"سبق" في مركز تطوير الحرس الوطني.. نهج تنظيمي يتماشى مع الرحلة التطويرية

الحلول متسارعة وتتجدد ألوانها كل يوم.. ولمساتها بدأت تتضح بعد الأمر السامي

تصوير: عبدالله النحيط

التطوير، التحول، التغيير، رؤية 2030 هي.. كلمات باتت -بلا شك- السمات الأساسية والمميزة لقاموس المصطلحات التي تتجسد يومًا بعد آخر على أرض الواقع في مشاريع اقتصادية وصحية وعسكرية وثقافية.

وتفصيلاً، صدر الأمر السامي الكريم بتأسيس برنامج تطوير الحرس الوطني في منتصف عام 1440 هــ ليقود عملية التطوير في الوزارة من خلال تمكين منسوبي الوزارة للبدء في تحقيق الأثر والمنفعة المرجوة من هذا التطوير على مستقبل الوزارة والمملكة العربية السعودية.

ويطمح البرنامج لدعم الكفاءة العسكرية، وتعزيز قدراتها وجاهزيتها، واتساقها مع المنظومة الدفاعية والأمنية للمملكة، إضافة للتكامل مع المنظومة الصحية في السعودية في سبيل تقديم خدمات طبية عالية الجودة.

وعن الأيام الأولى في تاريخ البرنامج تحدث الدكتور مشعل المسعد، المدير العام التنفيذي لبرنامج تطوير وزارة الحرس الوطني، لـ"سبق" قائلاً: "مرحلة تأسيس برنامج التطوير بالوزارة كانت كأي مرحلة تأسيس لإدارة حديثة ومقر جديد؛ تكتنفها بعض التحديات، لكن استطعنا تجاوز صعوبة البدايات، بفضل من الله، ثم بفضل الدعم الكبير الذي تلقيناه من سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد من سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، والمتابعة الدائمة من وزير الحرس الوطني الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز -حفظه الله- التي لطالما كان لها الأثر الكبير في عملنا".

وأضاف: "وزارة الحرس الوطني وزارة طموحة، لم تتوقف أبدًا عن مشوار التطوير. وبرنامج التطوير الحالي يعد مرحلة جديدة من مراحل تطوير الوزارة بقطاعَيْها العسكري والصحي؛ ليركز بشكل أكبر على جانب تعزيز العمل المؤسسي في القطاعين، ووضع استراتيجيات واضحة لهما، والتركيز على المهام والتخطيط لها".

بيئة عمل شمولية

وبين أروقة هذا المبنى نشهد يومًا في حياة فريق عمل برنامج التطوير من موظفين وموظفات من مدنيين وعسكريين، يعملون معًا بشكل متسق كصورة ارتسمت بكل معاني العزة والفخر بأيدٍ وطنية شابة طموحة، تعمل من أجل غاية واحدة وإرث، تُروى بطولاته عبر الزمان. ويكمل الدكتور "المسعد" حديثه بالقول: "طموحاتنا في برنامج تطوير وزارة الحرس الوطني متعددة، تصب جميعها في تعزيز الاستجابة السريعة للمخاطر والتهديدات المتغيرة ضد المملكة العربية السعودية، وقيام الوزارة بدور محوري في مساندة منظومتَي الأمن والدفاع، إضافة إلى التكامل مع المنظومة الصحية في السعودية لتقديم خدمات ذات جودة عالية. ولمواكبة هذه الطموحات عمل البرنامج على تطوير خطة منهجية؛ لتشمل مرحلتَي الدراسة الشاملة وإطلاق المبادرات، نقودها بدعم منقطع النظير من منسوبي الوزارة".

