هنا يبدأ الأمل.. مصراوي في مصنع إنتاج "ريمديسيفير" عقار كورونا الواعد (معايشة)
مصراوي Masrawy
06:39 م السبت 27 يونيو 2020
كتب- أحمد جمعة:
تصوير- محمد حسام الدين
يعمل الدكتور أمير بولس، مشرف أبحاث وتطوير في شركة "إيفا فارما" للأدوية منذ 2014، لكنه لم يشهد من قبل مثل هذا "الضغط" في العمل منذ بداية جائحة كورونا عالميًا، وانتشار الفيروس في مصر، في محاولة لتسريع وتيرة إنتاج الأدوية المُعالجة وسرعة طرحها في الأسواق، فيما تزايد الأمر قبل أسابيع مع حصول الشركة على حق تصنيع العلاج المضاد للفيروسات "ريمديسيفير" وتوزيعه في مصر و126 دولة حول العالم.
أمس الجمعة، تسلمت مستشفيات العزل الدفعة الأولى من العقار المستخدم في علاج الحالات الحرجة المُصابة بفيروس كورونا، والذي يتوقع أن يساهم في تخفيض مدة شفاء هؤلاء المرضى إلى 30%، وتقليل حالات الوفاة.
تضاعف عمل بولس خلال الأيام الماضية في محاولة للانتهاء من إنتاج الدفعة الأولى من العقار: "اشتغلنا الصبح وبالليل وفي الإجازات وفي الأعياد"، قبل أن يتنفس الصعداء مع توزيع 1100 عبوة "حقن" على قرابة 10 مستشفيات، وفي انتظار الإشارة الرسمية من هيئة الدواء للمضي قدمًا في تصنيع تشغيلات جديدة.
على شاكلته كان يوحنا حسني، متخصص في الأبحاث والتطوير، شارك من معمل الشركة لتجهيز المادة الخام الفعّالة للعقار، ومنه تبدأ المرحلة الأولى للإنتاج: "المعمل مجهز بإمكانيات عالية لتصنيع المواد الخام للعقارات الدوائية، عبر مواد خام وسيطة ويتم تفاعلها مع بعضها البعض واستخلاص المادة الخام منها".
"حسني" أوضح أنه جرى تصنيع المادة الخام لـ"ريمديسيفير" داخل المعمل بما يوازي من 2 إلى 3 جرام للتجربة، على أن يتم استخلاص المواد الخام لاستخدامها في التصنيع النهائي للدواء خلال أسبوعين: "لم نصل للمرحلة الإنتاجية الكبرى حتى الآن، وسيتم تصنيع المادة الخام لهذا الدواء بالكيلو خلال الفترة المقبلة".
مراحل التصنيع
كان بضعة أفراد في طرقات المصنع يرتدون كامل ملابسهم الوقائية، فيما يتابع الجميع مهام عملهم دونما انحراف: "كل حاجة بتمشي 100% منعًا لأي خطأ"، وفق الدكتور أمير ليشع المشرف على مرحلة التصنيع، الذي أوضح أنه يتم تحضير المادة الخام الفعالة مع باقي المكونات في مرحلة "التحضير" داخل "تانك" بغرفة زجاجية مغلقة ومعقمة بشكل جيد، وفيها يتم إزابة المواد الفعالة وغير الفعالة وخلطها باستخدام مياه مقطرة.
وبعد اكتمال الخلط يتم سحب عينة وإرسالها إلى قسم الجودة لتحليلها ومعرفة مدى مطابقتها للمواصفات من عدمه. وحال مطابقتها تنقل إلى مرحلة "الفلترة" والتي تعني مرور المحلول على "فلتر" وبموجبه يتحول من محلول عادي إلى محلول معقم جاهز، كما قال "ليشع".
وفي المرحلة الرابعة للتصنيع "التعقيم" يجري تطهير "الفيال" وتعقيمه على ماكينة خاصة بدرجة حرارة 300 على أكثر من مرحلة ثم التجفيف، ليصبح جاهزًا لمرحلة التعبئة، والتي تكون عبارة عن مرحلتين مع بعضهما البعض، إذ بعد أن يجري تعبئة الفيال بالمحلول حسب الحجم المطلوب "20 مللجم"، يمر على ماكينة الكبسلة لإحكام إغلاق العبوة جيدًا.
وتنتهي دورة التصنيع بمرحلة "التغليف" للمنتج في عبوته النهائية، وتخزينه في درجة حرارة بين 2 : 8 درجات داخل ثلاجات خاصة حتى وصوله إلى المريض.
يقول "ليشع" إن هذه المراحل تستغرق 15 يومًا "مرحلة التحليل والتأكد من صلاحيته وتعقيمه يحتاج 14 يومًا، لكننا ننتجه في يوم واحد".
آمال الشفاء
يضع الدكتور رياض أرمانيوس، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء والعضو المنتدب لشركة "إيفا فارما"، آمال أن يُساهم "ريمديسيفير" في تقليص مدة شفاء المريض، وبقائه في مستشفيات العزل بنحو 30%، مع إسهامه في تخفيض مدة البقاء على أجهزة التنفس الصناعي، وعدد الوفيات.
