أخبار عاجلة

عُمرها تخطى الـ100 عام.. «العُمدة العطافى» سراي تاريخية فى كفر الشيخ تنتظر الإنقاذ

عُمرها تخطى الـ100 عام.. «العُمدة العطافى» سراي تاريخية فى كفر الشيخ تنتظر الإنقاذ عُمرها تخطى الـ100 عام.. «العُمدة العطافى» سراي تاريخية فى كفر الشيخ تنتظر الإنقاذ

اشترك لتصلك أهم الأخبار

واحدة من أروع السرايات القديمة من حيث البناء والتصميم في ، ورغم الحالة الرثة التي وصلت إليها فإنها ما زالت تحتفظ بشموخها وصمودها على مدار قرن من الزمن.

سراى «العُمدة العطافى» في قلب مدينة بيلا، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، هي واحدة من أقدم السرايات الموجودة في المحافظة وأعظمها قيمة، وتحظى بشهرة واسعة، ويرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1917م، حيث شيّدها مُهندس يهودى من أصل أوروبى، على الطراز الإيطالى الكلاسيكى، وعُرف مُحيط السراى لاحقًا بـ«حى العطافى»، نسبةً إلى مالك السراى وهو «العُمدة العطافى المنشاوى»، الذي يُعد إحدى الشخصيات المُؤثرة التي تولت مقاليد الحُكم المحلى في مركز ومدينة بيلا أوائل القرن العشرين.

قال أحمد حسن على العطافى المنشاوى، أحد ورثة السراى، إن سراى «العُمدة العطافى» تشهد حالة من الإهمال الشديد مُنذ سنوات طويلة، بعد أن كانت شاهدة على التاريخ، وتحكى أسرارًا عديدة بعد أن احتضنت الكثير من الأحداث.

وأضاف «المنشاوى»، إن السراى عاشت عصرًا ذهبيًا في أعقاب ثورة 23 يوليو عام 1952م، حيث كانت شاهدًا على اجتماعات الضباط الأحرار بها، وزارها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة عام 1954م، مُتابعًا: «فى طفولتى كانت السراى جميلة جدًا عن دلوقتى، وكان والدى الله يرحمه دايمًا بيحكيلى عن زيارات كبار المسؤولين للسرايا، وعن جدّه العُمدة العطافى المنشاوى، كمان كُنا دايمًا ننظم مُسابقات أنا وأبناء أعمامى لزراعة الأشجار في حديقة السرايا، والوضع اختلف كثيرًا عن زمان».

وأوضح «المنشاوى»، إن مصر استطاعت تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن تستعيد أمجادها، وتجذب أنظار العالم مرة أخرى لتاريخها وتُراثها العريق، وتُثبت نجاحها في استثمار ثرواتها التراثية والحضارية، حيث حققت طفرة في الاكتشافات الأثرية المُميزة، والمشروعات، والإنجازات الفريدة، وافتتاح المتاحف على أحدث المُستويات العالمية، وتطوير القصور التاريخية، مُتمنيًا أن يتم ترميم وتجديد سراى «العُمدة العطافى»، حفاظًا على أهميتها وقيمتها التاريخية.

وناشد «المنشاوى»، الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، الإسراع في عملية ترميم سراى «العُمدة العطافى»، حفاظًا على مكانتها التاريخية، وأهميتها الكبيرة، مضيفا أن السراى، تُعد من أقدم سرايات مصر، وقد تم بناؤها عام 1917م، رغم من أنها مُصنفة ضمن المُنشآت التابعة للجهاز القومى للتنسيق الحضارى بوزارة الثقافة إلا أنها تُعانى من الإهمال الشديد سواء من خارجها أو داخلها، مُطالبًا بضرورة الاهتمام بالسراى لأهميتها التاريخية، والمحافظة على الأسلوب المعمارى الفريد الذي ينتمى إلى الطراز الإيطالى الكلاسيكى.

وتقع سراى «العُمدة العطافى» على مساحة 1150 مترا، وتتكون من بدروم، وطابقين علويين، كل طابق يحتوى على 8 غُرف، ودورتى مياه، وصالة استقبال كبيرة، ويُحيط بالسراى سور، وحديقة صغيرة، وعن طريق السُلم الخشبى الداخلى يُمكن الوصول للطوابق العليا من السراى، أما البدروم فكان به المطابخ والجراجات وحُجرات الخدم، وهى ضمن المبانى التاريخية والخاضعة لقانون رقم 144 لعام 2006م، وقد صدر كشف حصر لها من قبل مجلس الوزراء لعام 2009م على أن تكون تحت إشراف الجهاز القومى للتنسيق الحضارى الذي يتبع وزارة الثقافة، كونها تُعد تُحفة معمارية فريدة من نوعها ذات طراز معمارى مُتميز.

كانت سراى «العُمدة العطافى» على موعد مع الشهرة حينما زارها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1954م، بصُحبة أعضاء مجلس قيادة الثورة، لافتتاح مقر الاتحاد الاشتراكى في وسط مدينة بيلا، وبدأ «ناصر» الزيارة بالتوجه إلى السراى مع صديقه البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوى، أحد الضباط الأحرار، وابن شقيق «العُمدة العطافى»، وصاحبه خلال الزيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والمُشير عبدالحكيم عامر، وعزيز صدقى، رئيس وزراء مصر الأسبق، وآخرون من الشخصيات العامة والسياسية.

