذى لم يكتمل أو سنه الصغيرة التى لم تزد على 21 عاماً، وعندما تزيد عليه الضغوط، يخرج من حقيبته الجلدية جواز سفر ملوحا به فى وجوه زملائه الذين اندهشوا، ليزيد من دهشتهم بقوله «أنا جاهز من مجاميعه حتى باسبورى فاضل له التأشيرة»، فيما يلوح فى الأفق صدى الموسم الدراسى الجديد «ده هيكون دموى بعد سقوط الإخوان».

ترتعد أطرافه، منذ أن سمع عن قرار «الضبطية القضائية» للحرس الجامعى تجاه الطلبة «الأمن طلعت له مخالب من تانى»، واصفا القبضة الأمنية بالمواطن الضعيف الذى اكتشف أن معه سلاحا فاستله فى مواجهة أى مواطن كان، «هنرجع تانى لشعور العبيد وهما أسيادنا».. نجل القيادى بالحزب الوطنى المنحل، كان يستنكر ذلك المشهد الذى ينقاد فيه طلبة الإخوان وراء قادتهم دون تفكير، أعاده مشهد الدماء الناتجة من فض اعتصامات الإخوان إلى التفكير أكثر من مرة، وترديد السؤال نفسه بين أركان جامعة القاهرة، «المشكلة إن طول ما المحاكمات العسكرية والاعتقالات شغالة مش هيبقى فيه حكم مدنى، والجيش ممكن يتمادى تحت ذريعة القضاء على الإرهاب، وأى حد ينوى يهتف يسقط حكم العسكر هيقولوا عليه إخوان».

يعدل الشاب العشرينى نظارته الطبية، قبل أن يتذكر وقت إلقاء القبض عليه، من قِبل أمن الدولة، قبل أن يتدخل والده بنفوذه من أجل تحريره، كان ذلك قبل ثورة يناير بشهرين، يخشى من أن يظل اسم «الجوهرى» حبيس ملفات أمن الدولة «الدولة البوليسية لو رجعت ده معناه إنهم هيراجعوا كل ملفاتهم»، بصوت مجروح يئن الشاب، متنبئا بالوضع داخل الجامعة، عقب بداية العام الدراسى، «فيه واحد زميلى إخوان مات له 7 من أصدقاء عمره.. مستنى منه إيه؟»، معلنا رفضه التضامن أو استنكار أى مظاهرات لطلبة الإخوان، ملتزما الصمت.

على رصيف محطة مترو «حسنى مبارك» اجتمع قرابة 10 أشخاص فى انتظار القطار، الذى تأخر ساعة كاملة، جمعتهم الفضفضة عما يدور فى الصدور، من أزمات اقتصادية وفساد مجتمعى، ساد قبل ثورة يناير.. كان ذلك أحد المشاهد التى خطها الشاب «محمود الحدينى» لمسرحية تسببت فى تدخل من قبِل رجال ما يسمى المكتب الفنى -أمن الدولة بالجامعة حسب اصطلاح الطلبة عليه- لإزالة اللافتة التى تحمل اسم الرئيس مبارك حينها، يروى الشاب العشرينى الواقعة التى مر عليها 5 سنوات كأنها الأمس، علاوة على حصول أعضاء المكتب الفنى على البدلات الخاصة بالممثلين من ملابس ومكافآت مالية بشكل سرى، فيما كانت الإدارة تقول إن البدلات تم إلغاؤها.

«حرس الجامعة عامل زى عمال مترو محطة المعصرة.. محدش يقدر يقولك فين تذكرتك»، هكذا يصف «محمود الحدينى»، المؤلف والمخرج المسرحى، أمن الجامعة بعد الثورة، مشيراً إلى حصول الطلاب على حريتهم ومشاركة معظمهم فى فعاليات ثورية، الشاب الذى تخرج من الجامعة قبل عامين لا ينفى خوفه من عودة القبضة الأمنية، بسبب مظاهرات شباب الإخوان، مؤكدا أن طبيعة مظاهراتهم تصادمية، حسب تعبيره، ما سيتسبب فى اشتباكات بين الطلبة دون تدخل الأمن.

