مصراوي Masrawy
11:14 م الأربعاء 10 فبراير 2021
بورسعيد - طارق الرفاعي:
الإعاقة إعاقة العقل.. ليست مجرد مقولة يرددها البعض ولكنها واقع تمسكت به سارة محمد، ابنة محافظة بورسعيد وصاحبة الـ25 عامًا، التي تعاني من إعاقة منذ طفولتها أجلستها على كرسي متحرك طوال السنوات الماضية، إلا أنها تحدت إعاقتها ورفضت الاستسلام للحاضر متحدية تنمر وسخرية البعض، وخطت أولى خطواتها بثبات نحو تحقيق حلمها في أن تصبح أول عارضة أزياء من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمحافظة.
إعاقة وكرسي متحرك
داخل "أتيليه" شهير بجوار قاعة أفراح بشارع طرح البحر في بورسعيد، كانت "سارة" تستعد لإحدى جلسات التصوير لعرض فستان زفاف جديد، ومعها فريق عمل كامل من المتطوعين المؤمنين بحلمها وحقها في تحقيقه، والتقى "مصراوي" بأول عارضة أزياء لذوي الاحتياجات الخاصة، التي روت قصتها: "ولدت بدمور في النخاع الشوكي، ولا يوجد لدي الفقرتين 13 و14 مما أدى إلي عدم قدرتي على المشي، وبسبب ذلك ومع إنشغالي بإجراء عمليات عديدة لم تمكني من المشي لم أستطع دخول المدرسة، إلا أنني منذ سنوات قليلة قررت أن أكمل تعليمي ويكون لي كيان خاص بي وأحقق ذاتي، وحاليًا أنا بالصف الثالث الإعدادي، ولم أتوقف عند هذا الحد فقط بل التحقت بالعمل في أحد مصانع المنطقة الصناعية، وكنت أحصل على 900 جنيه فقط شهريًا، وبعد 6 أشهر من العمل بالمصنع استدعوني وجعلوني أوقع على عدة أوراق كنت أظن أنها خاصة بتجديد العقد، ولكنهم أعطوني استقالتي بانتهاء مدتي".
التنمر والفيس بوك
بنبرة فخر أكملت "سارة" حديثها :"رفضت الاستسلام للواقع والتنمر من حولي، وجاءت لي فكرة تحقيق حلمي أن أكون عارضة أزياء كنوع من الطاقة الإيجابية التي تشعرني أنني أقوم بشيء مفيد وجديد، كذلك المساهمة في إسعاد الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة وإعطاء الأمل والدافع لهم، ورغم خشيتي من التنمر وردود الفعل السلبية قبلت التحدي وتوكلت على الله، وقمت بنشر الفكرة على "فيس بوك" فاستجابت لي السيدة شيماء العربي، صاحبة أتيليه، وكانت أول من استجابت ودعمت فكرتي ووفرت لي الفستان وقمنا بعمل (سيشن) تصوير، ونشره على فيس بوك، ورغم التنمر من البعض والتعليقات السلبية من البعض الأخر، إلا أنني لم ألتفت لهم وأخذت التعليقات الإيجابية فقط التي شجعتني ودعمتني، وأكملت طريقي نحو هدفي".
إعاقة القلب
والدموع تنهمر من عينيها قالت: "أنا لا أيأس فأنا لست معاقة، الإعاقة إعاقة القلب والعقل وليست إعاقة الجسد، أنا سعيدة بإعاقتي وهي فخر لي وأستطيع أن أقوم بأي شيء فلا يوجد أي شيء مستحيل، وأحلم أن يتبنى الرئيس عبدالفتاح السيسي فكرتي ويدعمني، فأنا أرى فيه القائد والوالد الذي يؤمن بحقوق ذوي القدرات الخاصة وإمكانياتهم".
إرادة وعزيمة
شيماء العربي، صاحبة أتيليه، أكدت أنها لم تتردد في توفير الفساتين اللازمة، رغم أن "سارة" كانت متخوفة من تعرض الفستان للقطع، ولكنها أخبرتها بتحملها المسئولية كاملة، مضيفة أن سارة ارتدت الفستان الذي كان جميلًا جدًا عليها، ونشرت صورها على فيس بوك، ومع التعليقات الإيجابية وإرادة وعزيمة سارة كانت تزداد إيمانًا بحلمها، مؤكدة أن ذلك رسخ لديها "لا يوجد شيء مستحيل"، رغم تنمر البعض والتعليقات السلبية من البعض الأخر، فهي تتمنى أن يصل صوتها للرئيس عبدالفتاح السيسي، راعي ذوي الإعاقة في مصر وحبيب الشعب المصري.
فريق عمل
ياسمين أحمد، ميكب أرتيست، إحدى عضوات الفريق المتطوع للعمل مع سارة، أكدت أنها تواصلت مع "شيماء" صاحبة الأتيليه وأخبرتها بتطوعها لعمل ميكب "سارة": "قررت مساعدتها في تحقيق حلمها لإيماني الشديد به، مثلما أحلم بأن أصبح يومًا ما (ميكب أرتيست) عالمية، وبدأت تحقيق حلمي من بورسعيد لأحقق حلم كل فتاة تريد أن تفرح وتظهر بشكل يسعدها"، متمنية أن يدعمها الجميع وتصبح أشهر عارضة أزياء في مصر.
أسعد اللحظات
مادي حسني، مصور، أشار إلى أنه لم يتردد في التطوع لتصوير "سارة" لمساعدتها في تحقيق حلمها، مضيفًا :"قلبها طيب جدًا وطموحة، وكانت أسعد لحظات حياتي وأنا أقوم بتصويرها، خاصة مع ردود فعلها الجميلة على الصور فلم أشعر بأي ملل وأنا أقوم بتصويرها، وأتمنى لها أن تكون أحسن موديل وأن يكون لها مكانة كبيرة تسحقها في المستقبل".
فخر الأخت
"نرمين" شقيقة سارة، كانت شديدة الفخر بأختها، وتحدثت بحماسة قائلة :"حلم حياة سارة هو أن تصبح موديل، وبدأنا في تشجيعها ودعمها لتحقيقه، والبداية من على مواقع التواصل الاجتماعي ليعرفها الناس، وأنا أثق في الله أنها ستصل بدعم الناس والإعلام، فمن حقها أن تحلم ويشاهدها الناس، وإعاقتها لن تعيق حلمها، وأتمنى أن تصبح أفضل موديل في العالم".
حماس أم
"ابتسام كامل"، والدة سارة، أكدت :"لقد أخذت رأيي في الفكرة، وتحمست لها بشدة بسبب إرادة وإصرار سارة على تحقيقها، فهي مؤمنة أن الإعاقة ليست إعاقة الجسد، وتريد أن تكون مشهورة وتعتمد على نفسها، وأتمنى أن يدعمها الناس، وأن ينظر إليها رئيس الجمهورية ضمن اهتمامه المستمر بذوي الاحتياجات الخاصة".