قالت دار الإفتاء إن مشاركة غير المسلمين فرحتهم بأعيادهم ومناسباتهم بالتهنئة والتحية المتبادلة أمر جائز شرعًا، فهو مظهر من مظاهر الإحسان والصلة وخُلُقٌ محمود تقضيته مكارم الأخلاق.
وأضافت الإفتاء أن تهنئة المسلم لأخيه غير المسلم وتبادل الفرحة معه كما هي في أذهان العامة الآن لا حرج فيها شرعًا؛ لأن الوصل، والإهداء، والعيادة، والتهنئة لغير المسلم، كلُّ ذلك يدخل في باب الإحسان، ويُعَد ضمنَ مظاهره، والله تعالى يقول: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)، ويقول في خصوص غير المسلمين: (لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ).
كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش مع غير المسلمين حياة اجتماعية قوية امتزجت فيها مظاهر الإحسان والتعاون ومشاعر البر والمواساة وحسن الصلة والضيافة وعيادة المرضى وتبادل الهدايا واحترام إرادته وحريته، بالإضافة إلى إقرارهم على مناسباتهم وأعيادهم باعتبار ذلك من المشترك الإنساني على المستوى الثقافي والاجتماعي، بل ثبت عن بعض كبار الصحابة رضوان الله عليهم وأئمة المسلمين شهود أعياد غير المسلمين والأكل من أطعمتهم الـمُعَدَّة خصيصا لتؤكل في هذه المناسبات، مستحسنين لها بلا أدنى حرج.
إنها حقائق دينية ناصعة تحمل في طياتها قيمًا جمالية راقية تَـحُثُّ المسلمَ على المشاركة الاجتماعية مع شركاء الوطن وأصدقائه وجيرانه في فرحتهم واحتفالهم بمناسباتهم المختلفة، بل تكشف فساد مناهج من يريد تعكير صفو العيش السِّلْمي، والتعاون المجتمعي، والبناء الحضاري بين نسيج الأمة المتماسك باسم “الدين” زورًا وتدليسًا؛ فالإسلام لم يأمر أبدًا بالانسلال من شركاء الوطن وإخوة الكفاح وأهل الجيرة أو عدائهم وبغضهم، بل أمر ببذل البِرِّ والإحسان إلى الجميع، امتثالًا لقول صاحب الخُلُق العظيم صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاق».