لا شيء أغلى من .. نُذُر خلاف شديد بين إيران و"طالبان" تلوح بالأفق

لا شيء أغلى من الماء.. نُذُر خلاف شديد بين إيران و"طالبان" تلوح بالأفق لا شيء أغلى من .. نُذُر خلاف شديد بين إيران و"طالبان" تلوح بالأفق
الأولى ترى أن لها حصة تاريخية وفق اتفاق والأخرى تؤكد تغيير المعادلة

لا شيء أغلى من الماء.. نُذُر خلاف شديد بين إيران و

بينما لم تستقر العلاقات بين إيران وحركة طالبان على أساس واضح؛ فإن خلافًا شديدًا بشأن المياه بين الطرفين، يبدو كأنه سيندلع في الأفق القريب.

إيران تطالب بالحصة التقليدية الخاصة بها من نهر هلمند المتدفق من أفغانستان إلى أراضيها، والتي كان قد اتفق عليها بين دولتي إيران وأفغانستان في أوائل السبعينيات من القرن الماضي؛ بينما حركة طالبان لم تصدر أية ردود واضحة بهذا الشأن، على الرغم من المطالب الدبلوماسية والسياسية الإيرانية في ذلك الاتجاه، بحسب "سكاي نيوز عربية".

وكانت مسألة المياه قد تصاعدت بين إيران والحكومة الأفغانية السابقة، في عهد الرئيس أشرف غني، بعد الانتهاء من بناء سد "كمال خان" القريب من الحدود الإيرانية أوائل العام الحالي، وهو ما قلل من حصة إيران من المياه كما تقول الإيرانية؛ مطالبة بالعودة إلى التقاسم المائي الذي كان متفقًا عليه في اتفاقية عام 1972؛ وهو ما كانت الحكومات الأفغانية تقول إنه لم يعد ممكنًا، بسبب التغيرات المناخية، التي أثرت على مستويات تدفق نهر هلمند نفسه، الذي يعد من أكبر أنهار البلاد، ويمتد لقرابة 1300 كيلومتر، ليدخل الأراضي الإيرانية ويصب في بحيرة هامون.

وتتهم السلطات الإيرانية حركة طالبان بعدم الإعلان العلني والمباشر عن التزامها بما كان إقراره كاتفاقية دولية بين الدولتين، لاستخدام المياه كورقة ضغط سياسية في علاقتها مع إيران؛ لكن السلطات الأفغانية السابقة كانت تتهم نظيرتها الإيرانية بانتقاد خطوة بناء سد كمال خان، لأنه أخرج أفغانستان من مساحة الحاجة إلى استيراد الكهرباء من إيران، واقتربت من خلق اكتفاء وطني أفغاني بالطاقة الكهربائية.

المراقبون المتابعون لشأن الواقع الزراعي في أفغانستان، يعتبرون أن حركة طالبان لا تستطيع أن تقدم تعهدات يمكن أن تكون على حساب الملايين من الفلاحين الذين يعيشون على ضفاف نهر هلمند؛ مما قد يخلق نقمة شعبية ضد الحركة من قِبَل الطبقات الفلاحية، الأكثر قربًا وولاء نسبيًّا لها.

الباحث والكاتب آراس فايق، يشرح ذلك في حديث مع "سكاي نيوز عربية"؛ مشددًا على تلاقي حاجتين مُلِحّتين في المسألة المائية بين الدولتين "في وقت يشكل فيه نهر هلمند جوهر الحياة الزراعية في أفغانستان، ولا يمكن لأية سلطة كانت أن تجبر ملايين الفلاحين على عدم السقاية منه؛ فإن انقطاعه النسبي عن الأراضي الإيرانية يشكل كارثة بيئية حقيقية لكامل المناطق الشرقية من إيران؛ حيث أدى انخفاض مستويات التدفق إلى تراجع أشكال الحياة الزراعية والبيئة، وهجرة قرابة ثلث سكان المناطق التي يخترقها النهر، وصولًا إلى بحيرة هامون، حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة الإيرانية".

ويتابع "فايق" حديثه مع "سكاي نيوز عربية": "تشعر إيران أن حركة طالبان في أضعف لحظاتها، وتستجدي كل شيء لنيل الشرعية من القوى الدولية والإقليمية.. ويمكن بدء الضغط عليها لنيل التزامات واضحة منها؛ بينما تعتبر الحركة ملف المياه ورقة رابحة بيدها، ولا تريد أن تمنح الطرف الإيراني أية تنازلات مجانية راهنًا".

المقاطعتان الإيرانيتان الأكثر تأثرًا بمسألة المياه، سيستان وبلوشستان، تشهدان توترات عرقية وطائفية مع السلطات الإيرانية؛ حيث كانت قوى المعارضة الإيرانية ومنظمات حقوق الإنسان تتهم إيران باتخاذ سياسات بيئية وزراعية تشتت وتفكك الترابط القومي والطائفي المناوئ لها في تلك المناطق.

وتُعد بحيرة هامون أكبر بحيرة للمياه العذبة في إيران، وبسبب النقص المتتالي من مياه نهد هلمند المتدفق من أفغانستان؛ فإنها مهددة بالجفاف خلال سنوات، على الرغم من أن منظمة اليونسكو كانت قد صنفتها كواحدة من المحميات العالمية للبيئة الحيوية.

وكان الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني قد اتهم تركيا وأفغانستان بالتسبب في أزمات بيئية داخل بلاده، من خلال حبس المزيد من المياه عنها؛ الأمر الذي وصل خلال فصل الصيف الماضي إلى اندلاع انتفاضة شعبية في منطقة الأحواز ذات الأغلبية العربية غرب إيران.

لكن الرئيس الأفغاني الأسبق أشرق غني، كان يتهم إيران بطلب ما يفوق حصتها العادية؛ لأن حاجات البيئة الفلاحية في مناطق شرق إيران، وبسبب الزيادة السكانية، تفوق ما كانت تحتاجه إيران من قبل؛ مطالبًا إيران بمنح أفغانستان جزء من منتجاتها النفطية، للحصول على المزيد من المياه.

صحيفة سبق اﻹلكترونية