كتب : مها البهنساوى منذ 42 دقيقة
لافتة كبيرة تكسوها الأتربة من كل جهة، ونافذة مفتوحة على مصراعيها توحى لمن يراها للوهلة الأولى بأن المكان مفتوح على مدار 24 ساعة، لا تغلق له نوافذ على مدار اليوم، وإطلالة مميزة على شارع رئيسى فى برج يعج بالأطباء فى كل المجالات، وسط كل الأسماء والتخصصات يظهر اسم «محمد البلتاجى» واضحاً بقوة على لافتة كبيرة حمراء، الطبيب المخضرم اختار أحد الأبراج الجديدة منذ عدة سنوات لينقل إليها عيادته، ولا مانع من أن تكون هى أيضاً مقر حملته الانتخابية، مكاناً لم يتبق منه سوى اسم يطل على الشارع وخلفيته عيادة مهجورة حطمها الأهالى مع سقوط نظام كان طبيب منطقتهم جزءاً منه.
5 أشهر مضت على أستاذ جراحة الأنف والأذن والحنجرة لم يتردد فيها على عيادته الخاصة، انتظره فيها مصابون كُثر جاءوا بحثاً عن العلاج المجانى الذى وعد به الفقراء فى حملته الانتخابية، ردود جاءت على لسان عم أحمد حارس العقار رقم «1» بشارع أحمد عرابى بشبرا الخيمة. فى بداية الأمر وبسؤاله عن القيادى الإخوانى ابتسم، ثم قال «بلتاجى مين؟ ما خلاص بقى راح وراحت أيامه»، يترحّم الرجل الخمسينى على عشرات المرضى المترددين يومياً على عيادته منذ عدة أشهر، ويعودون إلى منازلهم بخفى حنين بعد يأسهم من وجود طبيبهم فى عيادته، يضطرون وقتها أن يلجأوا لعيادات أخرى فيخسروا حظهم فى الكشف المجانى، يتحدث عنهم أحمد: «ياما ناس كتير جت تسأل على الدكتور ولما يتأكدوا من عدم وجوده يقولوا طبعاً يا بخت من كان رئيس الجمهورية صاحبه، انشغل بالسياسة ونسى أهل منطقته، حتى مقره الانتخابى الملاصق لعيادته كان مفتوحاً بموظف واحد يستقبل الشكاوى دون أمل فى حلها لأن سيادة النائب مش فاضى، حتى إن صاحب العمارة رفع عليه قضية لعدم سداده إيجار العيادة والمقر لمدة 5 أشهر».
بالطابق الثالث توقف الحارس عن الكلام تاركاً الفرصة لتفقد المشهد أمام عيادة البلتاجى، فى البداية تشير لافتة كبيرة أعلى المصعد إلى مقر حزب الحرية والعدالة، هى آخر ما تبقى من علامات تدل على هوية أصحاب المكان، بخاصة بعد أن تمزقت لافتة عيادة البلتاجى تماماً ولم يتبق منها سوى أحرف متفرقة ما بين كلمة «دكتور» وآخر أحرف فى كلمة «الحنجرة». قصة الهجوم على المكان يرويها «محمد» أحد العاملين بمكتب كمبيوتر فى شقة مجاورة للعيادة: «بعد آخر خطاب لمحمد مرسى، والذى كان فى فترة الـ48 ساعة التى أعطاها له الفريق السيسى هجم عدد من سكان المنطقة الرافضين لوجود الإخوان على العيادة، حطموها تماماً وكسروا المقاعد وكذلك اقتحموا مقر حزب الحرية والعدالة الانتخابى المجاور للعيادة، ومزقوا كل اللافتات وكسروا المقاعد والمكاتب فى معركة استمرت ما يقرب من ساعة، لم نتدخل فيها وأبلغنا الشرطة وقتها لحماية مكاتبنا وبعد انتهاء كل شىء اشترينا «قفل وجنزير» وأغلقنا أبواب المكتبين حتى لا يتحولا إلى وكر للخارجين على القانون، وأغلقنا الأبواب الحديدية وأرسلنا المفاتيح إلى مدير أعمال البلتاجى، ومنذ ذلك الوقت لا نعرف عنهما أى شىء سوى متابعة القيادى الإخوانى وهو يحرّض على القتل من منصة رابعة العدوية».
يتحدث أحد جيران البلتاجى متذكراً أنه كان يمتلك بيتاً مجاوراً للعيادة فى نفس المنطقة بشبرا الخيمة، ويقول: «الناس كانت بتنتخبه لأنه عايش معاهم وعارف مشاكلهم، ولكن سبحان مغير الأحوال ربنا فتح عليه من بعد ثورة 25 يناير بفترة، وقتها انتقل إلى شقة بالتجمع الخامس، ولم يعد يتردد على منزله هنا إلى أن توقف أيضاً عن زيارة عيادته بعد تولى مرسى الرئاسة بعدة أشهر».
اخبار متعلقة
بيوت «الإخوان» حكايات وشهادات.. وذكرى تنفع المؤمنين
فيلا «صفوت حجازى»: مقصد الأمن.. والحرامية
بيت الشاطر «الداخلية» كانت تحرسه.. والزوجة والأبناء يبحثون عن «خروج آمن» والجيران انتهت أيام «القلق»
مكتب «الشاطر» اسمه «نهضة مصر».. وطبيعة العمل: مقابلة الضيوف وإدارة نشاط الإخوان و«أشياء أخرى»
شقة «مرسى» كل ما بقى «كولدير» يحمل اسم «المشير»
فيلا «بديع».. قلعة محصنة بالفولاذ