معركة مواجهة الإرهاب تحتاج، أولا، أن يكون جهاز الشرطة جهازا كفئا وخفيف الحركة وسريعا فى المواجهة ومحترفا فى الأداء، وفاهما المرحلة بأبعادها السياسية، وعالما بطبيعة المرحلة، وكذلك طبيعة الصراع دوليا ومحليا وإقليميا، ومن أجل أن يكون ذلك متحققا لا بد من إعادة هيكلة جهاز الشرطة، وهو مطلب كان من أولويات الشعب المصرى فى ثورة يناير، حيث يعلم الجميع أن الثورة بدأت يوم 25 يناير، وهو الموافق عيد الشرطة، وكان لذلك معنى ومغزى بعدما عمت الشكوى من بطش الشرطة، وهو ما لا يتمنى أحد أن يعود مرة أخرى، وكان قد تم التواطؤ من المجلس العسكرى أولا، ثم حكم الإخوان ثانيا، حتى لا يتم إصلاح جهاز الشرطة، أما الآن، ونحن بصدد معركة ممتدة وحاسمة فى مواجهة الإرهاب، فلا بد من الإقدام على إصلاح الشرطة، حتى نحمى هذا الجهاز الوطنى من ممارسة العنف فى مواجهة الإرهاب، وحتى لا يتعرض للإصابة بداء التوحش، ويبدأ مشروع الإصلاح بإنصاف المنتمين والعاملين فيه، من حيث الدور فى حماية الجبهة الداخلية، ومن حيث الدخل أيضا، وبعد ذلك لا بد من تحديد دقيق وواضح لا يتم الخروج عليه بشأن عقيدة هذا الجهاز الذى لا بد أن يؤسس على شعار الشرطة فى خدمة الشعب، ولا يسمح أبدا بشعارات، مثل الشرطة والشعب فى خدمة القانون، فالقاعدة أن الشعب هو صانع كل مؤسساته، وأن جميع العاملين فى تلك المؤسسات هم فى خدمة الشعب، ويجب أن يكون جوهر عمل الشرطة ورسالتها هو توفير الأمن للمواطنين، وحتى يتحقق ذلك لا بد أن يكون محور عملها ونشاطها هو مواجهة الجريمة ومن أجل أن يتحقق ذلك بكفاءة لا بد أن تخرج الشرطة من مهام عديدة أثقلت كاهلها، وأبطأت حركتها، وجعلتها مشتتة، مثل الأمن الغذائى والأمن السياسى والأمن المركزى والجوازات...إلخ.
وهناك مهام لا بد من إعادة تحديد دقيق لملامحها، مثل أمن الدولة التى يجب أن تكون جهة معلومات وليست لها أى علاقة بالتحقيقات التى كانت تجرى فى السجون والمعتقلات، وتورط فيها الجهاز بالتعذيب، وهناك الأمن المركزى الذى يجب أن يحول إلى فرقة مكافحة الإرهاب ذات التدريب العالى وفرقة دعم الدفاع، وهى المنوط بها التواجد على أرض سيناء، وتكون ذات تدريب احترافى وذات ثقافة وطنية عالية أيضا، وبالإضافة لذلك لا بد من تكليف جهات مدنية بمهام، مثل الجوازات والهجرة، بعد ذلك لا بد أن يتم الحديث الصريح عن دور قسم الشرطة الذى يجب أن يكون من أركانه قاضى تحقيق يعمل على إنهاء العديد من القضايا التى لا تحتاج إلى تصعيد للنيابة والمحكمة، مما يوفر معاناة هائلة يعانى منها قضاة مصر فى أجندات المحاكم المتخمة بالقضايا اليومية، كما يجب أن يكون من أركان القسم ممثل لحقوق الإنسان حتى لا تحدث جرائم تعذيب وسجن مهدر للكرامة داخل أقسام الشرطة.
وإذا تم ذلك، عندها يتحقق إصلاح جهاز الشرطة، وبالطبع لا يفوتنا الحديث عن كلية الشرطة وطريقة دخولها ومناهجها التعليمية.