فهو كمرشح ورئيس أظهر قدرة شديدة على استخدام البث ووسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم تشويهاته، وحقق نجاحًا ملحوظًا في إقناع قطاعات كبيرة من الجمهور الأمريكي.
وقالت كاثلين هول جاميسون، مديرة مركز Annenberg Public Policy في جامعة بنسلفانيا: «قبل ترمب، كان الافتراض أن الأكاذيب التي تقوض الإيمان بالديمقراطية أو بالمحاكم -على سبيل المثال- ستؤدي إلى استبعاد الشخص الذي يسعى للحصول على منصب عام، ولكن جعل ترمب المعلومات المضللة تكتيكًا رئيسيًا للحملة، واستخدم بشكل روتيني الأكاذيب في تحقير منافسيه».
ووفقًا لنيالين باركر، المديرة التنفيذية لـCommon Ground USA: «قد يكون ترمب رمزًا لعصرنا الحالي من المعلومات المضللة. لكن عدم الثقة والاستقطاب السياسي لا يمكن إرجاعهما إلى فرد واحد، بل ينشآن عادةً من الانقسامات المجتمعية العميقة والضغوط الاقتصادية».
تضليل الأمريكيين
كرئيس، ضلل ترمب الأمريكيين بشأن المؤشرات الاقتصادية، والإعصار، والتغير المناخي، وحول أفعاله السابقة واجتماعاته مع القادة الأجانب. وعند قيادته الأمة خلال الوباء، قلل من خطورة الفيروس التاجي، بينما كان يؤيد علاجات وهمية.
وفي النظام الإيكولوجي للمعلومات المجزأة اليوم، لم تصل جهود الصحفيين، للتحقق من صحة الرئيس دائمًا، إلى أولئك الذين قبلوا كلماته على أنها حقيقة. قد يتغير ذلك، وفقًا لأحد الإستراتيجيين الجمهوريين الذي قال إنه يعتقد أن حزبه يستيقظ على عالم الحقيقة البديل لترمب.
وأضاف كريج فولر، الذي خدم في إدارتي رونالد ريغان وجورج إتش دبليو بوش: «بالنسبة لي، إنه شخص مأساوي يبلغ من العمر 77 عامًا، وغير متصل تمامًا بالواقع، نوعًا ما يخلق واقعه الخاص». ولفت إلى أنه يعتقد أن المجال الكبير نسبيًا من الجمهوريين الذين يتنافسون مع ترمب، للحصول على تأييد الحزب الجمهوري، هو علامة على أن العديد من الناخبين يريدون بديلًا أكثر صدقًا، حتى في الوقت الذي يعمل فيه المجال الكبير أيضًا على تحسين فرص ترمب في الفوز.
متلازمة التزوير
خلال فترة رئاسته، كذب ترمب كثيرًا -شخصيًا على التليفزيون وتويتر- وسرعان ما بلغ عدد أكاذيبه 100، وأخذ العدد في الازدياد، حتى تم إنشاء صفحة ويكيبيديا كاملة مخصصة لتتبع المسار. ولطالما كانت الانتخابات والتصويت الهدف الأكثر شيوعًا لأخطاء ترمب، حيث فاز بسباق 2016، لكنه ادعى أنه تم تزويره على أي حال، لأنه خسر التصويت الشعبي. وأعلن أن سباق 2020 مزور حتى قبل يوم الانتخابات. وقال، قبل التصويت، إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يخسر بها الانتخابات هي الغش، ولم يقدم إثباتا مطلقًا على ذلك. وبعد الانتخابات، رفضت عشرات المحاكم مزاعم ترمب، بما في ذلك تلك التي يشرف عليها قضاة عيّنهم بنفسه.
نزاهة الانتخابات
كانت أكاذيب ترمب حول الديمقراطية ونزاهة الانتخابات والمحاكم هي أكثر ما يقلق الخبراء في التصويت والسياسة والتاريخ.
وبيّن جيفري إنجل، مدير مركز التاريخ الرئاسي في جامعة ساذرن ميثوديست، بشأن هجمات ترمب على استقلال القضاء وإنفاذ القانون: «إنها ليست الخطوة الأولى. إنها الخطوة المائة على طريق الاستبداد». وقال: «النزاعات بين الرؤساء والكونجرس والمحاكم هي جزء أساسي من الحكومة الأمريكية، وكثير من الرؤساء ضللوا الحقيقة بشأن الإخفاقات الشخصية والعامة. لكن لم يتحدى أي منهم صراحة فرعًا آخر بالطريقة التي فعلها ترمب».
وعلى مدى أشهر قبل هجوم 6 يناير على «الكابيتول»، خاطب ترمب المؤيدين بتدفق مستمر من الادعاءات الكاذبة حول الانتخابات المزورة والتصويت بالبريد وصناديق الاقتراع، ثم فعل القليل لتفريق الحشد العنيف الذي سرعان ما نزل إلى الكابيتول. وقد خلص تحقيق الكونجرس في الهجوم إلى أن ترمب تورط في مؤامرة لإلغاء الانتخابات.
وبالنسبة للنشطاء الذين يعملون على تعزيز الديمقراطية الأمريكية، أظهرت أعمال الشغب المميتة ما يحدث عندما يُسمح للأكاذيب أن تحل محل الحقيقة.
استغلال العوامل
يظهر التحليل آراء العديد من الخبراء، ومنهم جوليان زيليزر، مؤرخ جامعة برينستون وعالم سياسي، الذي ذكر: «بينما لم يخلق ترمب العوامل التي أدت إلى عصرنا الحالي من الاستقطاب والمعلومات المضللة، فقد استغل هذه العوامل».
وأضاف: «لا أعرف ما إذا كان دونالد ترمب هو الدجاجة أم البيضة، لكنني أعلم أنه جزء من التدافع. لقد دخل السياسة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، فتزايدت قضايا الريبة وحفزها، وسكب البنزين على ألسنة اللهب المشتعلة، ومن الواضح أن التصريحات التي يدلي بها لا تحتاج إلى أن تكون مرتبطة بالواقع، لأن المؤمنين به يحبون نسخته بشكل أفضل».