أخبار عاجلة

معضلة مع إسرائيل

معضلة السيسي مع إسرائيل معضلة مع إسرائيل

عندما غابت إسرائيل عن مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد في القاهرة الأسبوع الماضى، تنفس العديد من الدول العربية والفلسطينيين الصعداء، فقد كان وجودها مهددًا للمؤتمر برمته بالفشل الذريع كون دول بعينها مثل والإمارات وربما قطر- رغم شكى بانسحاب قطر، فهى الصديق الصدوق لإسرائيل والحليف القوى لأمريكا والمنفذ لمخططاته في المنطقة- ستنسحب من المؤتمر والفلسطينيون أيضًا.

لم يكن غياب إسرائيل عن المؤتمر الذي تعتبر نفسها جزءا رئيسيا فيه بإرادتها، فعلى الرغم من تمسك بعض المسؤولين في الائتلاف الحكومى والأحزاب السياسية اليمينية بالحضور واحتدام النقاش حول هذا الأمر في تل أبيب والتصريحات المستفزة التي أطلقها أفيجدور ليبرمان، وزير الخارجية، يؤكد فيها حتى اللحظة الأخيرة حضور إسرائيل، إلا أن نتنياهو أفلح في لجم رعونة أعضاء حكومته رضوخا لرغبة الرئيس عبدالفتاح السيسى، على حد قول صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، الذي لم يرد للمؤتمر أن يفشل بانسحاب الدول الرئيسية في تمويل إعادة إعمار غزة، وقد جاء ذلك عبر اتصالات وتفاهمات جرت بين القيادة المصرية ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى، فلم يكن من نتنياهو سوى الإذعان للرغبة المصرية، فضلًا عن إتاحة الفرصة للدور المصرى أن يعود للصدارة ليتبوأ القيادة من جديد، بحسب ما تناوله الإعلام الإسرائيلى في حينه، كتبرير لـ«اللطمة» التي وجهها السيسى لنتنياهو بعدم وجود تمثيل لإسرائيل في المؤتمر.

اللافت كان استجابة نتنياهو بعد الاتصالات التي جرت بين القاهرة وتل أبيب لإقناع الأخيرة بالموافقة رضوخًا للضغوط المصرية، في الوقت الذي لا تتورع فيه إسرائيل عن التصرف بغطرسة طالما يتعارض أي سلوك مع مصالحها واستراتيجيتها، خاصة إذا ماعلمنا أن اسرائيل لها شروط تعجيزية فيما يخص إعادة إعمار غزة من دخول مواد البناء وكميتها ونوعها عبر المعابر.

وكان رئيس الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد استبق مؤتمر إعادة الإعمار بخطاب موجه إلى الدول العربية الأكثر اعتدالا، ردًا على خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأمم المتحدة، الذى ادعى فيه أن طريق السلام العربى – الإسرائيلى يمر أولًا بالقاهرة والرياض وعمان وقطر! متجاهلا الفلسطينيين أصحاب القضية والشرعية وبؤرة الصراع القائم، فجاءت الصفعة المصرية موجهة لنتنياهو تحديدا، بعد لطمة عدم مشاركة إسرائيل في المؤتمر حينما وجه الرئيس السيسى خطابه للإسرائيليين خلافًا للخطاب الإسرائيلى الذي توجه به نتنياهو للقادة العرب المعتدلين! إذ قال السيسى بوضوح ودون مواربة إن طريق القاهرة والرياض يمر أولًا برام الله، «أى دولة فلسطينية أولًا».

ذكر الرئيس السيسى إسرائيل بأن هناك مبادرة عربية للسلام طرحت عام 2002، قائمة على إنهاء الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى الذي أقره العالم كله، ولم يكن الصراع عربيا – إسرائيليا كما تدعى إسرائيل وتحاول تقنينه غير معتبرة بالأساس أن أزمات المنطقة في الأصل هي الأزمة الفلسطينية، وبالتالى فلا داعى على الأقل في الوقت الحالى التركيز على حل الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، رغم أن الفلسطينيين يخوضون صراع وجود على أرضهم مع إسرائيل هدفه حق تقرير المصير!

حاولت إسرائيل توجيه البوصلة العربية نحو الهدف المشترك الذي يجمع بينهما وهو محاربة الإرهاب، والإيحاء بأن الأزمة الحقيقية تكمن هنا، والإرهاب يتجسد في إيران التي تعتبرها إسرائيل داعش، وداعش من وجهة نظرها هي حماس، وحماس جزء من الشعب الفلسطينى وشريكة في السلطة، إذن ليس هناك شريك فلسطينى لإسرائيل يستطيع إنجاز سلام حقيقى معها، وهذا ما كانت تردده إسرائيل طوال السنوات التي كان يتفاوض فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات معها، «لا شريك فلسطينى للسلام» شعار طالما رفعته إسرائيل وتصر عليه مختلقة التبريرات للعالم كى تظهر في صورة المجنى عليه الراغب في السلام، لكن مشكلتها في عدم وجود الشريك الذي ينجزه معها بشجاعة!

غير أن هذه العقلية المتطرفة قد عبرت عن نفسها كثيرًا قولًا وفعلًا، وكشف عنها مؤخرًا «موشى يعالون» وزيرالدفاع الإسرائيلى بإيجاز ووضوح، مؤكدا أن الفلسطينيين لن يحصلوا على دولة مطلقا، بل سيحصلون على حكم ذاتى، وفى أول مقابلة منذ توليه مهام منصبه قال بالحرف :«مع الفلسطينيين أنا لا أبحث عن حل بل عن طريق لإدارة الصراع معهم، الفلسطينيون لن يحصلوا على دولة في الضفة الغربية بل على حكم ذاتى منزوع السلاح، ومجال جوى تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، حتى وإن شملت الخرائط تواصلًا جغرافيا بين المدن الفلسطينية، يجب علينا التحرر من وهم المفهوم القائل أن كل شىء من هذا يقع في إطار الدولة»!.

تلك هي العقيدة الإسرائيلية لحل الصراع مع الفلسطينيين، فهل تصبح رؤية السيسى لذات الأمر معضلة شائكة بالنسبة لإسرائيل وما يتعلق بالعلاقات الثنائية ومستقبل معاهدة السلام بين البلدين؟.

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة

SputnikNews