تتخذ كل دولة من دول العالم، مجموعة من الرموز الخاصة بها؛ للتعبير عن شخصيتها وشعبها أمام الدول والشعوب الأخرى، وتحتوي الرموز الوطنية دائمًا على عناصر ترمز إلى الدولة وتربط شعبها بأرضه ولغته وثقافته، وقد اتخذت المملكة مجموعة من الرموز التي تعبر عنها؛ منها العلم السعودي، والشعار الوطني الذي يتشكل من السيفين المتقاطعين والنخلة، واليوم (الأربعاء) أضافت المملكة رمزًا جديدًا إلى المجموعة الرموز المعبرة عنها، بعدما اختارت اللون البنفسجي، لونًا معتمدًا لسجاد مراسم استقبال ضيوف الدولة الرسميين من رؤساء ووزراء وسفراء.
ويعبّر اللون البنفسجي في رمزيته عن اللوحات الطبيعية الجذابة، التي ترتسم في صحاري السعودية في بداية فصل الربيع؛ نتيجة اكتسائها بغطاء من النباتات البرية ذات اللون البنفسجي والروائح الذكية مثل: الخزامى، والعيهلان، والريحان. وبناء على ذلك فاللون مستمد من مكونات الطبيعة في المملكة، ويعمق ارتباط السعوديين بتلك المكونات، ويعبر عن جزء من سخاء الصحاري السعودية خلال العام، كما يعكس أجواء الربيع، التي تبعث في النفوس الشعور بالتفاؤل، والرغبة في التجدد من خلال الانطلاق إلى الطبيعة والانغماس في عالمها الساحر.
ويعكس اختيار المملكة للون البنفسجي لونًا معتمدًا لسجاد مراسم استقبال ضيوف الدولة الرسميين؛ قدرة السعوديين الدائمة على إثراء مكونات هويتهم، والتعبير عنها في أقوى صور التعبير وأكثرها تميزًا عن الغير؛ حيث إن الاختيار جاء ثمرة لمبادرة تغيير "سجاد مراسم الاستقبال"، والتي تعاونت في بلورتها وزارة الثقافة والمراسم الملكية، وتعد إحدى المبادرات التي كرّستها المملكة لإبراز مكونات وعناصر الهوية السعودية، والمحافظة على تراثها العمراني ومساجدها التاريخية؛ لتواصل إشعاعها الثقافي والروحي إلى حقب مقبلة.
ومما يضاعف من الأبعاد الثقافية لاختيار اللون البنفسجي لونًا معتمدًا لسجاد مراسم استقبال ضيوف الدولة الرسميين؛ إتاحته مساحة تصميمية للتعبير عن فن حياكة السدو التقليدي، الذي يزين أطراف السجاد الجديد، وهو فن مسجل رسميًّا على اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، ويتسم "السدو" بقيمة حضارية كبيرة بالنسبة للمملكة؛ إذ إنه من الحِرَف الإبداعية التقليدية، التي برع فيها سكان الجزيرة منذ القدم، ويعبر عن العراقة، وانطلاقًا من أهميته الرمزية؛ فقد اختارته المملكة في تصميم شعار قمة دول مجموعة العشرين، التي نظمتها في 2020، والمملكة سواء باختيارها اللون البنفسجي الذي يعبر عن ذوق رفيع، أو بحرصها على استمرار الحضور الإبداعي لـ"السدو"؛ فإنها تعبر عن شخصيتها الحضارية، من خلال غنى وثراء مكوناتها الطبيعية والثقافية.