ظهور الغيرة ينتج عن فقدان الطفل حب من حوله أو تصوره فقدان هذا الحب، وعند الأطفال هى مظهر طبيعى للنمو فى الطفولة وليست مرضاً به ألم داخلى عند الطفل وشعور بالمعاناة، نتيجة منافسة واقعية بينه وبين من يغار منه بهدف الفوز والسيطرة.
يقول الدكتور جمال شفيق أحمد، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، إن الشعور بالغيرة مرتبط بنمو المشاعر والعلاقات وهو أمر طبيعى ومنتشر بين معظم الأطفال، غير أنه كثيراً ما يتطرف هذا الانفعال ويطغى على الشخصية، وقد يكون سبباً من أسباب شقاء الطفل ويحول دون توافقه الاجتماعى، ومن الملاحظ أن الغيرة إذا اشتدت عند المرء فى صغره لازمته فى كبره، فالطفل الغيور قد يصعب عليه أن يوثق صلاته مع أقاربه، ويشعر بالخيبة والإهمال والضعف والظلم، فيرتكز حول ذاته بشدة، ويميل إلى العزلة وتجنب الآخرين، أو أن يسلك سلوكاً عدوانياً ليجذب إليه الأنظار.
أوضح "جمال" أن أسباب الغيرة جهل الوالدين فى التعامل مع الأطفال وهو السبب فى تكريس الغيرة، خاصة عندما يفاجأ هذا الطفل بأن أمه توجه عنايتها إلى إخوته الأصغر منه وتهمله، فينتابه الهم والقلق مما يزيد الأمر خطورة.
وكذلك مقارنة الطفل بأخ أو أخت فى التحصيل الدراسى أو فى القدرات العقلية أو فى المواقف السلوكية أو فى المظهر الخلقى، خاصة إذا كانت هذه المقارنات تتكرر وبشكل مستمر، فإن ذلك يثير الغيرة بين الأطفال، على الرغم من أن الآباء لا يقصدون من ذلك إيقاع الضرر بأطفالهم.
وهم بذلك لا يعلمون أن مثل تلك المقارنات تخلق مشاكل نفسية لدى أطفالهم، مما يؤدى إلى عدم الثقة بالنفس ويؤثر على توافقهم النفسى والاجتماعى داخل محيط الأسرة وخارجه.
ويوضح "جمال"، أن من أهم أسباب الغيرة، والتى تلعب دورها وبشكل أساسى فى حياة الطفل، تلك النزاعات والتوترات بين الأبوين، خاصة إذا كانت تحدث أمام الأطفال، مما ينعكس سلباً على حياتهم، وقد يعبر الطفل عن غيرته باللجوء إلى بعض الحيل الدفاعية، التى من خلالها يعوض ما فقده من حب أو ثقة من أبويه، ويظهر ذلك من خلال تبوّله غير الإرادى، أو إظهار تخوفه من أشياء معينة أو التمارض فى بعض الأحيان، أو امتناعه عن تناول الطعام، مما يؤدى إلى نقص فى الوزن وضعف فى الصحة، مما يقلق الأهل إلى حد كبير.