أخبار عاجلة

العنف والفقر سببا عدم الاستقرار في المثلث الشمالي

العنف والفقر سببا عدم الاستقرار في المثلث الشمالي العنف والفقر سببا عدم الاستقرار في المثلث الشمالي
غادر أكثر من مليوني شخص ما يسمى «المثلث الشمالي» في أمريكا الوسطى، الذي يضم السلفادور وغواتيمالا وهندوراس، منذ 2019، حيث فر العديد منهم من العنف المزمن وانعدام الأمن والفقر المدقع والكوارث البيئية وغيرها من الصعوبات. ونشأت بعض هذه المشاكل نتيجة عقود من الحرب الأهلية، وعدم الاستقرار السياسي في المنطقة.

انعدام الأمن

ومنذ 2022، استجابت الحكومات في السلفادور وهندوراس لارتفاع معدلات الجريمة من خلال تطبيق حالات الاستثناء وحملات السجن الجماعي. وقد حظيت هذه السياسات بدعم شعبي، ونالت الفضل في انخفاض معدلات جرائم القتل في كلا البلدين، ولكنها أدت أيضًا إلى تعليق الحريات المدنية، وأدت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، وهددت الأعراف الديمقراطية.

تغيرات المناخ

كما تؤدي الأحداث الناجمة عن تغير المناخ مثل الطقس المتطرف، وأنماط هطول الأمطار غير المنتظمة، وإزالة الغابات، وارتفاع درجات الحرارة، إلى تفاقم الفقر وعدم الاستقرار في المنطقة. ففي 2020، تسببت الأعاصير الكبرى المتعاقبة في أضرار بمليارات الدولارات بغواتيمالا وهندوراس، مما أدى إلى نزوح نصف مليون شخص وتدمير المحاصيل، وواجه ما يقدر بنحو 7.9 ملايين شخص في المنطقة انعدام الأمن الغذائي في 2021، بينما يحذر الخبراء من أن العواصف ستجلب رياحًا وفيضانات شديدة بشكل متزايد في السنوات المقبلة.

التطورات الأخيرة

وكان التقدم نحو إنشاء اللجنة الدولية لمكافحة الفساد والإفلات من العقاب في هندوراس سببا في رفع الآمال في مكافحة الإفلات من العقاب في ذلك البلد. وفي يوليو 2023، زار خبراء الأمم المتحدة هندوراس لتقييم الأوضاع والتحضير للمفاوضات. مع ذلك، فقد اشتكت بعض جماعات المجتمع المدني من التأخير، ولا تزال المفاوضات بشأن استقلال اللجنة ومدة ولايتها متواصلة بعد مرور عام على توقيع الاتفاق في ديسمبر 2022.

وفي السلفادور، لا يزال عنف العصابات عند مستويات منخفضة تاريخيا. لكن الرئيس السلفادوري، نجيب بوكيلة، يواصل إهدار الديمقراطية في البلاد، وأمضى معظم 2023 في التركيز على تنفيذ المرحلة الخامسة من خطته للسيطرة على الأراضي، المعروفة باسم «الاستخراج»، التي ركزت على تطويق معاقل العصابات واستئصال المجرمين.

حروب الوكالة

وخلال الحرب الباردة، اجتاحت أمريكا الوسطى حروبا بالوكالة، حيث تنافست الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على النفوذ الإقليمي، خوفًا من انتشار الشيوعية في ساحتها الخلفية، ودعمت الولايات المتحدة شركاءها المفضلين (معظمهم من المستبدين الرأسماليين) في الانقلابات وحركات التمرد والحروب الأهلية، بما في ذلك الحروب التي استمرت عقودا في غواتيمالا (1960 إلى 1996) والسلفادور (1979 إلى 1992). وفي مكان قريب، نفذ الجيش الهندوراسي عدة انقلابات، وحكم البلاد بشكل متقطع من 1955 إلى 1982، وكانت البلاد أيضًا بمثابة نقطة انطلاق للقوات الأمريكية في السبعينيات والثمانينيات. وخلال تلك الفترة، انتشرت الأسلحة غير المشروعة في جميع أنحاء المنطقة.

في الوقت نفسه، في لوس أنجلوس بدأت العصابات العابرة للحدود الوطنية مثل عصابة شارع 18 (باريو 18) ومارا سالفاتروتشا (MS-13) في جذب الغواتيماليين والهندوراسيين والسلفادوريين الذين يعيشون في الولايات المتحدة. قانون الإصلاح

وفي 1996، أقرت الولايات المتحدة قانون إصلاح الهجرة غير الشرعية ومسؤولية المهاجرين، الذي سمح للسلطات بترحيل أعضاء العصابات، بما في ذلك أولئك الذين يتمتعون بوضع قانوني دائم، إلى بلدهم الأصلي بسبب أي «جناية مشددة». وطبقت السلطات هذه السياسة بأثر رجعي، بما في ذلك من خلال ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين الذين أنهوا فترات سجنهم. وإجمالا، رحلت الولايات المتحدة ما يقرب من 31 ألف مجرم مدان إلى دول أمريكا الوسطى بين 1996 و2002.

