كتب : محمد عبدالجليل منذ 23 دقيقة
يظل لكل موسم درامى علامة فارقة تظل ملمحاً مميزاً له مهما مرت عليه السنون، وهذه السنة جاء هذا الوصف لينطبق على مسلسل «ذات» الذى نجح فى أسر المشاهدين فى عالمه منذ حلقاته الأولى، وجاءت نيللى كريم لتقدم أهم أدوارها على الإطلاق فى مشوارها الفنى الذى قدّمت فيه أدواراً جيدة كثيرة لكنها لم تحقق لها هذا التواصل والتفاعل مع الجمهور كما حدث مع الشخصية التى صاغ ملامحها الروائى الكبير صُنع الله إبراهيم ومن بعده الكاتبة مريم ناعوم التى صاغت الرؤية الدرامية للمسلسل.
■ هل كنت تتوقعين أن يلقى «ذات» هذا النجاح؟
- لا أستطيع أن أجزم بأننى توقعت أن يكون نجاح العمل بمثل هذه القوة، وذلك رغم الجهد الذى بُذل فيه، أنا كنت أدرك فقط أننى أقدم عملاً متميزاً وعلى درجة عالية من الإتقان، لكن فى النهاية يبقى علينا كصنّاع العمل الاجتهاد ويبقى النجاح مرهوناً بعوامل كثيرة، وإن كان هناك إحساس سيطر على وقتها أن العمل لن يلقى صدى قوياً إلا فى طبقة المثقفين أو جمهور النخبة الذى أحب الرواية التى استوحى منها العمل بسبب قيمة كاتبها، ولم أتوقع على الإطلاق أن يتفاعل مع المسلسل المتفرج العادى البسيط بمثل هذه الصورة التى شكّلت لى مفاجأة كبيرة، وأيضاً وجد العمل صدى كبيراً فى طبقة أخرى من المشاهدين الذين لا يهتمون بمشاهدة الدراما العربية إلا قليلاً، وفوجئت بردود فعلهم وتعليقاتهم على العمل، التى أشادت به.
■ ما تفسيرك إذن لما حدث؟
- أعتقد أن القصة نفسها هى التى صنعت كل هذه الحميمية مع المسلسل وأحداثه، فالناس شاهدت فى المسلسل مصر التى تفتقدها بكل تفاصيلها وملامحها، بدءاً من الاحترام المتبادل فى العلاقات بين الناس، ومروراً بالترابط الأسرى الدافئ والأغنيات القديمة الساحرة، ووسط هذا شخصيات العمل كلها، وعلى رأسها «ذات» ببساطتها التى جعلت الكثيرين يرون فيها ملامح المرأة المصرية التى يقابلونها كل يوم فى مختلف الأماكن والطبقات الاجتماعية، كل ذلك فى رأيى كان وراء نجاح العمل بهذا الشكل.
■ ما أكثر ردود الفعل التى وصلتك وأصابتك بالسعادة؟
- أفضل شىء حدث لى هو أن الناس عندما كانت تقابلنى لم تكن تقول لى «مبروك» وإنما كانوا يقولون «شكراً»، وهذا لم يحدث لى من قبل على مدار السنوات السابقة، الناس كانت تشكرنى على إعادتها من خلال المسلسل إلى زمن جميل يفتقدونه ويحلمون بالعودة له، وكان يعجبنى أيضاً ترديد بعض المشاهدين طوال الوقت الجمل التى تأتى على لسانى فى المسلسل مثل «نام يا عبده.. » وغيرها، والأهم أنه كان هناك تعليق يومى على كل حلقة، وكل مشكلة يتم تقديمها، وهذا فى رأيى لا يحدث كثيراً فى الدراما التليفزيونية.
■ هل اعتبرتِ هذا النجاح تعويضاً عن تأجيل عرض المسلسل أكثر من مرة؟
- بكل تأكيد، فنحن عملنا بالمسلسل لأكثر من عامين ونصف العام من العمل المتواصل، وقد أصابنى ذلك وقتها بالضيق، ولكنى تجاوزت ذلك بعدها بقليل، لإيمانى بأن كل شىء نصيب، كما أن توقيت العرض تحكمه الكثير من العوامل المتعلقة بجهة الإنتاج وظروف التسويق للفضائيات وغيرها، ولكن فى النهاية جاءت النتيجة بعد عرض المسلسل مُرضية إلى حد كبير رغم أنه يُعرض على قناة واحدة فقط بشكل حصرى، إلا أن نسبة مشاهدته كانت عالية جداً.
