اتخذ كبار مستهلكي النفط في العالم خطوة غير مسبوقة لمواجهة الممارسات السعرية الاحتكارية لأوبك، وقرروا ضخ كميات ضخمة من النفط الخام من احتياطيا تهم الاستراتيحية لاجبار منتجى النفط الكبار على خفض الأسعار.
من ناحيته أكد الكيمائى مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول ورئيس، معمل ميدور التكرير الأسبق، ان خلفية القصة تعود إلى أن أزمة الطاقة العالمية الأخيرة جاءت مصاحبة لارتفاعات غير مسبوقة لأسعار النفط العالمية لتلامس ٩٠ دولار للبرميل من خام برنت القياسي، وجاءت قرارات أوبك ( دول منظمة أوبك مع روسيا الحليف الأكبر ) الأخيرة لتؤكد على انتهاج أوبك+ لسياسة تخفيض سقف الإنتاج لتقويض حركة المعروض من النفط لتستمر أسعار النفط في زيادة مطردة.
ويضيف مدحت يوسف في تصريح خاص: «ولما لم تستجب أوبك+ لنداءات الدول الكبري المستهلكة للنفط ومشتقاته وتبنت الولايات المتحدة قيامها بالدعوة خلال مؤتمر المناخ لضخ المزيد من النفط لخلق نوع من التوازن بين العرض والطلب وبما يحقق نوع من التوازن السعري، وأيضا دون استجابة، وفى تلك الاثناء، تواكب نقص المعروض من النفط مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي لتعويض نقص المعروض من مشتقات النفط لمتطلبات موسم الشتاء الأوروبي، لتشتعل أسعار الغاز الطبيعي المسال لمستويات سعرية بلغت ما يفوق ٤٥ دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية ( هي ذات الوحدة المستخدمة في مبيعات الغاز الطبيعي للصناعة والكهرباء في مصر والتي تبلغ أقصي شرائحها ٥،٧٥ دولار )، إلا أنها لم تحقق التوازن السعري المطلوب للنفط ومشتقاته.
وإزاء ذلك لم يكن هناك مفر من أن يأتي قرار الدول الكبري باللجوء للمخزونات الاستراتيجية للنفط والتي تعتبر من الأسرار الداخلية للدول والتي قدرت من واقع الخبراء بما يتعدى ٢٠٠ مليون برميل من النفط، والتي يتم تخزينها داخل الكهوف الملحية وداخل الآبار النفطيه الناضبة والمستودعات الأرضية وتمتلك الدول الصناعية الكبري أغلب تلك المخزونات لحماية صناعاتها ومقدراتها الاقتصادية من بعد حرب البترول المصاحبة لانتصارات اكتوبر ١٩٧٣.
قاد المواجهة أمريكا بقرار بسحب ٥٠ مليون برميل من مخزونها النفطي، بالتوازي مع تحرك في نفس الاتجاه من اليابان وانجلترا وكوريا والصين، والأخيرة كما نعلم لهل خلافات كبيرة مع أمريكا لكن المصلحة وحدتهما في هذا الموقف، وبهذا الجمع تأكد ضخامة مخزون النفط الاستراتيجي لنشاهد هبوط أسعار النفط لمستوي ٧٦ دولار للبرميل من خام برنت ليبتعد شبح التصاعد المخيف للنفط وبالقطع ستشهد الأسواق المزيد من الهبوط مع حالة ضعف الطلب على النفط بما يخلق المزيد من المعروض والمزيد من الهبوط السعري، اللهم إلا إذا اتخذت أوبك ردا عدائيا، ويبقى السؤال كما يقول «يوسف»: ما هو موقف أوبك تجاه تلك القرارات وهي التي تنتهج سياسة خفض المعروض ؟، وهل ستعاود خفض المزيد من سقف الإنتاج لتقوض أثر الضخ الناتج من استهلاك المخزونات الاستراتيجية للدول الكبري، بينما يصعب على أوبك+ انتهاجها ذلك بعد تأكيدات منظمة أوبك التزامها الدولي بالحصص المعروضه من النفط تسويقيا، أم تسعى إلى الالتقاء مع المستهلكين الكبار عند منطقة سعرية مناسبة؟.