أخبار عاجلة

أبرز الاقتصادات الرابحة والخاسرة في عام 2019

مباشر - سالي إسماعيل: الجميع اتفق على أن 2019 يُعد بمثابة عام استثنائي كونه شاهداً على الكثير من التحولات على الصعيد الاقتصادي في الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء.

وتعايش الاقتصاد العالمي في العام الحالي مع فترة من "التباطؤ المتزامن" على حد وصف صندوق النقد الدولي في العديد من تقاريره الأخيرة بشأن الآفاق المستقبلية، لكن يجب ألا نتجاهل الدور الحيوي الذي لعبته السياسة النقدية في تقليل تداعيات التباطؤ.

وعانى نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي - ولا يزال يعاني - من الضعف الناجم عن تنامي الحواجز التجارية إضافة إلى عدم اليقين السياسي والجيوسياسي الآخذ في الزيادة، وهو ما ألحق الضرر بالتبعية بالاستثمارات وكذلك ثقة المستهلكين.

وجاء الضعف في النمو مدفوعاً بالتدهور الحاد في النشاط الصناعي العالمي وتضرر الطلب على السلع الرأسمالية إضافة إلى صناعة السيارات التي تعرضت لاضطرابات شديدة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون أعلى وتيرة نمو في الاقتصادات الكبرى خلال العام الحالي مسجلة في الصين والهند والتي تشير التقديرات إلى أنها ستبلغ 6.1 بالمائة لكلا البلدين لكنه في المقابل يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا "صفر" في مجمل 2019 رغم الأداء الجيد المسجل بالربع الثالث.

على أية حال، كانت هناك نماذج بارزة على الجانبين الإيجابي والسلبي خلال عام 2019، حيث شهدت بعض الاقتصاديات تحسناً بشكل كبير في حين عانى آخرون طوال العام وسط مخاوف الركود العالمي التي تهمين على الجميع.

أبرز الخاسرين

"تباطؤ اقتصادي مع الحرب التجارية".. تعرضت أكبر قوتين اقتصاديتين حول العالم إلى حالة من التباطؤ في النشاط الاقتصادي على خلفية التوترات التجارية والخلاف حول الصفقة المرتقب توقيعها بين الولايات المتحدة والصين.

ورغم رفع تقديرات نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الثالث لكن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي "روبرت كابلان" يتوقع أن تكون وتيرة الارتفاع في الربع الرابع ضعيفة.

وفي الوقت نفسه فإن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة تباطأ من مستوى يتجاوز 3 بالمائة في الربع الأول إلى 2 بالمائة في الثاني قبل أن يتعافى قليلاً خلال الربع الثالث عند 2.1 بالمائة.

87f03dad35.jpg

أداء الاقتصاد الأمريكي منذ عام 2015 وحتى الآن - (المصدر: مكتب التحليل الاقتصادي)

وبالنظر إلى النمو الاقتصادي في الصين فسجل 6 بالمائة في الربع الثالث من العام الحالي على أساس سنوي وهي أدنى وتيرة نمو منذ الربع الأول لعام 1992، وذلك مقابل زيادة 6.2 بالمائة في الربع الثاني.

وفي الوقت نفسه، تتجه الصين إلى تسجيل عام قياسي من التعثر عن سداد الديون بما لا يقل عن 17 مليار دولار هذا العام.

وعلاوة على ذلك، تعرض النشاط الصناعي في كلا البلدين إلى ضغوط قوية خلال العام الجاري مع ضعف أداء القطاع التجاري، وإن كانت البيانات بدأت في إظهار تحسناً بالأشهر الأخيرة إثر تهدئة على الصعيد التجاري بدايةً من الربع الرابع من 2019.

القارة العجوز ونقطة الضعف الرئيسية.. جاء أداء منطقة اليورو خافتاً في العام الجاري لكن ألمانيا لا تزال بمثابة صداع رئيسي أمام القارة العجوز.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو نمواً بنحو 1.1 بالمائة خلال الربع الثالث على أساس سنوي مقارنة مع ارتفاع 1.2 بالمائة بالربع الثاني، لكن الاتحاد الوروبي خفض تقديراته بشأن الأداء الاقتصادي.