■ هل سيعيد نجاح «ذات» حساباتك فى اختياراتك المقبلة؟
- بكل تأكيد، كل عمل أقدمه يُلقى على عاتقى عبئاً جديداً فى اختيار العمل الذى يليه، ولكنى فى النهاية أتعامل بطريقة تفكير واحدة وبشروط ثابتة وأبحث فى كل عمل يُعرض عن عناصر بعينها، إذا لم تتوافر أعتذر عنه فوراً، وربما كان ذلك السبب وراء عدم قبولى أعمالاً كثيرة لا تتوافر فيها تلك العناصر التى أبحث عنها، فأنا لا أسعى للتمثيل من أجل الوجود فقط، بل أبحث عن أعمال متكاملة من جميع العناصر، سواء من ناحية الإخراج أو الكتابة أو التمثيل، وهذه معادلات صعبة تضع أى فنان فى مأزق طالما يبحث عن أعمال جادة.
■ كيف تأثرتِ بالعمل مع مخرجين اثنين خلال المسلسل؟
- على مستوى أدائى كممثلة، أرى بكل تأكيد أن المسلسل يرجع فى الأساس إلى كاملة أبوذكرى، لأنها هى التى وضعت الخطوط العريضة لكل الشخصيات وملامح الأداء بكل منها، ولقد فهمتُ شخصية «ذات» ووضعت أسسها مع «كاملة»، ثم جاء بعد ذلك المخرج خيرى بشارة، ولم يتغير فهمى للشخصية التى تعاملت معها قبل ذلك خلال الـ18 حلقة الأولى، أما التفاصيل الإخراجية فكل مخرج له طعم ونكهة خاصة به، ولكن على سبيل المثال أصبت بالضيق نتيجة عدم وجود أغنية فى كل حلقة، بدءاً من بعد الحلقة الـ18 كما كان يحدث فى حلقات سابقة، وتأثرت بذلك، لكن فى النهاية هذه تفاصيل إخراجية لا أملك التدخّل فيها وإن كنت تمنيت أن يكون العمل كله على نفس الشاكلة وبسياق موحد.
لم أتوقع كل هذا النجاح للمسلسل.. والناس كانت تشكرنى وتردد كلماتى فى كل حلقة
■ ما أكثر مرحلة أرهقتك فى شخصية «ذات»؟
- شعرت بالتحدى أمام الشخصية فى كل مراحلها، فهى امرأة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، نراها منذ أن كانت طالبة تتطوّر علاقتها بالحياة وبمن حولها، وكأنها تتعلم الحياة، نراها قوية فى أحيان، وضعيفة فى أحيان أخرى، ومليئة بالتناقضات والمشاعر المختلفة، وكانت الصعوبة نابعة من تعدُّد مراحل الشخصية، التى أرهقتنى بشكل كبير فى التنقل من مرحلة إلى أخرى، فنحن نراها طالبة وزوجة وأماً وجدة، وكل مرحلة لها ملامح وتفاصيل مختلفة فى الشكل والحركات وأسلوب الأداء منذ 18 سنة وحتى نهاية المسلسل التى تصل معها إلى 62 سنة، وإن كانت المرحلة الأخيرة هى التى أصابتنى بالاكتئاب وطلبت تأجيل أول يوم تصوير عقب مشاهدتى لنفسى فى المرأة.
■ كيف رأيتِ المنافسة الدرامية هذا العام؟
- أتصور أن هذا العام شهد واحداً من أفضل المواسم الدرامية على الإطلاق فى السنوات الأخيرة، فقد شاهدنا عدداً من الأعمال المتميزة واللافتة فى جميع عناصرها، سواء التمثيل أو الإخراج أو التصوير والسيناريو، مثل «موجة حارة»، و«بدون ذكر أسماء»، و«نيران صديقة» و«آسيا»، و«نكدب لو قلنا مبنحبش»، و«فرعون»، و«الداعية» وغيرها، حتى لو كانت هناك أعمال متوسطة المستوى فإن الغالبية كانت متميزة.
■ وما مشروعك المقبل؟
- أستعد لتصوير فيلم «يوم للستات» أمام إلهام شاهين وإخراج كاملة أبوذكرى أيضاً.
■ هل لديكِ نية لتكوين شراكة فنية مع كاملة أبوذكرى؟
- لا أنظر إلى الأمور بهذه الطريقة، وإن كنت أتمنى بالفعل أن يكون لدىّ كثير من الأعمال معها منذ نجاح فيلم «واحد صفر» ومن بعده مسلسل «ذات»، وأرى أن هناك بالتأكيد كيمياء فنية بيننا، كما أثق فى اختياراتها ورؤيتها دائماً لأنها تعمل طوال الوقت على تقديم شخصيات حقيقية وواقعية فى إطار موضوعات تكتب لها الاستمرارية مهما مر عليها من وقت، وهذا فى رأيى أحد أهم أسرار نجاحها.