وأردف: "لأن الأساس العملي في ضمان تنفيذ مشاريع التحول يبدأ بنموذج تشغيلي جيد، يتكون البرنامج من ثلاثة مراكز تميز، تُعنى بالتغيير والدراسات التفصيلية والتنفيذ. وما يميز عمل برنامج تطوير وزارة الحرس الوطني عن غيره هو تطويره نهجًا تنظيميًّا، يتماشى مع الرحلة التحولية للوزارة من خلال إنشاء نسيج مترابط من المشاريع والكفاءات؛ إذ يتم تصنيف عمليات المشاريع تبعًا لكل مرحلة من مراحل عملية التطوير لدمج الخبرات المناسبة؛ وذلك لتأكيد عملية العمل المشترك والثقافة المطلوبتَين في البرنامج".

ويشدنا هنا حديث "المسعد" عما يسعى له برنامج تطوير وزارة الحرس الوطني من تميز مؤسسي، وتحقيق تطوير مستدام، من خلال الاستثمار في بناء رأس المال البشري في الوزارة، وذلك حين يتقدم قائلاً: "تمتلك وزارة الحرس الوطني كنزًا من الكفاءات الوطنية التي نفخر بها، ونعتمد عليها كثيرًا في برنامج التطوير؛ لذا نعمل على الاستفادة من خبراتهم، سواء من خلال عملهم بشكل دائم في مكتب البرنامج، أو بشكل جزئي في مشاريع التطوير؛ إذ يشكل منسوبو القطاع العسكري حتى الآن 43 % من فريق عمل البرنامج".

مشاريع سريعة

وفيما يخص أبرز مشاريع البرنامج يُحدِّثنا سعود آل حمود، المدير التنفيذي لإدارة الاستراتيجية، قائلاً: "تم الانتهاء حاليًا من تحديد التوجُّه الاستراتيجي وملامح النماذج التشغيلية لوزارة الحرس الوطني في القطاعَين العسكري والصحي، وذلك بعد جمع بيانات أكثر من 609 مشاريع قائمة بالوزارة، وتحليل أكثر من 80 مستندًا متعلقًا باستراتيجيات الأمن والدفاع الوطني، إضافة لتحديد أكثر من 250 تهديدًا أمنيًّا تجاه السعودية.

وتابع: "بعد أكثر من 23 مخرجًا رئيسيًّا، تم إنجازه للمشاريع كافة، يجري الآن التركيز على المسارات ذات الأثر على عملية التحول، وتفصيل خطط الانتقال التنفيذية لها؛ لتتضمن هذه المرحلة ثمانية مسارات أساسية، تغطي قطاعات الوزارة كافة، ويلي ذلك خروجنا بميثاق تحول وزارة الحرس الوطني، واعتماده من الجهات العليا؛ إذ سيشمل الميثاق خطة للانتقال للنموذج التشغيلي المستقبلي، ومجموعة من المبادرات في جميع قطاعات وزارة الحرس الوطني، بما فيها الشؤون الصحية".

يُذكر أن حزمة المشاريع التفصيلية للنموذج التشغيلي ستنطلق بالتوازي مع العديد من مبادرات المكاسب السريعة. وفي هذا الصدد يذكر المدير التنفيذي لإدارة المحافظ والمشاريع باسم القهيدان: "بناء على مخرجات دراسة الوضع الراهن تم إطلاق مكاسب سريعة عدة، ذات أثر عالٍ على الوزارة؛ لتتوافق مع مسارات تطوير وزارة الحرس الوطني".

ويواصل القهيدان قائلاً: "هذه المشاريع لا تتعارض مع خطتنا العامة للتحول، بل إنها تساعد في عملية إدراك الأثر الإيجابي لرحلة التطوير داخل الوزارة. ولقد بدأنا فعلاً بالعمل على مبادرات عدة تزامنًا مع إطلاق المشاريع التفصيلية، شملت مبادرة إنشاء وتفعيل إدارة الاستثمار، إضافة لإنشاء وتفعيل مركز التميز العسكري لتحديد الدروس المستفادة في وزارة الحرس الوطني، ومواكبة التطورات وتحليلها، إضافة لثلاث عشرة مبادرة أخرى". وتجدر الإشارة هنا إلى أن مبادرات المكاسب السريعة التي بلغت 15 مبادرة يقودها منسوبو الوزارة بالتعاون مع ممثلي برنامج التطوير.