رنين الهاتف أجبره على الفزع من نومه مستيقظا، رد بلهفة على المتصل، فجاءه الرد فى هرولة من أمره «ناس زمايلنا فى كلية هندسة اتقبض عليهم فى كمين بتهمة حيازة كاميرا وأدوات طبية»، انتهت المكالمة، لم يعرف محمد سعد -الطالب بكلية سياسة واقتصاد جامعة القاهرة ونائب رئيس اتحاد الطلاب- ماذا يفعل، أيضحك أم يبكى، مسترجعا الكلمات التى ترددت على مسامعه «حيازة كاميرا وأدوات طبية»، على الفور خاطب رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، ليبلغه بالخبر، فذهب الأخير صوب النيابة العامة، لمتابعة سير التحقيقات مع الطلاب المتهمين، ليسمع حديثا غريبا لم يسمعه قط «الكاميرا دى ممكن تستخدمها عشان تهديد أمن الوطن.. أما الأدوات الطبية فممكن تعالج بيها ناس مطلوبين أمنيا»، هكذا قال النائب العام المساعد، خلال التحقيقات، مواقف تذكرها الطالب العشرينى «سعد»، فالضبطية القضائية والقمع والدولة البوليسية كلها عادت مجتمعة، حتى من قبل بدء الدراسة، فالمشكلة ليست فى الطلاب ولا وزارة الداخلية، ولكنها فى وزارة التعليم العالى «د. حسام عيسى وزير التعليم وعد إنه هيحاول الإفراج عن الطلبة اللى لم توجه لهم تهمة»، مضيفا «ده اسمه هروب من المسئولية.. إذا كان كل الطلبة متوجهة ليهم تهم توديهم ورا الشمس؟»، متوقعا عدم مرور السنة القادمة على خير «هتكون حافلة بمعنى الكلمة، لأن فيه فصيل معين بيعتبروا اللى حصل فى يونيو انقلاب وهينزلوا مظاهرات فى الجامعة».

قبل ثورة يناير بشهر واحد كان «محمد ربيع» يدخن سيجارة بانتشاء، ممسكا بمنشور صغير، وزعه أحد طلاب الاتحاد بجامعة عين شمس، فلم يعره اهتماما وراح يشعل به النار، قبل أن ينهره شخص بقوة «أنت عارف الورق ده مدفوع فيه كام عشان تحرقه؟»، ظن فى البداية أن المتحدث مجرد شخص عصبى يتدخل فى شئون الآخرين، فانصرف فى غير مبالاة، قبل أن يضيف الرجل بعجرفة «اقف عندك.. أنت عارف بتكلم مين؟»، فيما كانت دقائق كافية لتعريف «ربيع» بماهية الرجل الذى قال له الأصدقاء إن كلمته نافذة عن رئيس الجامعة «قالولى ده من المكتب الفنى وكلمته بتمشى ع الكل»، لا يزال ذلك المشهد عالقا فى مخيلة الشاب ذى الضحكة المميزة، رابطا بينه وبين وقائع اعتبرها مجرد خيالات لمؤلفى السينما، لكن قيام الثورة كان كفيلا باستحالة تكرار الواقعة، غير أن «ربيع» يقول بوجه حزين إن الوقوع بين ممارسات الإخوان بمحاولات التضييق على الأنشطة الفنية فى أكثر من كلية -عقب يناير- على رأسها كلية الحقوق، لا يقل خطورة عما يتحدث به الطلبة، على أعتاب العام الدراسى الجديد، من تطبيق للضبطية القضائية يقلل من هامش الحرية لديه، أو الدخول فى متاهات عنف محتمل، بسبب مظاهرات الجماعة، يصمت الشاب العشرينى لوهلة، قبل أن يؤكد بعزم «اتعلمنا من الثورة إن مفيش مستحيل».

«مصر القوية» شعار آمن به، ود. عبدالمنعم أبوالفتوح صورة ترسخت فى عقله، خارج أسوار جامعة القاهرة وداخلها ينتظر «وليد وجدى» الشعارات التى ستحدد هل سيقف مع طلبة الإخوان أم لا؟ فذلك المشهد وقت إصابات طلبة المدينة الجامعية بالتسمم، يتذكره بكل تفاصيله، وقتها خرجت الجامعة عن بكرة أبيها، ترفض تجاهل الحادث، فيما لم تمر دقائق على انطلاق المسيرات حتى تردد صدى الهتافات «يسقط حكم المرشد».

