أخبار عاجلة

بعد أزمة الأرجنتين.. صندوق النقد بحاجة لثورة تصحيح

بعد أزمة الأرجنتين.. صندوق النقد بحاجة لثورة تصحيح بعد أزمة الأرجنتين.. صندوق النقد بحاجة لثورة تصحيح

تحرير: نهى النحاس

مباشر: راكمت الأرجنتينية كمية كبيرة من الديون من لا شيء تقريباً وبسرعة مدهشة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى عمليات التخلف عن السداد بنفس السرعة تقريباً.

ويشير كينيث روغوف الاقتصادي الأمريكي في مقال نشرته"بروجيكت سينديكيت" إلى أنه على الرغم من أن حالة التخلف عن السداد هذه المرة كانت أسرع من التي حدثت في 2002، إلا أن في كلتا الحالتين كان التخلف عن السداد حتمياً لأن مزيج الديون والعجز إلى جانب السياسة النقدية كان غير مستدام.

كما أن الطبقة السياسية كانت غير قادرة على تقديم إصلاحات وتعديلات ضرورية في التوقيت المناسب.

وفي كلتا الأزمتين بدت قروض صندوق النقد الدولي وكأنها تؤجل فقط المصير المحتوم، والأسوأ من ذلك أنها كانت تفاقم من الانهيار النهائي.

لذلك فإنه بعد الكارثة الثانية في الأرجنتين في أقل من 17 عاماً فإن هذا هو الوقت المناسب لنسأل: كيف يمكن أن نعيد التركيز على مهام صندوق النقد الدولي في التعامل من أزمات الديون في الأسواق الناشئة؟

كما أن الوقت حان لنسأل كيف يمكن لصندوق النقد أن يكون فعالاً في مساعدة الدول لاستعادة القدرة على الوصول نحو أسواق الائتمان الخاصة؟، وذلك حينما تكون أي محاولة لسد عجز الموازنة غير المستدام يتم اعتبارها على أنها تقشفاً.

والإجابة الوحيدة هي زيادة موارد وكالات المساعدة الدولية بشكل أساسي (صندوق النقد يعتبر مقرض وليس مانحاً)، ولكن لسوء الحظ يبدو أن هذا الأمر لا يحظى بدعم.

جذور الماضي والحاضر

لماذا كان صندوق النقد الدولي مستعداً لضخ أمواله في موقف كان من الممكن حله من خلال تعديلات مالية أقوى (تقشف أكبر)، والتخلف عن سداد ديون، ومساعدات أجنبية أكبر، أو مزيج من الثلاثة معاً؟

وصعوبة رفض صندوق النقد طلب الأرجنتين يعكس جزئياً تاريخ مرير ينبع من القروض الفاشلة من نهاية التسعينات وحتى 2001.

كما أنه كان من الصعب على الصندوق مقاومة تمويل برنامج كبير في الوقت الذي يمكن للدول أن تقترض فيه من الأسواق الخاصة بمعدلات فائدة بالغة الانخفاض.

وأصبحت الصين أيضاً مصدراً رئيسياً للتمويل في الأسواق الناشئة وهو الأمر الذي قد يبدو جيداً من الناحية النظرية ولكن نقص الشفافية يجعل قروض الصين أرض خصبة للفساد.

ولكن فريق عمل صندوق النقد الدولي يعي جيداً أن الدول التي لديها تاريخ طويل من عمليات التخلف عن سداد الديون مثل فنزويلا والأرجنتين تتجه نحو منحدر زلق في أسواق الديون.

وهناك حجة قوية تشير إلى أنه عبر جعل صندوق النقد يتساهل في برنامج الإقراض، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد جعلت الأزمة الاقتصادية الأخيرة للأرجنتين أسوأ.

ومن المعروف أن والد الرئيس الأرجنتيني الحالي كان شريكاً تجارياً وصديقاً للرئيس .

