أخبار عاجلة

محمد العريان: هدوء أداء عملة الصين لن يؤجل هبوب العاصفة

تحرير: نهى النحاس

مباشر: لم يمض وقتاً طويلاً منذ تراجع اليوان الصيني دون المستوى الفني عند 7 يوانات لكل دولار، وهو الأمر الذي تسبب في تعكير صفو الأسواق وإثارة مخاوف بشأن اندلاع معركة عملات شاملة والتي من شأنها أن تؤجج من تأثيرات الحرب التجارية.

وفي الأسبوع الماضي تم تداول اليوان في التعاملات الداخلية والخارجية عند مستويات أقل بشكل ملحوظ، ولكن معظم التعليقات اهتمت بسلوك البنك المركزي الصيني المقيد للهبوط.

ويتساءل الاقتصادي محمد العريان عبر مقال نشرته "بلومبرج أوبنيون": مالذي تغير تحديداً؟ وما مدى استمرار ذلك؟

لنبدأ بالحقائق، تدير الصين نظام للعملة يحدد فيه البنك المركزي سعر مرجعي يومي لليوان مع السماح بالتحرك في الاتجاهين الصاعد أو الهابط بحد أقصى 2 بالمائة من السعر المرجعي في التعاملات الداخلية.

ومن المفهوم أن المغامرة بالخروج عن ذلك الاتجاه تؤدي على الأرجح إلى تدخل المركزي الصيني لتجنب التحركات غير المنظمة.

أما معدل صرف اليوان الخارجي والذي قد يتم اعتباره موفر لقيمة آمنة بالنسبة لنظام الصرف الأجنبي، فيميل للتداول عند مستويات أضعف نسبياً من السعر داخل الصين.

وفي يوم الثلاثاء الماضي حددت الصين السعر المرجعي لصرف اليوان عند 7.08 يوان لكل دولار، مع تداوله داخلياً عند 7.16 يوان، وخارجياً عند 7.18 يوان.

وبالرغم من أن المستويات الثلاثة السابقة تتجاوزاً 7 يوان وتتحرك بانتظام بمرور الوقت إلى ما يمثل "خفضاً مستمراً لقيمة العملة"، فإن التعليق السائد في الأسواق كان أن البنك المركزي حدد سعراً مرجعياً أقوى من المتوقع.

ورافق تلك التعليقات رواية ثانية مفادها أن هذه إشارة أخرى على رغبة بكين في تخفيف حدة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

وكل ما سبق يثير سؤالين غاية في الأهمية، الأول هو لماذا تغيرت مشاعر السوق بشكل كبير بشأن مستوى وتحركات العملة الصينية؟، أما السؤال الثاني هو ما الذي يقود سياسة الصرف الأجنبي داخل الصين؟

وتغير المشاعر أو الثقة ليس له علاقة بتحسن ظروف الاقتصاد العالمي، والتي تغير من إغراء الدول لتبني مقاييس العملة التي تقوم على سياسة "إفقار الجار"، أي الدولة التي ترغب في الحصول على ميزة للنمو عبر التلاعب بالعملة لجعلها أضعف.

بل بالعكس، الاقتصاد العالمي وآفاق أداءه المستقبلي ازداد ضعفاً مقارنة ببداية فترة خفض اليوان.

ويتباطأ الاقتصاد الأوروبي سريعاً، حيث تعاني ألمانيا بالفعل من انكماش اقتصادي، كما أن أرقام الصين لم تبدي حتى الآن إي إشارات تشير لتعافي، كما أن باقي الاقتصاديات الآسيوية تعاني من التباطؤ.

كما أن الأمر لا يتعلق مثلاً بقيام أوروبا وآسيا بتبني تدابير ضخمة لدعم النمو في الأسابيع القليلة الماضية، فالعديد من الدول وبشكل خاص داخل أوروبا لاتزال تشهد استجابة بطيئة للغاية للسياسة المالية والإصلاحات الهيكلية.

والفرق هو أنه بناءً على التعليقات الأخيرة من كل من القادة الأمريكيين والصينيين، فإن الأسواق أصبحت أقل قلقًا بشأن مزيد من التصعيد في التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وهذه هي الأخبار الجيدة.

أما الأخبار السيئة هي أن التراجع الحالي في التوترات التجارية من المرجح أن يكون بمثابة وقف مؤقت لإطلاق النار بدلاً من خطوة ذات معنى نحو حل قضايا مثل سرقة الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا والمنافسة غير العادلة.

وهنا يبقى سؤال حول السبب وراء رغبة البنك المركزي الصيني في تحديد سعر مرجعي للعملة أقوى من المتوقع؟

والإجابة هي أنه بلا شك تلعب رغبة المركزي في وقف التصعيد الأخير في التوترات دوراً في ذلك، ولكن من المحتمل أيضاً أن يكون هناك اعتبار آخر وهو إدارة نظام سعر صرف ثنائي بحكم الواقع.

وتخفيض مستهدف سعر الصرف بشكل قوي للغاية يهدد بزعزعة استقرار الأسواق الخارجية وفي المقابل يدمر سعر الصرف الداخلي.

وكلما طالت تلك الديناميكية كلما كانت خسارة البنك المركزي أكبر، وهو الذي سيكون أمامه إما السير وراء سعر العملة في الخارج بطريقة تزعج السوق أكثر وتخاطر بإحداث تدفقات كبيرة لرؤوس الأموال، أو فرض قيود أكثر تشدداً لا تتفق مع أهداف الإصلاح والتنمية الأوسع في بكين.

والنظر للأمر بهذه الطريقة يجعل التطورات في سعر عملة الصين أقل راحة بالنسبة للأسواق.

وفي حال عدم وجود سياسات داعمة للنمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم مقترنة بحل فعال للتوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فإن الهدوء الحالي من المرجح أن ينتهي سريعاً لنعود للتوترات في سوق العملة والحديث عن حرب العملات.

مباشر (اقتصاد)