أكد سياسيون وباحثون يمنيون أن تحقيق السلام في اليمن في ظل استقواء ميليشيا الحوثي بالسلاح، وارتهانها للمشروع الفارسي الإيراني، ضربٌ من المستحيل.
وفي التفاصيل، دعا المتحدثون في ندوة نظمها المنبر اليمني للدراسات والإعلام مساء يوم أمس الأربعاء عبر تطبيق زووم، وذلك تحت عنوان (الإرهاب الحوثي الإيراني وإهدار فرص السلام في اليمن)، كل أبناء الشعب اليمني إلى مقارعة الأفكار الحوثية المستوردة، وتوحيد الصف الوطني لمواجهة مشروع إيران وإسقاطه.
وأشار المتحدثون إلى التاريخ الطويل لميليشيا الحوثي في نقض الاتفاقات، وعدم الوفاء بالتزاماتها انسجامًا مع طبيعتها الفكرية القائمة على الحرب والترهيب.
ومن ناحيته، سرد سفير اليمن لدى منظمة اليونيسكو، الدكتور محمد جميح، جانبًا من تاريخ الحوثيين في نقض الاتفاقات منذ أول حربهم مع الدولة اليمنية في عام 2004، وصولاً إلى دخولهم مؤتمر الحوار الوطني رغم رفعهم السلاح. موضحًا أنهم هدفوا من وراء ذلك إلى مخادعة وإشغال الناس عن بناء ترسانة الميليشيا المسلحة، سواء تلك التي نهبتها من الدولة، أو التي زودتها بها من إيران.
ولفت "جميح" إلى الإرث الإمامي الذي يستند إليه الحوثي، وأنهم لا يؤمنون إلا بالقوة. لافتًا إلى سعيهم خلال مختلف محطات المشاورات إلى الخروج بمفاوضات لا نهائية، لكنهم بعد كسب الوقت يرفضون التوقيع كما حدث في مؤتمر الحوار، وفي مشاورات الكويت.
وألمح إلى ابتزاز الحوثيين المجتمع الدولي بخزان صافر، وميناء الحديدة، والوضع الإنساني، ونكوصهم عن تنفيذ اتفاق استوكهولم لما يقرب من عامين.
وأكد السفير جميح أن الحوثيين يعتمدون القوة المسلحة والعنف الطريق الوحيد للسيطرة على السلطة، بينما يروجون لدى الخارج أنهم طلاب سلام، والحقيقة أنهم دعاة حرب وعنف، وهو الأمر الذي أدى إلى فشل المبعوث الدولي مارتن غريفيث في إحراز سلام لجهله بطبيعة الميليشيا الحوثية، وطبيعة المجتمع اليمني أيضًا.
من جانبه، أوضح وزير الأوقاف والإرشاد، الدكتور أحمد عطية، بدايات علاقة طهران مع أدواتها، ومنها الحوثي، مشيرًا إلى أنها بدأت بعودة الخميني إلى طهران بغرض تصدير الثورة القائمة على أساس ولاية الفقيه. مذكرًا ببداية العلاقة غير الشرعية بين الحوثيين والنظام الإيراني في عام 84 حينما ذهب بدر الدين الحوثي مع عدد من أبنائه إلى قم لتشرُّب الفكر الإيراني بشقيه العلمي والسياسي في فترة غفلة النخب والنظام السابق آنذاك.
ولفت "عطية" إلى النظرة الطائفية السلالية المتجذرة في فكر الجماعة التي لا تقبل رئيسًا لليمن إلا من إطارها الجغرافي والسلالي؛ وهو ما دفعها للانقلاب على مخرجات الحوار ومسودة الدستور. مؤكدًا أن الحوثي لا يقرأ من كتاب اليمن، وأن مشروعه دخيل على اليمن وثقافته وأعرافه.
وكشف أن لدى الحكومة اليمنية قاعدة بيانات متكاملة عن استقدام الحوثيين، مدرسين وخبراء عسكريين وسفن الأسلحة التي من إيران، في سبيل تحقيق المشروع الإيراني، والسعي إلى تغيير هوية الشعب اليمني من هوية يمنية عربية خالصة إلى هوية فارسية.
وأوضح أن الحوثي يستخدم الإرهاب والعنف بدلاً من صندوق الانتخابات خدمة للمشروع الإيراني التوسعي الذي أطلق بموجبه الصواريخ على محافظات اليمن وبلاد الحرمين الشريفين.
وفي ورقته أكد عادل الأحمدي، رئيس مركز نشوان للدراسات والإعلام، أن السلام لدى الحوثي هو شعارات بلا التزامات، ومجرد خدعة لاستمرار الحرب. مشيرًا إلى أنه لا يوجد أدنى مؤشر على أن الحوثيين ينوون التجاوب مع السلام، مستدلاً بممارساتهم في صنعاء بتجريف المؤسسات والمجتمع، والسعي إلى تحوير الدولة اليمنية لتصبح على مقاس سلطة إمامية قهرية كهنوتية، تحكم بالحديد والنار.
وقال الأحمدي: بإمكان الحوثي أن يلتزم بما تفرضه الإرادة الوطنية والقرارات الدولية، ولكن الحوثي هو من فرض الحرب منذ 2004م، لكنه بدلاً من ذلك يسعى إلى تقسيم التفاوض حول السلام إلى قسم عسكري وآخر سياسي. مؤكدًا أن الحل يبدأ بأخذ السلاح من يد المجنون حتى يحل السلام.
وأشار إلى أن الحوثي لم يسالم المجتمع اليمني بكل فئاته حتى مَن تحالف معه، ولا حتى المجتمع الدولي؛ لأنه يتبنى المشروع الإيراني. واصفًا المشروع الحوثي بأنه مشروع مجنون، ليس لديه أي عقل أو فرامل توقفه عن الحرب، وأن قراره مرتبط بإيران وحزب الله الذي يعبث بالمنطقة.
وأكد "الأحمدي" أن وجود المشروع الحوثي مرتبط بالحرب لا بالسياسية، موضحًا أن جذور ومرتكزات المشروع العنصري الإمامي السلالي قائم على الحرب، وهذا الأمر تثبته شواهد كثيرة عبر تاريخ طويل.
وجزم الباحث الأحمدي بأن الحوثيين يعتبرون السلام هو العدو، داعيًا الشعب اليمني والعالم أجمع إلى أن يعي هذه الحقيقة حتى لا نظل نحرث في البحر.
وقدم وكيل وزارة الإعلام الدكتور محمد قيزان، والكاتب الصحفي ثابت الأحمد، والناشطة الحقوقية أروى الخطابي، مداخلات، دعت إلى الاهتمام بالمعركة الثقافية في وجه التجريف الحوثي للهوية الوطنية، وسعيه إلى تدمير الجيل ومسخ العقول. ودعوا في ختام "الندوة" إلى توحيد الصف الوطني، والبُعد عن الخلافات التي تغذيها ميليشيا الحوثي، والتركيز على دعم الجيش الوطني في مختلف الجبهات، والعمل الجاد من أجل تعريف المجتمع الدولي بحقيقة ما يجري في اليمن، وحقيقة الانقلاب والمشروع الحوثي.