كتب : خالد جمال ونورهان طلعت السبت 20-07-2013 11:34
أثار مسلسل «القاصرات» جدلا كبيرا فور عرض الحلقات الأولى منه ما بين معارض ومؤيد لفكرة العمل، نظراً لوجود بعض الألفاظ والمشاهد الجريئة والصادمة التى يجسدها عدد من الأطفال الصغار أبرزهم منة عرفة وملك أحمد زاهر وغيرهما.
وتساءل هؤلاء: كيف يمكن لطفلة أن تؤدى دور زوجة لرجل مسن يعاملها بمنتهى القسوة، وتتحدث معه عن الحمل، أو «الحبل» كما يقال فى العمل، أو أن يدخل عليها زوجها بـ«الطريقة البلدى» المنتشرة فى القرى والصعيد، بفض غشاء الزوجة بالإصبع فى وجود أمها وربما بعض جيرانها أيضاً، فما بالنا إذا كانت العروس طفلة صغيرة، كما حدث فى إحدى حلقات المسلسل.
تقول لقاء سويدان التى تؤدى دور أم لإحدى الطفلات فى العمل: «الأمر كان مقصوداً لأننا أردنا أن نوجه رسالة تحذيرية قوية للمجتمع وجرس إنذار ضد هذه الظاهرة السيئة المنتشرة فى مناطق كثيرة بريف مصر وقراها الكثيرة، حتى أنها منتشرة أيضاً فى بعض المدن، حين تقوم الأسر الفقيرة بتزويج بناتها الصغيرات من رجال كبار فى السن من أجل المال».
وأضافت: «كانت الاستعانة بالأطفال ضرورية فى تصوير العمل من أجل إحداث الصدمة المطلوبة؛ لأننا لو استعنا بفتيات كبيرات حتى ولو كن قاصرات لن يؤدى العمل تأثيره المطلوب عند المتلقى، ثم إن الواقع الذى نعيشه أشد قسوة مما يظهر فى المسلسل، حين نجد فتيات صغيرات لا يتعدين الرابعة عشرة من عمرهن وقد أصبحن أمهات، ولهذا كانت الاستعانة بهؤلاء الأطفال ضرورية للوصول إلى الهدف المطلوب، ولكننا حرصنا على ألا يقال فى العمل أى لفظ خادش أو خارج، أما مشهد الدخلة البلدى فكان ضرورياً كما قلت لإحداث التحذير المطلوب».
أما مؤلفة العمل سماح الحريرى فتقول: «تعرض الجمهور لصدمة عنيفة فور عرض المسلسل، وما زلت أتلقى ردود الفعل الرافضة له نظراً لقسوة الموضوع، فالبعض يرى أن الفكرة جريئة والبعض الآخر مصدوم لكن الموضوع يثير فضولهم، لكنى أرد عليهم بأن الواقع أشد قسوة بكثير مما رأوه على الشاشة، ودور الفن إيضاح موضوع يحارب الجميع من أجله ونصدمهم بهذا الموضوع الذى يؤدى إلى انتهاك للطفولة، وبناء على ذلك كان يجب على الموجودين بالمسلسل تجسيد ذلك بواقعية بعيداً عن السطحية التى كانت ستهلهل من القضية المطروحة التى دائماً ما تطرح فى الجرائد والبرامج دون تأثير، وقد تم مناقشة جميع أولياء أمور هؤلاء الأطفال قبل البدء فى التصوير ورحبوا بالعمل».
والدة منة عرفة: ترددت فى قبول ابنتى للدور.. ولقاء الخميسى: الواقع أشد قسوة مما ظهر فى المسلسل
ويقول الناقد عصام زكريا: «أرى أنه لا يوجد أى مخاوف على الأطفال المؤدين لأدوار القاصرات فى العمل، وعلى العكس تماماً أرى أنه من واجب أهلهم شرح كل ذلك لهم بدلاً من أن يأخذوا هذه الثقافة فى المدارس، ويصبح لديهم عالم سرى خاص بهم، ولا أرى أن هذه الأدوار ستؤثر عليهم فى المستقبل لأنه أمر نختلف حوله، فمن الذى يحدد أن كلمة أو لفظ أو مشهد تعرضوا له فى العمل سيؤثر عليهم، فهى مسألة نسبية والصعب بالنسبة لى من الممكن أن يكون عاديا بالنسبة لآخرين، لكن أستطيع أن أقول إننا من الممكن أن نعود لأساتذة علوم فى التربية وعلم النفس ليحددوا ما هو الممكن أن يصوره الأطفال وما هو الذى نقف عنده ونمنعه وفقاً لتقديرهم، لكنى أريد أيضاً أن أؤكد أن ما يحدث فى التصوير يكون مختلفا تماماً عما يشاهده الجمهور على الشاشة ويكون أيضاً أقل حدة، لأنه يصور أمام مئات العمال والفنيين، لذلك لا يكون واقعه صعبا مثلما يشاهده الجمهور على الشاشة، وفى النهاية فإن التمثيل هو مهنة هؤلاء الأطفال. أما عن الأطفال المشاهدين لهذه الأعمال، فقد تم تحذير أسرهم لأن صناع العمل أشاروا فى بدايته إلى أنه يحتوى على ألفاظ ومشاهد لا يصح أن يشاهدها أطفال لأنه ليس موجها لهم».
ويختلف معه فى الرأى أحمد مصيلحى رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة وعضو ائتلاف حقوق الطفل المصرى.. يقول: «هذا الموضوع استغرق وقتا كبيرا فى النقاش فى العديد من دول العالم، ويدور حول سؤال: كيف يشارك طفل فى عمل فنى دون التعرض للإساءة، فنحن ضد أى عمل يمكن أن يعرض الأطفال للمخاطرة حتى إذا كان تحت مسمى الإبداع، وعلى وجه الخصوص فموضوع القاصرات هو قضية حساسة ومناقشته دون حدود فى مسلسل يؤثر على شخصية الطفل ويجعله يقفز من شخصيته وسنه إلى عقلية إنسان كبير دون المرور بالمراحل الطبيعية، وأكبر مثال على ذلك هو الطفلة منة عرفة، فبغض النظر عن هذا العمل إلا أننا نجدها بعد شهرتها تتصرف وكأنها فتاة فى عمر الثلاثين، فما بالنا بهذا العمل الذى يعرضهم لكيفية الاعتداء على أجسادهم وفض بكارتهم وحملهم، مما سيؤثر عليهم بشكل مباشر بكل تأكيد، ويجب أن يفهم الجميع أننا لسنا ضد اشتراك الأطفال فى أعمال فنية، لكننا ضد القفز على المراحل غير الطبيعية التى تؤثر على نشأة الطفل».
وأخيراً تقول والدة منة عرفة: «ترددنا فى البداية فى الموافقة على المسلسل بسبب موضوعه الشائك، ولكن إذا لم يقم هذا الجيل الصغير بأداء أدوار القاصرات فمن إذن سيقوم بذلك، وأعتبر أن اشمئزاز البعض من تصوير ذلك فى عمل فنى يشير إلى نجاحهم، وعلى الرغم مما ظهر على الشاشة إلا أنه قليل مقارنة بالمكتوب على الورق، حيث راعى مخرج العمل مجدى أبوعميرة سنهم وتعرضهم لذلك، أما عن ابنتى «منة» فمنذ بدء العمل وأنا أمنعها من الخروج لقلقى عليها من ردود الفعل حول الشخصية التى قدمتها».