كتب : أ. د. عمرو البدراوى الخميس 05-09-2013 10:14
إن البحة فى الصوت هى صفة عامة تصف تغيرات الصوت عند سماعه من الآخرين. عند حصول البحة ممكن أن يكون الصوت معدوماً ولا يُسمع أو ممكن أن يكون خشناً أو مجهداً. إن تغير الصوت يصدر عن اضطراب فى أحبال الصوت أو أوتار الصوت الموجودة فى الحنجرة.
إن أوتار الصوت تكون بعيدة عن بعضها البعض عند التنفس وعند الكلام، وتتقارب من بعضها وتتموج لتصدر الأصوات. إذن لصدور الصوت يجب على أوتار الحنجرة أن تلامس بعضها البعض عند خروج الهواء من الرئتين، وأن تكون خالية من أى عوائق كى يصدر الصوت طبيعياً، ويجب عدم إجهاد الصوت، خاصة عند الأطفال أو عند مشجعى الفرق الرياضية أو عند الغناء، إذ إن أى احتقان بأوتار الصوت أو وجود أى أورام على أوتار الصوت تمنع صدور الأصوات بشكل طبيعى، ما يؤدى إلى حدوث البحة فى الصوت، وتحصل إذن تغيرات فى صفاء الصوت ونبرته وجودته.
ما الأسباب التى تؤدى إلى البحة؟
• التهاب الحنجرة:
الذى يحصل عادة نتيجة إنفلونزا حادة يؤدى إلى انتفاخ فى أوتار الصوت، أو نتيجة برد عادى أو التهاب بجهاز التنفس العلوى، أو أن يكون بسبب الصراخ والكلام بوتيرة عالية أو الغناء بصوت عالٍ.. يؤدى ذلك إلى تكوين لحميات على الأحبال الصوتية، ولا تشفى إلا براحة الصوت ثم بالعلاج الصوتى، ويمكن إجراء عملية استئصال هذه اللحميات جراحياً أو باليزر.
• رجوع عصارة المعدة إلى الحنجرة:
إن هذا من أهم الأسباب المتداولة هذه الأيام، عندما يشكو المريض من حرقة أو الإحساس بأن جسماً غريباً بالمرىء نتيجة خلل بصمام المرىء وباب المعدة، ما يؤثر على أوتار الصوت. عادة يكون الصوت غير واضح ومحتقن عندما يستيقظ المريض من النوم فى الصباح، ويتحسن الصوت عند الظهر. إن المصابين بهذا الخلل يشعرون بوجود جسم غريب بالحلق أو بالفم يصعب التخلص منه بسهولة أو بالنحنحة المتكررة على مدار اليوم.
• التدخين:
إن التدخين بجميع أنواعه يؤدى إلى بحة فى الصوت بسبب الاحتقان المزمن للأوتار الصوتية، ومن ثم إلى سرطان حنجرة خبيث فى بعض الأحيان. إن المدخنين معرضون لسرطان الحنجرة 30 مرة أكثر من غير المدخنين، علماً بأن هذه النسبة تشمل جلساء المدخنين أيضاً، الذى يطلق عليه التدخين السلبى. كما يزداد هذا الخطر كلما ازداد عدد السجائر التى يدخنها الشخص فى اليوم الواحد. إن المواد التالية الموجودة فى التبغ المحترق تؤثر فى الغشاء المخاطى للحنجرة محولة خلاياها إلى خلايا سرطانية، وهى «القطران، البنزوبيرن، الميثانول، سيانيد الهيدروجين»، علماً بأن الدخان الناتج عن الاحتراق الجزئى للتبغ يرفع درجة حرارة الحنجرة إلى أكثر من حرارة الجسم، وبالتالى يسبب حروقاً مجهرية تفضى إلى تغيرات سرطانية.