ورغم أن ألمانيا تمكنت من تفادي الركود الاقتصادي في العام الحالي لكنها مع ذلك تواجه خيارين إما زيادة الإنفاق أو الدخول في دائرة الركود.

وسجل ألمانيا نمواً مفاجئاً خلال الربع الثالث من العام الجاري بلغ 0.1 بالمائة ليتفادى بذلك الدخول في مرحلة ركود اقتصادي (والتي تعني من الناحية الفنية تسجيل انكماشاً لمدة فصلين متتالين)، بعد انكماش 0.2 بالمائة في الربع الثاني.

لكن صندوق النقد يتوقع أن يتباطأ النمو في أكبر اقتصاد أوروبي خلال عام 2019 بأكمله إلى 0.5 بالمائة مقارنة مع وتيرة ارتفاع بلغت 1.5 بالمائة في العام الماضي.

f54ada734b.jpg

أداء اقتصاد ألمانيا منذ عام 2013 وحتى الآن - (المصدر: مكتب الإحصاءات الفيدرالية)

تهالك دولة البريكست.. تضرر اقتصاد المملكة المتحدة بشدة من حالة عدم اليقين المحيطة بمسألة مغادرة البلاد عضوية الاتحاد الأوروبي ما دفع بنك إنجلترا إلى خفض تقديرات النمو خلال الربع الرابع.

وعلى الرغم من ذلك، يُبقي البنك المركزي البريطاني سياسته كما هي دون تغيير رغم معارضة اثنين من صناع السياسة في آخر اجتماعين والمطالبة بالخفض الفوري لمعدل الفائدة الذي يقف حالياً عند مستوى 0.75 بالمائة.

مثلث أمريكا اللاتينية.. لم يكن الوضع أفضل حالاً في كل من المكسيك وتشيلي والأرجنتين خلال العام، حيث ضرب الركود الاقتصادي (الانكماش لمدة فصلين متتاليين) الأولى رغم جهود البنك المركزي في البلاد، وتأثرت الثانية سلباً بضغوط التوترات السياسية، أما الثالثة فالأزمات المالية واحتمالات التعثر عن سداد الديون تحاصرها.

وكان وزير المالية في تشيلي حذر من العواقب الوخيمة للاحتجاجات المستمرة في البلاد دون توقف، مشيراً إلى أنها كلفت الاقتصاد 3 مليارات دولار مع حقيقة أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بأكبر وتيرة في عقد خلال أكتوبر/تشرين الأول.

مأزق المركز المالي الآسيوي.. تعيش هونج كونج تحت مأساة الاحتجاجات السياسية منذ حلول النصف الثاني من العام ليدخل الاقتصاد رسمياً في حالة ركود بعد انكماشه في الربع الثالث للمرة الثانية على التوالي.

معجزة مودي تتداعى.. تباطأ نمو اقتصاد الهند خلال الربع الثالث من العام الجاري إلى أدنى وتيرة في 6 سنوات عند 4.5 بالمائة مقابل 5 بالمائة المسجلة في الربع السابق له.

وتشهد الهند إعلان بيانات اقتصادية مخيبة للآمال واحدة تلو الأخرى، سواء في الاستثمارات الخاصة والصادرات أو في الطلب على السلع الاستهلاكية أو الإنتاج الصناعي للبلاد.

وفي سياق هذه الأرقام السلبية بشأن الاقتصاد الهندي، فإن البعض يُلقي بالللوم على الأداء السيء للحكومة والذي أدى إلى تعثر الوضع بشكل عام مع تسارع معدل البطالة لأعلى مستوياته في 45 عاماً، لتتعالى الأصوات التي تشير إلى أن معجزة نيهودلي أوشكت على النهاية.

تفاقم الأزمات بثاني أكبر اقتصاد في قارة أفريفيا.. تعرض اقتصاد جنوب أفريقيا إلى انكماش في أول ثلاثة أشهر من العام قبل أن ينمو في الربع الثاني ثم يعاود الانكماش مجدداً خلال الربع الثالث وسط ضغوط قطاعي التعدين والصناعة.

ومن جانبه، حذر صندوق النقد من الرياح المعاكسة التي تواجه اقتصاد جنوب أفريقيا، داعياً إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل الإصلاح.