وكان في استقبال «ناصر» وأصدقائه الآلاف من أهالى مدينة بيلا ومحافظة كفر الشيخ، الذين خرجوا من كل حدب وصوب لاستقبال موكب الرئيس من أول المدينة، وحتى سراى «العُمدة العطافى»، فضلًا عن كبار الشخصيات العامة في ذلك الوقت، وأعضاء مجلس الأمة، وتناول الزعيم خلال الزيارة وجبة الغداء في السراى، وجلس على مأدبة الطعام التي شملت أطيافا عديدة من أبناء الشعب المصرى، وأبدى «ناصر» إعجابه الشديد بالسراى.

وغطت الإذاعة المصرية الزيارة التاريخية للرئيس الراحل، وأعضاء مجلس قيادة الثورة، إلى سراى «العُمدة العطافى» ببيلا، بحضور الإذاعى الكبير الراحل جلال معوض، والإذاعية الكبيرة الراحلة آمال فهمى، التي أفردت لها حلقة خاصة في برنامج «على الناصية» الشهير وقتها.

وعلى غرار هذه الزيارة، طلب البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوى، من وزير الداخلية وقتها البكباشى أركان حرب زكريا محيى الدين، إلغاء العُمدية في بيلا وتحويلها إلى مجلس مدينة يتبعه قريتا «الحامول وبلطيم» وتوابعهما، على أن يتبع محافظة كفر الشيخ، المحافظة الجديدة وقتها التي انفصلت عن الغربية، فكان له الفضل، بعدما كانت بيلا قرية وعُمدية تابعة لمركز طلخا، بالغربية، قبل أن تتبع الدقهلية حاليا، وصدر القرار وتحولت إلى مجلس مدينة بيلا الذي يضم قرى وتوابع حتى بحر بلطيم.

ولعلّ المُشير عبدالحكيم عامر، القائد العام للجيش والنائب الأول لرئيس الجمهورية في ذلك الوقت، كان أبرز المُترددين على سراى «العُمدة العطافى» الخميس من كل أسبوع، فكان يصل من القاهرة مع حلول العصر، ليأخذ قسطًا من الراحة في إحدى غرف السراى التي خُصصت له، ثم يستيقظ قبيل أذان المغرب، ويتناول وجبة الغداء، مع صديقه البكباشى أركان حرب محمد على المنشاوى، ثم يجلسان يتسامران ويلعبان «الدومينو» حتى صباح الجمعة، ومن ثم يُلملم «عامر» أغراضه الشخصية، ويستعد للسفر إلى القاهرة، دون أن يشعر به أحد.

كما زار السراى أيضًا، القائد العسكرى المصرى الراحل الفريق أول فؤاد الدجوى، الحاكم العسكرى العام لقطاع غزة الأسبق، الذي سبق أسره في إسرائيل، وتولى فيما بعد رئيس محكمة الثورة، وكان القاضى الذي حكم على سيد قطب بالإعدام عام 1965م.

الجدير بالذكر، أن نجل «العُمدة العطافى» هو الوزير الراحل المهندس السيد المنشاوى، المُلقب بـ«أبوالتعاونيات في مصر»، وهو منصب يُساوى منصب وزير الصناعة والتجارة في الوقت الحالى، وكان مُتزوجًا من ابنة الشيخ عبدالمجيد سليم، شيخ الأزهر الشريف، في ذلك الوقت، وقد زار كل دول أوروبا وأمريكا ومُعظم دول العالم مُمثلًا للدولة المصرية، وعمل أستاذًا غير مُتفرغ للدراسات العُليا بجامعتى عين شمس والإسكندرية بجانب منصبه الرسمى.

والبكباشى أركان حرب محمد على المنشاوى، لم يكُن ضابط جيش فقط، ولكنه أديب وروائى وله مُؤلفات أدبية وروايات عديدة منها رواية «موعد مع القدر»، ورواية «حتى أنساك» التي تحولت إلى فيلم سينمائى، وحصل على جائزة الدولة عنها من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، في ستينيات القرن الماضى، خلال احتفال عيد الفن، وكان مُذاعًا على التليفزيون «مُباشر» وقتها وهو يتسلم الجائزة، وقد شُوهد «ناصر» على الهواء وهو ينزل من على المنصة مُستقبلًا صديقه البكباشى والأديب محمد المنشاوى بحفاوة وبالأحضان، ووقف معه لثوان، وهو يقول له «إنت مُش هتبطل كتابة يا محمد وهتفضل زى زمان»، وحكى البكباشى محمد المنشاوى تلك المُحادثة للعائلة في بيلا.

وأضاف: كانت السراى، تُحفة معمارية وفنية رائعة في تاريخ البناء والعمارة، إلى أن طالتها يد الإهمال مُنذ سنوات عديدة، وأصبحت في طى النسيان، وباتت مُهددة بالانهيار في أي وقت.

المصرى اليوم