مشكلة «وليد» الوحيدة فى الشعارات «لو مسيرات طلاب الإخوان هتفت بعودة مرسى لن أشترك معهم ولن أتضامن، أما لو كانت عبارة عن ردة فعل لممارسات القمع البوليسية فسأكون معهم بكل ما أملك»، يقولها الشاب الصغير، الذى لم يتجاوز عمره العشرين، وهو على مشارف سنة دراسية ثانية، بين أركان كلية السياسة والاقتصاد، حيث منبع السياسة ومستقرها، متوقعا وجود أرضية مشتركة بين جميع التيارات الطلابية، حول رفض فكرة الضبطية القضائية، وزيادة الحدة تجاه حكم العسكر، خصوصاً مع الدعوات التى انتشرت كالنار فى الهشيم لترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية «العسكر يحمى ميحكمشى»، وهاجس داخل عقله يحادثه دوما بالخوف من ذلك التجمع الذى يكون هو شخصا فيه، بينما ترنو منهم أقدام الحرس الجامعى من أجل القبض عليهم وتلفيق التهم لهم.

داخل أروقة جامعة الأزهر، قبل سنوات سبع، كان يتفقد أحمد عادل كلية العلوم، يستنكر نشاط طلاب الإخوان، يقول إنه لا يرتاح لطبيعتهم وطرق دعاياهم، لذا حين استوقفه أحد الطلاب القدامى بالكلية ليسأله «تحب تبقى معانا فى الاتحاد؟»، هز رأسه بالإيجاب بعد تأكده أنه من منافسى الجماعة، ليجد نفسه واحدا من أعضاء اتحاد الطلاب قبل -حتى- أن تبدأ الانتخابات بأيام، حين دونوا اسمه داخل مكتب بالمكان، فهم فيما بعد أنه تابع لأمن الدولة «ساعتها قلت أنا أكره الإخوان بس مبقاش مخبر.. وكنت مجرد اسم فى الاتحاد بس اتقطعت علاقتى بيهم»، رسوب «عادل» كان سببا فى انتقاله لكلية التجارة جامعة عين شمس، ومن وقتها قرر ألا يساهم فى عمل إدارى قد يُستخدم فيه كأداة، قبل أن تنتابه حالة من التوجس على ما وصفه بـ«عودة القبضة الأمنية للجامعة من جديد.. الأجواء مطمنش».

ما زال محتفظا بلكنته الصعيدية، رغم غبار وعفار القاهرة الذى لم يلوث قلبه، مع دخول الموسم الجامعى يمر 80 يوما على عزل الرئيس محمد مرسى، يتوقع «محمود جمال» القادم من سوهاج إلى ربوع المحروسة، اندلاع العديد من المظاهرات، متضامنا مع جماعة الإخوان والتيار الإسلامى بكل قوة ما دامت سلمية ولا تخرج عن الحدود «من حق كل شخص أنه يتظاهر»، يقولها طالب السياسة والاقتصاد، قبل أن يستطرد بقوله «هكون واحد من الناس اللى تقف فى وجه الضبطية القضائية والتضييق على طلاب الجامعات».

ببنطال تخطى الركبة بالكاد، وشعر طويل هائش، ووجه يشع طاقة، وقف «أحمد الجوهرى» داخل مسرح كلية التجارة، يؤدى مشهدا من مسرحية «باب الفتوح»، استعدادا للموسم الدراسى الجديد «لو أنّا أعتقنا الناس جميعا ومنحنا كل منهم شبرا فى الأرض..»، شارك فى كافة الأحداث الثورية وأصيب فى أحداث الاتحادية، لكنه يؤكد حق شباب الإخوان فى التظاهر السلمى، مضيفا أنه سيتضامن معهم حيال أى انتهاك يتجرعونه «لو سكتّ على حق زميل هييجى الدور عليّا، بس الخوف إن الأمن ممكن يزق طلبة على بعض.. تبدأ اشتباكات، يقولوا مفيش تظاهر، بعدين مفيش كلام فى السياسة، فى الآخر يبقى مفيش ثورة، بِخ».. الجامعة لدى الشاب، الذى دخل عامه العشرين قبل شهور، تُختزل فى وقوفه على خشبة المسرح، فهو يقضى يومه بالكامل داخل رواق المكان، فنان هو، يرسم الكاريكاتير ويخط الجرافيتى على الحوائط، تلوح فى عينيه ريبة من سنة دراسية يراها ملبدة بالغيوم، خشية إلغاء النشاط الفنى، بينما تلمع عيناه بالأمل، قبل أن يقول «لما القمع بيزيد الفن بينور.. لو فكروا يقفلوا المسرح هنفتح مليون طاقة فى الشوارع».