ولم يكن للعديد من المرحلين الشباب أي صلة ببلدانهم الأصلية على الإطلاق، حيث عاشوا معظم حياتهم في الولايات المتحدة، ونشأوا اجتماعيا في ثقافة عنف العصابات.

وبعد أن اندفعوا إلى البلدان التي لا تزال تتعافى من الحرب، استغلوا قوات الشرطة غير الفعالة والسلطات القضائية المتساهلة في تشكيل عصابات محلية، والسيطرة على المناطق التي لا يوجد فيها سوى القليل من الشرطة.

ومنذ ذلك الحين، أدى تدفق مستمر من المجرمين والمهاجرين المرحلين إلى زيادة عدد أعضاء تلك العصابات. وتستهدف العصابات أيضًا الشباب الذين لا يحصلون على تعليم أو عمل (أكثر من 25 % منهم) من أجل تجنيدهم.

ويضطر المستهدفون إما إلى تحمل مبادرات العصابات الوحشية والاستغلال اللاحق أو الفرار.

وبحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بلغ عدد أعضاء العصابات في المثلث الشمالي عشرات الآلاف، وكان متوسط أعمارهم تسعة عشر عامًا.

تجارة غير مشروعة

وتستفيد عصابات أمريكا الوسطى من التجارة غير المشروعة في الأسلحة والمخدرات، التي ترتبط أحيانًا بالعصابات المكسيكية، وتستغل أيضًا المهاجرين والمقيمين.

وتشمل الإستراتيجيات الشائعة لتلك العصابات إقامة نقاط تفتيش، للمطالبة برسوم المرور، وابتزاز الشركات المحلية، والاستيلاء على المنازل، وتجنيد الشباب، والاعتداء جنسيا على النساء والأطفال.

وفي نهاية المطاف، تجبر التهديدات بالقتل وتجنيد العصابات والابتزاز والعنف العديد من العائلات على الفرار، على الرغم من أن بعض الأولاد والشباب يحتضنون العصابات، الأمر الذي يمكن أن يوفر شعورا بالفخر والانتماء.

معدل الجريمة

واستجابت حكومات المنطقة لارتفاع معدل الجريمة بسياسات «مانو دورا» أو «القبضة الحديدية»، التي كانت تهدف إلى سجن أعداد كبيرة من أفراد العصابات. وعلى الرغم من بعض التحسينات الأولية في الوضع الأمني، سرعان ما أصبحت السجون ساحات قتال مكتظة بين أفراد العصابات، بعدما دأبت السلطات على سجن الأشخاص على أساس مظهرهم الجسدي فقط، وارتكبت أعمال عنف عشوائية في أثناء مداهمة مواقع العصابات المشتبه بها. في الوقت نفسه، تحولت السجون إلى مراكز تجنيد وقيادة للعصابات. ففي السلفادور، نسق أعضاء العصابات ما يقدر بنحو 84% من عمليات الابتزاز من السجن في أوائل 2010.

دور أمريكا في مواجهة المهاجرين:

في عهد إدارة باراك أوباما، قدمت الولايات المتحدة مليارات الدولارات كمساعدات لمشاريع تهدف إلى وقف الهجرة من أمريكا الوسطى.

فشلت مبادرة الأمن الإقليمي لأمريكا الوسطى في الحد من عدد الوافدين إلى حدود الولايات المتحدة، وتزايدت عمليات الترحيل.

تبنت إدارة دونالد ترمب سياسة عدم التسامح مطلقًا تجاه المهاجرين، وقطعت المساعدة للمنطقة في 2019، وطالبت القادة ببذل المزيد من الجهد لوقف الهجرة.

كما سعى ترمب إلى إبرام اتفاقيات «دولة ثالثة آمنة» مع العديد من دول أمريكا اللاتينية، التي كان من شأنها توسيع قدرة السلطات على إبعاد المهاجرين، لكن هذه الدول رفضت المشاركة في نهاية المطاف.

بين مارس 2020 ومايو 2023 نفذت السلطات الأمريكية الباب 42، وهو قانون للصحة العامة نادرا ما يستخدم، لرفض اللجوء لأسباب تتعلق بالوباء.

خففت إدارة جو بايدن القيود التي فرضتها فترة ترمب، وتعهدت بتزويد المثلث الشمالي بمساعدات مشروطة بـ4 مليارات دولار، لكنها واصلت أيضا عمليات الترحيل، وشجعت المكسيك ودول أمريكا الوسطى على الحد من تدفق المهاجرين.


الوطن السعودية