أخبار عاجلة

زينب عبداللاه تكتب: حسام قنديل والمياه الراكدة

زينب عبداللاه تكتب: حسام قنديل والمياه الراكدة زينب عبداللاه تكتب: حسام قنديل والمياه الراكدة
عندما تلقى حجرًا فى الراكد، لا تتوقع أن هذا الحجر سوف يعيد المياه جارية نظيفة بل عليك أن تتوقع شم روائح كريهة أو أن تتلوث ملابسك ببعض آثار"طرطشة هذه المياه".

هذا هو ملخص ردود الأفعال وتطورات الأحداث بعد التصريحات الخطيرة التى أدلى بها د.حسام قنديل رئيس قسم القلب بقصر العينى، خلال الندوة التى نظمها قسم الصحة والطب بـ"اليوم السابع" التى أشرف على رئاستها، حيث صرح خلالها نصا بأن " 80 % من جراحى القلب فى مالهمش لزمة وأن 5 % فقط من جراحى القلب أكفاء، وأن قصر العينى مليان حرامية مستشهدا ببعض وقائع السرقات، وعما يعانيه كرئيس لقسم القلب، فعليه أن يقوم بدور موظف أمن وتمرجى وفنى، فضلا عن خلل المنظومة الطبية ومعاناة الأطباء".

وهى التصريحات التى أثارت استياء وصدمة الكثيرين وتم على إثرها صدور قرار من الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة بإيقاف د.حسام قنديل عن العمل وإحالته للتحقيق .

وعلى الرغم من أن ما قاله رئيس قسم القلب قد يبدو صادما أو لمح فيه عدد من الأطباء إهانة إلا أنه لا يخلو من بعض الحقائق حول المنظومة الطبية والصحية فى مصر نلمسها ونتحدث فيها ليل نهار، وبالرغم من انزعاجنا من قرار إيقاف قنديل بسبب تصريحاته خلال ندوة "اليوم السابع" إلا أننا لسنا فى موقف الهجوم أو الدفاع عنه ولكن هناك الكثير من الملاحظات والدلالات الخطيرة والهامة التى تحملها تصريحاته وردود الأفعال حولها وما حدث له نتيجة هذه التصريحات نحاول توضيحها فى النقاط التالية:

- عندما تحدثنا مع رئيس قسم القلب ودعوناه لندوة "اليوم السابع" للحديث عن أمراض القلب فى مصر، أكد أنه لا يريد أن تقتصر الندوة على أمراض القلب فقط، معلنا رغبته فى الحديث عن الشأن العام لأن الطب لا ينفصل عن المجتمع .

- بالرغم من أن كل ما قاله رئيس قسم القلب مسجل بالنص كما جاء فى العناوين المنشورة بموقع وجريدة "اليوم السابع" ولم يتم تحريف أى ما قاله، حتى وإن قال قنديل إن بعض كلامه خرج عن سياقه وأن العناوين تحمل فرقعة إعلامية إلا أننا نقدر حجم الضغط الذى تعرض له رئيس قسم القلب بل وحجم الحرج الذى ناله من زملائه نتيجة لعبارة "مالهمش لزمة" والتى قصد منها عدم وجود تدريب كاف للأطباء وخلل المنظومة الصحية التى لا تسمح للطبيب بالتأهيل والكفاءة المطلوبة وتؤدى إلى تخريج عدد كبير من الأطباء غير المؤهلين، كما أننا نقدر له ما أكده خلال مداخلته مع برنامج مانشيت بأن ما جاء فى "اليوم السابع" هو كلامه فعلا ولا ينكره.

- السؤال الذى يطرح نفسه بل وجاء فى العديد من التعليقات على تصريحات رئيس قسم القلب عن السرقات التى تحدث فى قصر العينى هو لماذا وأنت مسئول وتشغل منصب رئيس قسم القلب لم توقف هذه السرقات أو تتخذ موقفا للتصدى لها، وهو الأمر الذى يحوى دلالات ومعان خطيرة تؤكد أن حجم الفساد والسرقة أكبر من طاقة وقدرة وسلطة رئيس القسم وأنه متوغل بل وتحميه بعض القوانين، وهو ما أكده قنديل خلال الندوة بضرب عدد من الأمثلة عن السرقات ومنها سرقة التكييف المركزى وبعض المستلزمات الطبية، وقوانين التصالح مع السارق الذى يعيد المسروقات، وهى منظومة فساد كاملة تؤصل للسرقة وضياع المال العام، ولا تختلف كثيرا عن هوجة التصالح مع رموز النظام السابق مقابل رد بعض الأموال، كما تؤكد أن رئيس قسم القلب عانى كثيرا وعجز عن وقف هذه السرقات.