* التهاب الحنجرة والتدخين وشلل الأحبال الصوتية أهم الأسباب
يتم علاج سرطان الحنجرة إما عن طريق الإشعاع أو الاستئصال الجزئى للحنجرة فى المراحل المبكرة للمرض، أما فى المراحل المتقدمة فيجب الاستئصال الكلى للحنجرة، واستخدام الإشعاع يكون مكملاً للتدخل الجراحى فى تلك الحالة.
• شلل الأحبال الصوتية:
شلل الأحبال الصوتية له أسباب متعددة، منها إصابات وجراحات الرقبة، أو سرطان الغدة الدرقية أو الرئة، أو التهاب ذو أصل فيروسى.
فى حالة شلل الحنجرة يمكن تحسين الصوت بجراحة صوتية من خلال حقن الأحبال الصوتية المشلولة بمواد مختلفة مثل دهون الجسم من الشخص نفسه، وهى المفضلة، وكذلك يمكن حقن حامض الهيالوون والكولاجين وأباتيت هيدروكسيد الكالسيوم؛ تلك المواد تستخدم أساساً فى عمليات تجميل الوجه ولكنها تستخدم هنا لتضخيم الأحبال الصوتية فى حالة الشلل حتى يتم تلامس الحبال الصوتية بشكل أقرب إلى الطبيعى وبالتالى تحسين أو تجميل الصوت.
أما بخصوص «البوتكس»، فتعتبر حالات تشنجات الحبال الصوتية لأسباب عصبية من أكثر الحالات استفادة من حقنه، خاصة الذين لديهم صعوبة فى إصدار الصوت أو تشنج صوتى فى الحنجرة.
يتم حقن الأحبال الصوتية بالعيادة تحت مخدر موضعى بواسطة استشارى الأنف والأذن والحنجرة، وعادة ما يمتد تأثير الحقن لمدة تقارب العام، ويمكن بعده إعادة الحقن.
* من الممكن الاستعانة بحقن «البوتوكس» والدهون فى علاج الأحبال الصوتية
• كيف يمكن فحص أوتار الصوت؟
إن استشارى أو إخصائى الأنف والأذن والحنجرة يحصل على تاريخ مفصل من المريض للبحة والصحة العامة، والطبيب ينظر إلى أوتار الصوت بواسطة مرآة توضع فى سقف الحلق، أو بواسطة منظار يجرى بالعيادة؛ يدخل الطبيب المنظار من الأنف حيث يمكن للطبيب أن يفحص الجيوب الأنفية وسقف الحلق والحنجرة وكل الأعضاء المجاورة للحنجرة، وإذا كانت مهنة المريض الغناء أو التمثيل، فهناك جهاز خاص لفحص موجات الصوت على أوتار الصوت وتسجيلها وتحليلها ومعرفة ما تحتوى عليه، إن هذه الفحوصات ليست صعبة بل بالعكس إنها سهلة والمريض يتحملها إذ تجرى فى العيادة ومن دون أى معاناة.
• متى يجب أخذ رأى طبيب الأنف والأذن والحنجرة؟
- إذا كانت البحة موجودة لأكثر من أسبوعين، خاصة إذا كان المريض مدخناً.
- عند وجود آلام من الرشح أو إنفلونزا حادة.
- عند وجود دم بعد الكحة.
- عند الإحساس بوجود جسم غريب بالحلق.
- عند انعدام صدور الصوت أكثر من يومين.
• كيف تعالج البحة؟
إن معالجة البحة تعتمد على سببها. إن معظم أسباب البحة تعالج -ببساطة- براحة الصوت، بواسطة معرفة الطريقة التى يجب استعمال صوتك بها. إن طبيب الأنف والأذن والحنجرة يمكنه أن يعطى بعض الإرشادات عن كيفية استعمال الصوت وإرسال المريض إلى متخصصين فى معالجة الصوت، أو فى بعض الأحيان استئصال لحميات أوتار الصوت. الامتناع عن التدخين هو النصيحة الأمثل للجميع. كذلك فإن شرب الكثير من الماء من أهم النصائح التى يجب على كل إنسان أن يستعملها كى يعدل انبثاق الصوت من الحنجرة.