على بعد أكثر من 60 كيلو جنوب غرب مدينة بنى سويف انتقل "اليوم السابع" إلى قرى الظهير الصحراوى، التى هى إحدى المشروعات التابعة لهيئة التعمير والتنمية الزراعية وعددها فى بنى سويف ثلاث قرى بمراكز ببا وسمسطا والفشن، بها أكثر من 260 وحدة مساحة الوحدة 150 مترا، منها 63 متر صافى مساحة الوحدة السكنية والباقى فناء خارجى وسور حيث تتضمن الوحدة غرفتين وصالة علاوة على حمام ومطبخ توجد 100 وحدة فى قرية سمسطا الجديدة بمركز سمسطا وحدة 100 فى قرية الشروق بمركز الفشن و54 وحدة بقرية شروق مركز ببا، وبخلاف الأخيرة فإن جميع الوحدات بهذه القرى لبعدها عن العمران تسكنها الأشباح.
وعلى الرغم من ملايين الجنيهات التى أنفقتها الدولة على تلك القرى وتوفير جميع المرافق والخدمات بها من مدارس ومجمعات للأسواق ووحدات صحية ومخابز غيرها من الخدمات، إلا أن سوء التخطيط وبعد هذه القرى عن العمران وعدم وجود مصدر دخل لقاطنى هذه القرى كان وراء هروب حاجزى تلك الوحدات من العيش فيها وتركها لتسكنها الأشباح ولتكون مأوى لقاطعى الطرق والمجرمين الفارين من القانون.
وبدأت حكاية هذه القرى منذ عام 2009 ضمن برنامج الرئيس الأسبق حسنى مبارك الاتخابى حين فكرت الدولة بتخصيص تلك القرى لشباب الخريجين ومنحهم قطعة أرض تقارب الخمسة أفدنة زراعية فى الصحراء للشاب الواحد، ومنحة منزل "وحدة" مقابل مبلغ خمسة آلاف جنيه، ويقع الاختيار على الشاب من خلال قرعة علنية.
ومن خلال قرعة علنية تم تسليم الفائزين الوحدات لتلك القرى وسلمها إليهم بنفسه الرئيس الأسبق، وذلك عن طريق الفيديو كونفرانس حين كان يفتتح مشروعات فى محافظة أسوان، وتبعد قرية سمسطا الجديدة عن مدينة سمسطا بحوالى 25 كيلو مترا، بما يعادل 60 كليو عن مدينة بنى سويف، وبما أنه لا توجد مواصلات فعلى من يريد الوصول إلى القرية استقلال دراجة بخارية.
وتتكون القرية من وحدات تصل إلى 100 وحدة، وتوجد مدرسة ابتدائية ومسجد ووحدة صحية ومجمع للأسواق، ولكن جميعهم مغلق ولا يعمل كما أن الوحدات الموجودة بعضها تم نهبه وسرقة أبوابه ونوافذه وعدم التسليم للأراضى.
ولم تكن مشكلة بعد هذه القرى عن العمران وافتقادها للأمن والأمان هى المشكلة الوحيدة بل الأراضى التى خصصت للشباب بالقرب من هذه القرى كان بها العديد من المشاكل، منها عدم صلاحية هذه الأراضى للزراعة، فهى تحتاج إلى عشرات الآلاف من الجنيهات لتسويتها وتمهيدها للزراعة، كما أنه لا تصلها مياه الرى ولا توجد مصادر للرى، اللهم الا من خلال توصيلات معينة من أصحاب المزارع الكبرى وشركات استصلاح الأراضى التى نهبت الأراضى الصالحة للزراعة، واستحوذت عليها وقامت بإعادة بيعها لأصحابها الأصليين فى غياب من المسئولين من جميع الجهات المعنية، مما دعا أهالى قرية سمسطا الجديدة بعمل وقفة احتجاجية أمام ديوان عام المحافظة احتجاجا على عدم قيام المحافظة بتسليمهم مساحة خمسة آلاف فدان لاستصلاحها وزراعتها بعد تسلمهم لمنازل القرية بالظهير الصحراوى، تنفيذا لوعود المسئولين فضلا عن استيلاء بعض المستثمرين من خارج المحافظة على الأراضى.