- لا نعترض على قرار الدكتور جابر نصار بإحالة رئيس قسم القلب للتحقيق، ولكن نتمنى أن يكون الهدف هو التحقيق فى وقائع الفساد والتصدى لها وألا يكون هذا بدافع العقاب والانتقام من الرجل لأنه تحدث عن الفساد، نتمنى أن يكون د.نصار عضوا فى لجنة التحقيق وأن يتلق بصدر رحب ما يقدمه رئيس قسم القلب من مستندات أو أدلة تؤكد صحة ما قاله، وإن كان قنديل عجز وحده عن التصدى للسرقات ومنظومة الفساد، فليحاول نصار خلق منظومة تتصدى لهذا الفساد، لأن خطورة ما حدث مع رئيس قسم القلب أنه يؤصل لفكرة بقاء الفساد وعقاب من يتحدث عنه وهو ما سمعناه نصا من بعض كبار الأطباء "يعنى اللى يتكلم عن الفساد يروح ورا الشمس ؟!" .

- فيما يتعلق بتصريح قنديل أن 80 % من جراحى القلب فى مصر مالهمش لزمة وهى العبارة التى كررها نصا خلال ندوة "اليوم السابع" والتى أثارت غضب عدد من جراحى القلب، فبصرف النظر عن النسبة التى قالها رئيس قسم القلب إلا أن الجميع يعلم المشكلات التى يواجهها الطب والطبيب المصرى فى التأهيل والتدريب والمرتبات الزهيدة والأعداد الكبيرة، وهو ما يجعل الأسماء اللامعة فى كل تخصص قليلة، ويقلل من كفاءة الطبيب ويثقله فى دوامة مشكلات اقتصادية ومهنية، نوبتجية يبيت فيها فى المستشفى فيحصل مقابلها على 75 جنيها شهريا، تدريب أقل وأعداد كبيرة، مرتب لا يكفل له حياة كريمة ولا يسمح له بالبحث والاطلاع ، 7 سنوات دراسة بكلية الطب يليها سنوات دراسة عجاف إذا أراد أن يحصل على الماجيستير والدكتوراه ما لم يكن وراءه أسرة تكفل له نفقات هذه الدراسة والحياة الاجتماعية اللائقة، أعداد وأقسام مكدسة بكليات الطب لا تحصل على التدريب الكاف فى مقابل علوم وابتكارات طبية تتقدم لحظة بلحظة، فتصبح النتيجة أعدادا هائلة من الأطباء غير مؤهلين التأهيل الكاف للتعامل مع المريض وهى الحقيقة التى يعلمها الكثيرون وأولهم الأطباء.

وأيا كانت الصدمة من الرقم الذى قاله رئيس قسم القلب، فلا يمكن إنكار حقيقة عدم التدريب والتأهيل الكاف للأطباء ووجود أعداد كبيرة فوق طاقة العمل، حتى وإن رأى البعض أن النسبة التى قالها رئيس قسم القلب مبالغ فيها، فالخلل فى المنظومة الطبية نلمسه جميعا ونرى آثاره ومعاملة المصريين فى المستشفيات العامة والحكومية قد لا ترقى لمعاملة الحيوانات فى الدول المتقدمة، ولكن أحيانا كثيرة نعرف الحقيقة ونلمسها ولكننا نتألم وننزعج إذا سمعناها، والأخطر أن يصبح هذا الانزعاج سببا للمزيد من سياسة دفن الرؤوس فى الرمال والاكتفاء بعقاب من يلقى الأحجار فى المياه الراكدة ليبقى الحال كما هو عليه ويصبح الحديث عن الفساد مجرد زوبعة فى فنجان.

يا دكتور جابر.. إقالة حسام قنديل ليست حلًا
>

رئيس قسم القلب بـ"قصر العينى": لم أعزل من منصبى إنما تم إيقافى مؤقتاً
>

اليوم السابع