أبرز الرابحين

تعافي أكبر اقتصاد بالشرق الأوسط.. بعد تسجيل أول ركود اقتصادي في عقد من الزمن، كان 2019 عاماً فاصلاً بالنسبة لتركيا كونها تمكنت من التعافي التدريجي لتسجل خلال الربع الثالث أول نمو بالناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي.

وعانى اقتصاد تركيا من حالة ركود في العام الماضي على خلفية أزمة العملة التي فقدت حوالي ثلث قيمتها، لكن تدخلت من أجل كبح خسائر الليرة والتضخم المتسارع.

وخفض البنك المركزي التركي معدل الفائدة 12 بالمائة هذا العام في غضون أربع اجتماعات متتالية وسط محاولات دعم التعافي في أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط.

ويرى وزير الخزانة التركي بيرات البيرق أن أداء الاقتصاد كان أفضل من الأرجنتين رغم عدم إبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي.

الحوافز تسند ثالث أكبر اقتصاد عالمياً .. نجح اقتصاد اليابان في تسجيل أداء اقتصادي جيد خلال العام بدعم الحوافز القوية التي ضختها الحكومة في مسعى لمواجهة التحديات الخارجية.

وبعد أن سجل الناتج المحلي الإجمالي لليابان نمواً بالربع الأول من العام على عكس توقعات انكماشه، ارتفع بأكثر من التوقعات في الربع الثاني كما أن قراءة الربع الثالث تم تعديلها بالرفع بشكل حاد.

ورفعت الحكومة اليابانية توقعاتها للنمو الاقتصادي عن العام المالي المقبل والذي يبدأ في أبريل/نيسان 2020 مع توضيح الأثر الإيجابي للتحفيز المالي في دعم الاقتصاد الأكبر عالمياً بعد واشنطن وبكين.

الأفضل والأسوأ اقتصادياً لعام 2019

بعيداً عن النماذج البارزة في الاتجاهين الصاعد والهابط، فإن الأرقام البحتة بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي عن إجمالي عام 2019، ترصد أكثر الدول التي من المتوقع أن تشهد أكبر وتيرة توسع أو انكماش في العام.

ومن هذا المنظور، فإن أكثر الدول التي يتوقع أن تسجل أكبر وتيرة نمو خلال العام الحالي هي على الترتيب دومينيكا (9.4 بالمائة) يليها جنوب السودان (7.9 بالمائة) ورواندا (7.8 بالمائة) وبنجلاديش (7.8 بالمائة) ثم كوت ديفوار (7.5 بالمائة) وإثيوبيا (7.4 بالمائة).

كما تضم قائمة الأكثر توسعاً في هذا العام نيبال (7.1 بالمائة) وجمهورية بنين (6.6 بالمائة) ثم موريتانيا (6.6 بالمائة) ومالديفز (6.5 بالمائة) ومنغوليا (6.5 بالمائة) يليهم فيتنام (6.5 بالمائة).

أما الدول التي من المتوقع أن تسجل أكبر وتيرة انكماش في أدائها الاقتصادي خلال عام 2019 يأتي على رأسها فنزويلا (-35 بالمائة) يليها ليبيا (-19.1 بالمائة) ثم إيران (-9.5 بالمائة) وزيمبابوي (-7.1 بالمائة) ونيكاراغوا (-5 بالمائة).

وتشهد القائمة كذلك غينيا الإستوائية (-4.6 بالمائة) ثم الأرجنتين (-3.1 بالمائة) والسودان (-2.6 بالمائة) وماكاو (-1.3 بالمائة) ثم بورتوريكو (-1.1 بالمائة) والإكوادور (-0.5 بالمائة) وأنجولا (-0.3 بالمائة) ثم ناميبيا (-0.2 بالمائة) وباربادوس (-0.1 بالمائة).

وتشير التقديرات إلى أن كل من إيطاليا وعمان سوف يفشلان في النمو خلال عام 2019، مع حقيقة أن التوقعات توضح أن الناتج المحلي الإجمالي سوف يسجل "صفر".

9ac286f1ab.jpg

خريطة النمو الاقتصادي لدول العالم خلال عام 2019 - (المصدر: صندوق النقد الدولي)

مباشر (اقتصاد)