أخبار عاجلة

«ليه مش إحنا؟»

لم تستهونى أبدا كرة القدم الأمريكية. أولا لأنها ليست كرة قدم. أضحك الآن مع الأمريكيين وأقنعهم أنها يجب أن تُسمى «كرة الجسد» Body Ball لأن الجسم كله يستخدم فى صد الكرة، التى ليست كرة فى الواقع، وإنما شكل بيضاوى ما! ثانيا لأن تفاصيلها كثيرة ومعقدة. تبدأ ثم تتوقف، ريتمها ليس بالسرعة التى تجذبنى. أيا كان لم أكن من هواتها، رغم حبى الشديد لمشاهدة كرة القدم العادية الدولية بتاعتنا. إلى أن استهوتنى تماما الشهر الماضى، حين صعد فريق سياتل Seahawks إلى الدور نصف النهائى وفاز فتأهل للدور النهائى Super Bowl.

لم يكن فريق «سى هوكس» قد فاز أبدا من قبل. كان قد تأهل للدور النهائى مرة واحدة ولكنه خسر. إذن مدينة سياتل لم تكن قد رأت أبدا فوز فريقها فى البطولة. ومع ذلك فإن مشجعى سياتل معروفون فى كل الولايات المتحدة، لأن صوتهم عالٍ جدا! «دوشتهم» مشهورة، وكذلك اسمهم 12th Man. فكرة ذكية، فاللاعبون 11 والمشجع يحمل رقم الفانلة «12».

هذا الفريق الذى لم يفز من قبل، اجتمعت فيه مؤخرا عناصر استوقفتنى رغم أننى لست على أدنى معرفة بالرياضة. أحد أهم اللاعبين «راسل ويلسون» بدأ يقول لزملائه هذا العام جملة واحدة:

المهم فى هذه القصة ليس النجاح الفردى لـ«راسل ويلسون»، الذى أصبح بالفعل أكبر لاعب فى البطولة، ولكن فكرة أنه استحضر هذا السؤال لفريقه كله: ليه مش إحنا؟ وقد كان

why not us؟ ليه مش إحنا؟

يروى ويسلون أن والده، الذى توفى منذ أربع سنوات، كان يأخذه بالسيارة كثيرا، ويتذكره يقول له «ليه مش إنت؟ ليه ماتكونش أكبر لاعب فى Super Bowl وتعمل حاجات كبيرة بنجاحك؟».

المهم فى هذه القصة ليس النجاح الفردى لـ«راسل ويلسون»، الذى أصبح بالفعل أكبر لاعب فى البطولة، ولكن فكرة أنه استحضر هذا السؤال لفريقه كله: ليه مش إحنا؟ وقد كان. فاز فريق «سياتل سى هوكس» فوزا تاريخيا على فريق «دينفر برونكوز» ٤٣- ٨.

شعرت مدينة سياتل ببهجة ونصر لم تشهدهما من قبل. وأنا معهم. أنا من لم أفهم قواعد اللعبة من قبل، ومازلت لا أستوعبها كليا.

أما فيما يخصنا فى ، فسأتوقف عند ثلاثة أمور. أولا كما ذكرت فكرة «ليه مش إحنا؟» فهى فكرة مهمة للغاية. أما ثانى الأمور فهو احتفالات المدينة باللاعبين العائدين. طريف أن سياتل التى لا يبلغ سكانها أكثر من مليون ونصف المليون، قيل إن من شارك باحتفالات الشوارع قد بلغوا ٧٠٠ ألف أو حتى مليونا!! تم تداول هذا الرقم بعزة وفخر على أنها حالة للمشاركة المتحضرة، فلا حادث سرقة أو واحد. إلى أن ظهرت مقالات تقول إن هذا الرقم لا يمكن أن يكون صحيحا! على أقصى تقدير العدد وصل لـ٤٥٠ ألفا! ذكرنى هذا بقصص «الفوتوشوب» وميدان التحرير والمظاهرات وأعدادها. يبدو أنها ظاهرة عالمية أن نبالغ جميعا فى «حجم جمعنا». الانتماء من حاجات الإنسان الأساسية. بغض النظر عن العدد الفعلى، فالرغبة فى تحقيق شىء ما بشكل جمعى رغبة حقيقية ممكن أن توظف بشكل حضارى جمالى بليغ وقوى. أما ثالث تلك الأمور فهو شخص «راسل ويلسون»، الذى ذهب العام الماضى كمواطن عادى على حسابه الخاص، كمشاهد للبطولة النهائية Super Bowl كى يتقمص دور البطل فى العام اللاحق. حكى أنه ذهب ليتصور نفسه فى المشهد. ربما عقدة «كأس العالم» قد تُحل إذا سألنا نفسنا: «ليه مش إحنا؟» وإذا ذهب لاعبو المستقبل بشكل فردى ليشاهدوا كأس العالم فى البرازيل، ليس كرحلة سعيدة للتسلية، ولكن لنسج الخيال الآن حول المشاركة فى ٢٠١٨ كى يصبح حقيقة. أيوه! بصراحة يعنى: «ليه مش إحنا؟».

marwa@u.washington.edu

SputnikNews