ومنها شركة صاحبها لواء بالمعاش والذى قام بالاستيلاء على 30 ألف فدان من أملاك الدولة وزراعتها وحرمان شباب الخريجين من تملك تلك الأراضى بحجة أنه استصلحها، كما أنه يقوم ببيع الفدان بسعر 25 ألف جنيه بدعوى أنه كان على علاقة بالمسئولين وقد تبين أن الأرض غير مقررة الرى وخارج خطة التوسع حتى عام 2017، ولها قرار إزالة بالقوة الجبرية والشركة غير مخصص لها عقد بيع أو إيجار من قبل هيئة التنمية الزراعية، ومع ذلك قامت الشركة ببناء محطة رفع على ترعة (الريغة) واستوردت محركات لسحب المياه بالمخالفة، وقامت مديرية الرى ببنى سويف بتحرير محضر مخالفات رقم 9 لسنة 2006، وأرقام 9، 16، 53 لسنة 2008 ضد الشركة، وقد تم إصدار قرارات إزالة لتلك التعديات، وحيث إن الأرض غير مقررة الرى وخارج خطة التوسع حتى عام 2017 ولا يمكن ريها من ترعة الريغة ولا توجد بها مياه جوفية، وعلى الرغم من ذلك، فما زالت الشركة قائمة وتعدياتها قائمة على أملاك الدولة.
وفى المرتبة الثانية هناك شركة مملوكة لأحد أبناء سمسطا والتى قامت بالتعدى على ما يصل إلى 20 ألف فدان من أملاك الدولة، دون تخصيص بكل هذه المساحة، بالإضافة إلى قيامه ببيع الفدان بمبلغ 20 ألف جنيه، بل والأدهى والأمر أنهم يقومون بقطع الطريق الصحراوى الغربى بأعمال الحفر لتوصيل المياه إلى الجانب الآخر من الطريق حتى تصل المياه إلى تلك الأراضى، دون أن يتعرض لهم أحد بحجة أنهم كانوا على علاقة برجال النظام السابق.
ثم تأتى فى المرتبة الثالثة شركة خاصة بأحد فلول الحزب الوطنى المنحل بمركز سمسطا ببنى سويف، والذى استغل علاقته بالمسئولين بالحزب فى الاستيلاء على ما يصل إلى 10 آلاف فدان وقام ببيعها بسعر 25 ألف جنيه للفدان، ورغم أن المياه لاتصل لتلك الأراضى إلا أنهم يقومون بقطع الطريق الصحراوى وتوصيل المياه إلى تلك الأراضى.
كما أن أصحاب تلك المزارع يتقدمون بأسماء وهمية للحصول على الوحدات، إما أن تكون استراحات خاصة بهم أو لتخصيصها للخفراء أو استراحات للعاملين عندهم وإلا يتم سرقة الأبواب والنوافذ وأدوات السباكة والكهرباء وأغطية البلاعات.
يقول أحمد سمير محمد 25 سنة (حاصل على دبلوم) وأحد الفائزين بالقرعة إن قرية سمسطا الجديدة فى الظهير الصحراوى لقرية مازورة والتى تبعد أكثر من 25 كيلو غرب مدينة سمسطا، ما هى إلا ديكور فقط، وتسلمت ومعى أكثر من 100 شاب أول يونيو 2009 منازل ريفية نظام الطابق الواحد سلمها لنا حسنى مبارك.
وأضاف عبد الوهاب حمدى عبد الوهاب 35 سنة "دبلوم صناعى" "أحد المستفيدين من المشروع" أنه تم تسليم الشباب تلك المنازل ووعدهم د. عزت عبد الله محافظ بنى سويف الأسبق، بتسليم كل شاب خمسة أفدنة ضمن برنامج الرئيس الانتخابى، كمصدر رزق لهم وضمان عدم ترك المنازل والاستغناء عنها نظرا لوجودها فى الصحراء.
وأكد شعبان ضاحى محمد 40 سنة حاصل على دبلوم صناعة وأحد المستفيدين من تلك المنازل أنه فوجئ وأهالى القرية بقيام 2 من المستثمرين من محافظات الوجه البحرى بالاستيلاء على الأراضى بوضع اليد، معللين ذلك بأنهم قاموا بشراء تلك الأرض من الدولة وتم تخصيصها لهم ويزرعونها بالفعل.\
وأوضح على راضى موسى 45 سنة محامى وأحد الحاصلين على منزل فوجئنا بالمستثمرين يستخدمون لوادر ومعدات الحفر لاستصلاحها وتشجيرها رغم اعتراضنا على ذلك.
وأضاف على راضى قام رئيس القرية بتقديم مذكرة بهذا الشأن لدى المسئولين بالوحدة المحلية لمركز سمسطا حين ذاك ولكن دون جدوى.