كتب : الأناضول السبت 03-08-2013 18:45
ما زالت اليافطة التي تحمل عبارة "انتبه قناص"، إبان حرب البوسنة، تمثل أكثر نماذج الموت المأساوية، الماثلة أمام أذهاننا حتى يومنا هذا، حيث قتل القناصة الصرب المئات من البوسنيين لدى استهدافهم من أماكن خفية.
وكان العشرات من البوسنيين يسقطون أرضاً في شوارع البوسنة، نتيجة تلقيهم رصاصة لم يعلموا مصدرها، ودون أن يشعروا بقدومها نحوهم، حيث عرف هذا النوع من الموت الأكثر مأساوياً في وقت لاحق باسم "موت القنص".
القناصين الصرب بدورهم، التقطوا مشاهد فيديو أثناء عمليات القنص هذه، وقاموا ببيعها لمحطات تليفزيونية.
المعارضة السورية ترجح أن يكون القناصة من "حزب الله" أو إيرانيين
واجه البوسنيون هذه المأساة في شوارع البوسنة، المكشوفة أمام تلة "تريبيفيتش" والمطلة على نهر "ميلجاكا"، بالشوادر واليافطات الكبيرة، وذلك في محاولة لحجب رؤية القناصة الصرب، كما كانوا يثبتون على مدخل كل شارع يافطة "احذر قناصة".
كابوس حلب:
على المدخل الشمالي لمدينة حلب، وعلى أحد مداخل شوارع المدينة، توجد يافطة مكتوبة بخط اليد "انتبه يوجد قناص"، والتي تظهر الكابوس المشترك بين حلب والبوسنة.
قوات النظام التابعة للأسد تنشر قناصتها في أماكن خفية، في المناطق التي تسيطر عليها، وتقوم بأعمال قنص دون تمييز، بحق سكان تلك المناطق السكنية، التي تتواجد فيها المعارضة، أما الحلبيون أنفسهم، فلم ينتبهوا في البداية للموت الصامت الذي حل بهم، فيما شرعوا بعد أن اكتشفوا الأمر بتعليق يافطات التحذير في الشوارع.
ويستطيع قناص واحد أن يشل حركة منطقة يقطنها الآلاف من المواطنين، كما أنه من الصعب جداً تحديد مكانه، ومن شبه المستحيل القضاء عليه، لهذا السبب تحاول قوات المعارضة تدمير المبنى الذي يشتبه بوجود قناص به بالكامل.
ويستخدم السكان عدة طرق للوقاية من القناصة في الشوارع المزدحمة، ففي بعض الشوارع يتم وضع الأكوام الرملية على أرصفتها، بحيث تحجب الرؤية، وفي بعض الشوارع يتم سقف الشوارع بالشواد، وذلك بربطها بين الأبنية، وفي حالات أخرى تتمكن المعارضة من تحديد ساعات عمل القناصة، حيث يبدأ الناس بالحركة الحرة بعد انتهاء ساعات عمل القناصة.
الأناضول تشهد أعمال قنص:
بدوره فريق الأناضول كان شاهداً على أعمال القنص، حيث سجلت كاميرا الأناضول مشهد اشتباك أحد عناصر المقاومة مع القناصين، لفترة وجيزة، كما وثق الفريق حادثة أخرى، حينما لفت نظر عامل صيانة الكهرباء، الذي كان يمارس عمله وسط الشارع، الرصاص المنطلق، مثيراً الغبار على الأرض، بينما كانت هناك قافلة تنوي عبور الشارع، حيث حال سكان الشارع دون وقوع كارثة آخر لحظة.
قناصة دمشق:
وترجح المعارضة أن يكون القناصة من عناصر حزب الله، أو من القناصة الإيرانيين، حيث استندوا في هذه المعلومة على هويات بعض القناصة الذين تم قتلهم.
مراسل الأناضول "علي دمير" شاهد عمليات القنص في أحياء دمشق، حيث قتل القناصة عشرات الأشخاص في أحد شوارع جوبر، عندما كانوا يستهدفون الأشخاص الذين كانوا يحاولون إخلاء الجثث الملقاة على الأرض، وبقيت الجثث ملقاة في الشوارع، وفاحت رائحة الجثث في المكان.
الحياة في حلب:
إلى ذلك، يصارع الناس في حلب من أجل البقاء على قيد الحياة، منذ اندلاع الحرب قبل قرابة عامين ونصف العام، وينخرط في تلك الحرب حوالي 5 ملايين شخص، اعتادوا على العيش على مقربة من الموت، من أجل تأمين حياة جديدة، أصبح كل شيء معتاداً بالنسبة لهم، القصف، وقذائف الهاون، والقناصة، وأصبحوا يعانون من أجل تربية أطفالهم، وإحضار الخبز لعوائلهم، والبقاء على قيد الحياة، حيث حددت الحرب قوانين حياتهم، وثقافتهم، إنه صراع البقاء.
ويقول الحلبيون إن قصف الطائرات، ونيران المدفعية، وصواريخ سكود انخفض خلال شهر رمضان، وتظهر في بعض المناطق 3 إلى 4 بنايات مدمرة بفعل صواريخ سكود، بينما لا تظهر آثار الحرب في بعض الأحياء الأخرى.
إلا أن سوق حلب التاريخي، والمسجد الأثري لم يعودا صالحين للاستخدام بعد أن تم قصفهما، فيما غادر أصحاب الحرف المدينة، وتقوم بعض المحلات التجارية، بين الشوارع بفتح أبوابها في أوقات توقف القصف.
ويتوافد الناس على مركز المدينة بعد انخفاض درجات الحرارة في ساعات المساء، من كل يوم، من أجل التزود بالمواد الأساسية الموجودة لدى الباعة المتجولين، والمحلات التجارية التي تظهر عليها آثار الرصاص والقذائف.
فيما يتم تسليم المساعدات الإنسانية القادمة من تركيا، إلى البيوت، حيث تواصل العائلات حياتهم مستعينة بتلك المساعدات.