ومهما تكن حقيقة تلك الحجة فإن موقف الصندوق الأضعف من أي وقت مضى ربما يكون له جذور أعمق.

وتم تقويض الدعم السياسي لشروط القرض في الأرجنتين بفعل الهجمات المتكررة من اليسار في البلاد.

ولكن في حين أن الهيئات غير الحكومية قد تسعد في حالة تحويل صندوق النقد الدولي القروض التي يمنحها إلى منح، إلا أن خزائن الصندوق ستصبح خاوية سريعاً، ورغم إن ذلك أيضاً قد يجعل البعض سعداء لكنه سيكون بمثابة كارثة للاستقرار المالي العالمي.

والآن أصبحت الديون لدى الكثير من الأسواق الناشئة عند مستويات قياسية، في الوقت الذي لايزال فيه صندوق النقد الدولي هو مقرض الملاذ الأخير.

وبالرغم من كل السلبيات، فإن للصندوق كفاءات أكبر من أي مؤسسة أخرى لتقليل تكلفة أزمات ديون الأسواق الناشئة.

ولكن يجب أن يكون الهدف الرئيسي بالنسبة للصندوق هو منع حدوث تلك الأزمات أو منع تكرارها كما في حالة الأرجنتين.

وفي 2015 تم انتخاب ماوريسيو ماكري من الشعب الذي أُنهك من تباطؤ النمو الاقتصادي ومعدل التضخم المرتفع الذي ميز السنوات القليلة الأخيرة في حكم الرئيسة السابقة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر.

وسياسات كيرشنر وزوجها نيستور كيرشنر الذي كان رئيساً من قبلها وسعت بشكل كبير التدخلات والسيطرة في البلاد.

ومع حدوث قفزة لأسعار صادرات السلع الأساسية فإن الاقتصاد تمكن من مواصلة النمو، لكن انعكاس دورة الأسعار تسبب في انهيار ذلك كله.

ومع ذلك فإن ماكري ورث اقتصاداً لم تكن الديون فيه مرتفعة، وكانت المشكلة المالية الأساسية هي نظام معاشات غير مستدام.

وكانت الوصفة الطبيعية للإدارة المقبلة هي أن تتحمل ألم دمج الموازنة في وقت مبكر، والأمل في تعافي الاقتصاد بشكل جيد قبل الانتخابات القادمة.

ولكن بدلاً من ذلك فإن رئيس الأرجنتين سد فجوة الموازنة ببطء مستخدماً "شهر العسل السياسي الخاص به" لتنفيذ تخفيضات ضريبية وتحرير الأسواق.

ولكن لسوء الحظ، فإنه بعد الإصلاحات الحادة تميل الظروف الاقتصادية للاتجاه إلى التدهور قبل أن تتحسن، ولكن ماكري الذي يواجه انتخابات في وقت لاحق من هذا الشهر لن يكون موجودًا لرؤية ذلك.

وأصبحت الأمور سيئة للغاية لدرجة أن الأرجنتين شهدت عملية "إعادة تصميم" للديون، وهو شكل من أشكال التخلف عن سداد الدين.

ويحتاج الأمر للإجابة على سؤال أساسي: "كيف يمكن لصندوق النقد الدولي التوفيق بين الحاجة إلى نظام موثوق به يمكن للأسواق الناشئة من خلاله إجراء الاقتراض اللازم مع طلبات الحصول على مزيد من المساعدات وتقشف أقل؟

والجواب المختصر هو أن صندوق النقد الدولي لا يستطيع القيام بذلك بمفرده، والطريقة الوحيدة هي زيادة هائلة في تدفقات المعونات.

ولكن لا تتوقع أن تتولى إدارة أمريكية ديمقراطية أو جمهوريّة هذه المهمة، وعليه يجب على السياسيين السماح لصندوق النقد الدولي بأداء وظيفته وهي المساعدة في الحفاظ على الاستقرار المالي العالمي وعدم إجباره على دعم أنظمة سياسية غير مستدامة.

مباشر (اقتصاد)