المجتمع الطلابى نموذج مصغر من المجتمع المصرى خارج أسوار الجامعة، بل إنه أحيانا ما يُحرك المياه الراكدة فى المجتمع، كما حدث فى ثورة الطلاب منتصف الأربعينات ضد الاحتلال الإنجليزى، المشهد الجامعى قبل الثورة يصفه «أحمد خلف»، رئيس اتحاد كلية السياسة والاقتصاد، بحالة التنويم المغناطيسى، بالرغم من نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، الذى «شبع موت»، مشبها النظام بسيدنا سليمان عندما توفاه الله، اللهم سوى عصاه يتوكأ عليها، عندما نحرها النمل وقع فعرف الجميع بموته.

«خلف» يتوقع عودة القيود ولائحة 1979 الطلابية، التى كانت أيام الرئيس أنور السادات «وقتها كانت كل حاجة فى قبضة الأمن»، يسرد الطالب أول منافسة حقيقية وانتخابات بجدية فى الجامعة «كانت الموسم اللى فات عام 2012.. وده مش بسبب وجود محمد مرسى فى الحكم بقدر ما بسبب الحريات اللى فرضتها ثورة يناير»، شارحا الضبطية القضائية التى سيتم تطبيقها بحجة «الحفاظ على أمن الطلاب»، متسائلا «لو حد من الطلاب دخل الجامعة بقنبلة.. حرس الجامعة هيعملوا معاها إيه بالضبطية؟»، مستنكرا قلة الخبرة التى يتمتع بها حرس الجامعة «دول ناس غلابة»، والخوف الذى يختلج طلاب الإخوان من الشباب والفتيات «أنا أعرف بنات منقبات خايفين يدخلوا الجامعة وهما ملهمش دعوة بالإخوان»، متذكرا التفاصيل التاريخية للحرس الجامعى «أيام مبارك القضاء حكم بخروجهم من الجامعة.. وأيام العسكر رجعوا تانى بشكل بوليسى أقوى.. التاريخ بيعيد نفسه».. التخوف الأكبر ليس من الدولة أو السلطة أو الأمن -وفقا لـ«خلف»- ولكن من المجتمع الطلابى نفسه «لو طلبة الإخوان عملوا مظاهرة اللى هيلفظهم الطلبة التانيين.. للأسف الإعلام وصّل للناس إن دول كلهم إرهابيين».

«إحنا طلبة والمفروض يعزلونا عن الصراعات».. يقولها «مصطفى أحمد» الطالب ببكالوريوس التجارة، تعقيبا على تزمت بعض رجال الأمن الجامعى، أثناء دخوله للحرم، على عكس العادة، فهو لم يزل متذكرا عطلته لأكثر من 4 ساعات، قضاها داخل سيارته فى الطريق من منزله بمصر الجديدة حتى باب جامعة عين شمس، وقت اعتصام أنصار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أمام وزارة الدفاع «يعنى إيه مظاهرة تقفل باب جامعة؟»، لكن نبرة صوته تعلو، وهو يقول «المشكلة المظاهرات السنة دى هتبقى جوا السور مش بره».

«مصطفى» يوضح أنه لا يعارض التظاهر السلمى، فقد شارك فى فعاليات عديدة، لكنه يستنكر إيذاء الآخرين، مشيراً إلى أن دور الدولة الأول هو توفير جو آمن للطلاب ومنهم شباب الإخوان دون التعرض لأى قمع. أمام إحدى شاشات التليفزيون ترقب بعينيه، وراق لأذنيه المشاجرات بين المشاهدين على ذاك المقهى البسيط، الأول زملكاوى والثانى أهلاوى، من هذا المنطلق يقيس مصطفى سالم، الشهير بـ«ميخا»، الشارع المصرى «ما دام احنا بنتخانق ع الكورة.. يبقى رجعنا لحالنا القديم.. الحمد لله»، يقولها الشاب البدين، خفيف الظل، وابتسامة ترتسم على وجهه، تُظهر أسنانه ناصعة البياض، لو رأى إخوانيا يتم سحله أو طالبا يتعرض للإهانة لن يتحرك خطوة واحدة لحمايته، هكذا يقول بقلب مستريح «اللى شفته كرهنى فى الحياة.. أنا عايش حياتى لحالى».. التعاطف كلمة خلت من قاموس وجدانه، بسبب المشهد الملتبس والملل الذى أصابه، التمثيل على مسرح الجامعة أمل يعيش من أجله، هذا هو المتنفس الوحيد الذى يُبقيه داخل تلك الأسوار «الضبطية بالنسبة لنا مش هتضرنا.. لأن احنا بالنسبة للدولة ملهيين فى أى حاجة».

DMC