شكسبیر رسام الكلمات

شكسبیر رسام الكلمات شكسبیر رسام الكلمات

شكسبیر رسام الكلمات

یُعد الكاتب الإنجلیزي (ولیم شكسبیر) أحد أكثر الأدباء شهرة على مستوى العالم. كان شاعرًا، وممثلاً، وكاتبًا، ومؤلفًا. وأكثر ما اشتُهر به هو كتابة المسرحیات، وخلّف وراءه إرثًا كبیرًا من الأعمال الأدبیة التي لا تزال منتشرة حتى الآن بین الدارسین ومحبي الأدب.

وُلد شكسبیر في عام 1564م في مدینة (ستراتفورد أبون آفون) جنوبي مقاطعة (وركشیر) في وسط إنجلترا، وتوفي عام 1616م عن عمر یناهز 52 عامًا. ورغم أنه قد مات منذ أكثر من 400 عام إلا أن أدبه ما زال ذائع الصیت، وخصوصًا مسرحیاته الشهیرة، مثل: هاملت، وماكبث، ورومیو وجولییت، ویولیوس قیصر، والملك لیر، وعطیل... وغیرها. وقد ألّف نحو 37 مسرحیة بین الكومیدیا (الملهاة)، والتراجیدیا (المأساة)، والمسرحیات التاریخیة.

إن الذي ساعده على إجادته فن الكتابة للمسرح بكل هذا التألق والحضور هو فَهمه العمیق للطبیعة الإنسانیة، وبراعته في وصف المشاعر الدفینة في أغوار النفس البشریة، حتى بدا وكأنه یرسم بالكلمات!!

أجاد شكسبیر الغوص في حیاة الناس، وأحسن في وصف أوجاعهم وعلاقاتهم المتشابكة، ومشاعرهم المتناقضة غیر المفهومة، واعتمد في كتاباته على تحلیل العواطف والمشاعر الإنسانیة العمیقة، وكان یجید بحرفیة عالیة اللعب على وتر أحاسیس الناس وأوجاعهم، ویتقن ببراعة تامة رسم آلامهم وآمالهم وتطلعاتهم، والتعبیر بدفء وشاعریة عن أحلامهم وأحزانهم؛ وهذا هو ما عزز من عالمیته واستمراریته طوال كل هذه القرون. وقد دخل جمیع الثقافات والمجتمعات الأدبیة والفنیة والمسرحیة عبر المقررات الدراسیة، فضلاً عن الاهتمام بمسرحیاته، وإعادة تجسیدها على معظم مسارح العالم.

اهتم شكسبیر برسم ملامح شخصیاته بكل دقة وعنایة، وجسّد مشاعرهم بعمق، وعبّر عن عوالمهم النفسیة بإتقان، وبطریقة فنیة مؤثرة، وحشد في مسرحیاته الكثیر من الشخصیات الإنسانیة العمیقة والمعقدة، فیها الكثیر من النبل والعظمة، والوضاعة، والحقد، والكراهیة، والرغبة في التفوق، وحب الخیر، والنزوع إلى الشر والانتقام، وغیر ذلك من العواطف والمشاعر الإنسانیة المتناقضة والمتصارعة والمتداخلة، التي تجعل الإنسان ذلك المخلوق الضعیف لغزًا غامضًا ومحیرًا.

ویتمیز أسلوب شكسبیر -فضلاً عن العمق- بالابتكار والتجدید في كثیر من التراكیب اللغویة، والمفردات التي استخدمها للتعبیر عن أفكار ومواضیع متنوعة. وكتب في الإشادة بالحب والجمال، وتخلید المعاني الإنسانیة العظیمة التي تجمّل حیاة البشر على مر التاریخ، وتركت مسرحیاته وقصائده أثرًا كبیرًا، ما زال باقیًا إلى الیوم؛ إذ ما زلنا نرى المسارح والمكتبات والمدارس والجامعات تهتم بأعماله الأدبیة، ولا تزال هناك عشرات الأبحاث والدراسات العلمیة تُعنى بدراسة تراثه الأدبي الزاخر.

في الواقع، لقد أحدثت كتابات شكسبیر الأدبیة تأثیرًا مهمًّا على صُعد عدة؛ فعلى الصعید الأدبي نجد أن قصصه ومسرحیاته وكتاباته قد امتدت على مدى قرون عدیدة، ولا تزال حتى الآن؛ لأنه استطاع أن یقدِّم أفضل شكل للسرد القصصي الكلاسیكي، إضافة إلى أسلوبه الممیز في بناء القصص بشكل مؤثر. وعلى صعید اللغة نجد أنه قدَّم ثروة لغویة مهمة، ارتقت باللغة الإنجلیزیة إلى اللغة الإنجلیزیة المعاصرة؛ وذلك بفضل المفردات الجدیدة التي قدَّمها من خلال صیاغة الكلمات بطرق مبتكرة!!

صحيفة سبق اﻹلكترونية