تمكين القدرات

وكان من اللافت خلال الجولة في مبنى البرنامج الاهتمام الهائل بتنمية القدرات، واستحداث مركز متخصص، يُعنى بتوفير التدريب الملائم لجميع منسوبي وزارة الحرس الوطني. وعن دور هذا المركز في عملية التطوير يعلق المدير التنفيذي لإدارة التغيير محمد المبارك قائلاً: "من أهم الركائز التي تقوم عليها إدارة عمليات التغيير في أي قطاع هي بناء القدرات الداخلية في المنشأة، ومن هنا كان التركيز على تعزيز الكفاءات في وزارة الحرس الوطني، الذي يعتبر أحد أهداف البرنامج؛ لذا تم إنشاء (مركز بناء)؛ ليضمن مواكبة بناء القدرات الموائمة لعمليات التطوير على مستوى الوزارة بجميع قطاعاتها من خلال رفع مستوى الكفاءات القيادية والمهارات الفنية لمنسوبيها لتحقيق أهدافها المستقبلية، ولاستدامة عملية التطوير".

وأوضح "المبارك" أن المركز عمل حتى اليوم على تصميم ثلاثة برامج تدريبية بمعايير عالمية؛ ليطلق تلك البرامج في 28 يونيو بطاقة استيعابية لـ 40 متدربًا في المسار الواحد. ويعد البرنامج أحد مخرجات نتائج مشروع تقييم الجدارت، الذي شمل حتى الآن ما يقارب 2000 من منسوبي الوزارة. ويعكف مركز بناء على تصميم البرامج والدورات التدريبية المتخصصة بمسارات مختلفة، تشمل مجالات عدة، تلبي احتياجات الوزارة ومنسوبيها بما يحقق الشمولية والجودة والمرونة.

ولا تتوقف الجهود في هذا الصدد؛ فقد تم تطوير وتفعيل العديد من الأدوات المعززة لعملية التحول. ويكمل "المبارك": "يتكون برنامج تطوير وزارة الحرس الوطني من مجموعة من الكوادر الوطنية ممن يمتلكون القدرات الابتكارية والمهارات المتميزة؛ ليسجل إنجازات على كل الأصعدة، نعول عليها للانتقال إلى المراحل القادمة. فعلى سبيل المثال طور فريق البرنامج أداة قياس أثر التغيير لدراسة الآثار المترتبة من كل مشروع على الوزارة، ووضع الإجراءات الملائمة قبل وأثناء وبعد مرحلة التنفيذ. كما تم تطوير لوحة تفاعلية لتحليل وتقييم المخاطر المحتملة من عملية التحول؛ إذ تحدث آنيًا لتجنب المخاطر، وتخفيف آثارها. وتتضمن هذه اللوحة التفاعلية مجموعة من آليات التصدي المقترحة للتعامل مع أي طارئ؛ ليسجل ويوافق عليها من قِبل المستويات الإدارية المعنية".

هكذا كانت تفاصيل الصورة في برنامج تطوير وزارة الحرس الوطني، وما زالت مستمرة، وتتجدد ألوانها مع بداية كل يوم، مختلطة بالأصالة والحداثة؛ لتفاخر بتاريخ عريق وحاضر مشرق. وبذلك ينتهي الحديث مع الدكتور المدير العام التنفيذي لبرنامج التطوير في وزارة الحرس الوطني. وبالتأكيد لن تنتهي الصورة من التجدد، ولن تتوقف القصة، وستستمر وزارة الحرس الوطني في صناعة التطوير على مر الزمان؛ لتقف شامخة في تلك الصورة المتجددة.

صحيفة سبق اﻹلكترونية