"أرمانيوس" أوضح أن العقار يستخدم في مستشفيات العزل فقط وتحت إشراف طبي، ولن يتاح لحالات "العزل المنزلي"، إذ بالأساس مخصص لعلاج الحالات المتقدمة، ويحصل المريض الواحد على 6 إلى 10 "حقن" خلال فترة علاجه.
ولفت إلى أن الطاقة الإنتاجية للشركة من "رمديسيفير" تبلغ 16 ألف حقنة يوميًا، بمعدل يصل لنصف مليون حقنة شهريًا، مع الاستعداد لإجراء توسعات عاجلة لزيادة الإنتاجية وتسليم أية كميات تُطلب للمستشفيات المصرية، فضلًا عن التفاوض مع عدد من البلدان لتصدير الدواء لها من شرق أوروبا وإفريقيا ودول عربية.
وكل ذلك كان يجري بالتزامن مع توصية وكالة الأدوية الأوروبية الخميس الماضي، باستخدام عقار "ريمديسيفير" المضاد للفيروسات مع مرضى كوفيد-19، ليصبح بذلك أول عقار يقترب من الحصول على الضوء الأخضر كعلاج لمرض فيروس كورونا المستجد في القارة الأوروبية.
ونال العقار بالفعل موافقة على استخدامه بشكل استثنائي في الحالات الحادة في الولايات المتحدة والهند وكوريا الجنوبية، ونال موافقة كاملة في اليابان.
بدوره، قال مصدر باللجنة العلمية لمكافحة كورونا لمصراوي، إن "ريمديسيفير" موجود بالفعل في بروتوكول العلاج المحدث الذي أصدرته الوزارة مطلع يونيو الجاري، وكنا ننتظر الحصول عليه لبدء التجارب السريرية، على أن يحصل عليه المرضى داخل مستشفيات العزل لمدة 10 أيام، ضمن مجموعة من الأدوية المضادة للفيروسات.
العلاج الروسي
لم يقتصر عمل الشركة عند "ريمديسيفير" فقط، بل أعلنت قبل أيام بدء تصنيع دواء جديد يعتمد على المادة الفعَّالة "فافيبيرافير"، وهو علاج مضاد للفيروسات أثبت مثيله فعالية في مواجهة فيروس كورونا المستجد بدولة روسيا وشفاء المرضى في عدة أيام، ويجري اختباره في اليابان وعدة دول حول العالم حالياً.
ومن داخل مصنع الإنتاج، تابع "مصراوي" مراحل التصنيع الخمس للعقار، والتي تبدأ بالتحضير وفيها يتم تأهيل "البودرة" لكي يكون لها خصائص محددة برش محلول أثناء الصعود والهبوط داخل الماكينة، كما قال الدكتور أمير بولس.
في المرحلة الثانية، يجرى خلط المواد وتضمن توزيع وتخليط المادة الفعالة مع المواد غير الفعالة بنسبة عالية تصل إلى درجة 100%، بما يضمن حصول المريض على الجرعة المناسبة أثناء تناول القرص دون زيادة أو نقصان.
لفت "بولس" إلى أنه عقب ذلك ينتقل الخليط إلى ماكينة "كبس الأقراص" لتأخذ تصميم شكل الأقراص، والتي يصفها بالمرحلة المعقدة وتخضع لمقاييس وبرامج كثيرة، والتي تضمن كذلك فرز المادة الفعالة في الوقت الأصلي عند تناول المريض للجرعة، ثم مرحلة "الكسوة" والتي يتم إعطاء اللون الذي يميز القرص مع طبقة خارجية تحميه من كل العوامل الكميائية أو الجوية التي قد تؤثر على ثبات المادة الفعالة.
ثم تنتقل الأقراص إلى مرحلة التغليف والتعبئة، والتي يتم فيها تصميم شكل معين للشريط البلاستيك الطويل بحجم الأقراص، ثم تغطيتها بطبقة الألومونيوم التي تمر عبر سخانات تلصق طبقة البلاستيك بالألومنيوم، انتهاءً بقصها، وتعبئتها داخل العبوات بشكل يدوي.
قال بولس إنه تم الانتهاء من إنتاج كمية من العقار الثلاثاء الماضي، وهناك خطوط إنتاج جاهزة لاستكمال الإنتاج حال احتياج وموافقة هيئة الدواء المصرية، ويستخدم في علاج الحالات البسيطة والمتوسطة، ولا يُشترط أن يتم الحصول عليه داخل مستشفيات العزل، لكن يجب أن يكون بإشراف طبي.
فيما أوضح العضو المنتدب للشركة أنهم يستهدفون تستهدف تغطية احتياجات السوق المحلية من هذا الدواء بعدما أثبت مثيله فعاليته في روسيا، وتوفير كل الخيارات العلاجية المتاحة لاستخدامها من الأطباء المصريين.