وجاء (اللقاء المصرى-الأوروبى بشأن حماية التراث ومكافحة الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية) فى إطار تقريب الهوة بين البلدان صاحبة الحضارات القديمة فى الشرق، وتلك التى أضحت سوقا مفتوحا لتداول القطع الأثرية فى الغرب.
وقال على أحمد مدير عام المضبوطات الأثرية بوزارة الآثار المصرية أن إحدى أبرز المشكلات المتعلقة بسرقة وتهريب الآثار المصرية حاليا هى وجود تنظيمات إجرامية دولية تخصصت فى مثل هذه النوع من السرقات أصبحت لها أذرع ممتدة عبر أكثر من قارة.
وقال "أحمد" إن هذه التنظيمات الإجرامية طورت من أساليبها بحيث أصبحت تنقل القطعة المهربة من مصر عبر عدة دول مختلفة قبل وصولها إلى محطتها النهائية حيث تعرض للبيع وذلك بهدف تصعيب عملية تتبع مسار القطع الأثرية، وكذلك تصعيب الأمر السلطات المصرية فى إثبات خروج القطع من البلاد بصورة غير شرعية.
وأضاف أن تجار القطع الأثرية المهربة المحترفين يتبعون هذا الأسلوب أيضا بهدف الوصول أحيانا إلى "مشتر حسن النية" لا يدرك أن القطعة مهربة ويدفع فيها ثمنا كبيرا معتقدا أنها انتقلت بشكل شرعى.
وتابع قائلا: "فى بعض الحالات عندما يدرك المشترى حقيقة الأمر يطلب استعادة ما دفعه مقابل رد القطعة وهناك بعض من رفضوا على الفور أن تضم مجموعاتهم الفنية أى قطع مسروقة وقاموا بردها مباشرة."
وأكد على أن "التفاوض" يظل الوسيلة الأفضل والأسرع لاسترداد القطع الأثرية المهربة للخارج إذ تستغرق إجراءات التقاضى فى بعض الأحيان عدة سنوات".
حضر افتتاح اللقاء- الذى أقيم بالمركز الثقافى الفرنسى فى القاهرة- سفير الاتحاد الأوروبى بالقاهرة جيمس موران والسفير الفرنسى أندريه باران، ومدير المركز الثقافى الإيطالى باولو ساباتينى إضافة إلى خالد العنانى المشرف العام على المتحف المصرى نائبا عن وزير الآثار المصرى.
وتناول هاركو وليام أستاذ دراسات الشرق الأدنى بالجامعة الكاثوليكية فى ليوفن ببلجيكا بعضا من المخاطر المحدقة بالمواقع الأثرية المصرية خاصة فى صعيد مصر والمتمثلة فى التعدى بالبناء والإشغالات على المواقع الأثرية وتغيير البيئة المحيطة.
واتخذ من موقع دير البرشا فى محافظة المنيا مثالا لحديثه قالا أن محيط هذا الموقع شهد تغيرا سريعا خلال العام المنقضى إذ لوحظ شق بعض الطرق "المختصرة" بشكل عشوائى لربط قرية دير البرشا بالطريق الصحراوى السريع أو مدينة ملوى الجديدة كما لوحظ إقامة بعض الأبنية بمحيط المكان دون تراخيص مسبقة.
ودلل على ما ساقه من ملاحظات بصور ملتقطة بواسطة برنامج الخرائط المصورة (جوجل إيرث) تمتد خلال فترة زمنية لا تتجاوز 13 شهرا.
وأشار وليام إلى مشكلة أخرى وهى "الخفراء" وحراس المواقع الأثرية الذين قتل منهم اثنان فى فبراير شباط الماضى فى موقع دير البرشا الأثرى أثناء التصدى لمجموعة من لصوص المقابر الأثرية.
وقال: "تتمثل المشاكل المتعلقة بهم (الخفراء) فى قلة عددهم مقارنة بالمساحة التى يحرسونها وكذلك ضعف تدريبهم وتسليحهم فى مواجهة الأسلحة التى يحملها لصوص الآثار".
ونوه بأنه بعد مخاطبة السلطات المصرية ومناقشتها فى تلك الأمور بدأت بالفعل فى التحرك لإزالة التعديات وإجراء معاينة للموقع أمس الاثنين.
*تجربة أمنية
وتقدم بعض من المشاركين فى اللقاء بتوصيات لتعزيز حماية المواقع الأثرية ومكافحة تهريب الآثار وسبل تعقبها بالخارج.
ومن جانبه اكد اللواء أحمد عبد الظاهر، رئيس مباحث الآثار، أن مصر اكتسبت خبرة مما جرى إبان "ثورة 25 يناير" فى 2011 حين تعرضت بعض المتاحف ومخازن الآثار للنهب والسرقة والجهود التى جرت لاسترداد هذه الآثار "يمكن لدول الجوار التى تعانى من مشكلات أمنية" أن تستفيد منها.
وأضاف أن اهتمام الخبراء والمتخصصين يركزون اهتمامهم على الدول صاحبة الحضارات أو التى تستخرج منها الآثار ولا يلتفتون إلى المخاطر التى تهدد الدول المستقبلة للقطع المهربة أو "السوق الجديد" لبيع هذه القطع.
وأردف: "المستحدثات الجديدة التى طرأت على جرائم الممتلكات الثقافية جعل جزءا من هذه المخاطر والتهديدات تصيب الدول المستقبلة للآثار المهربة.. وأبرز هذه المظاهر جرائم العنف وجرائم تهريب المقلدات."
واستطرد: "بعض المهربين دفعوا بعناصر مدربة وذكية للسوق مما أدخل مستحدثات على عمليات نهب وتهريب الآثار منها زيادة عدد الجناة وتغير نمط السرقة ليصبح مقترنا بالعنف الذى يصل إلى حد إزهاق الأرواح."
وأضاف: "فى السابق كان الجناة يستهدفون قطعا أثرية فريدة من نوعها ويتم سرقتها بانتقائية فيما أصبح لصوص الآثار الآن يلتقطون ما تصل إليه أيديهم دون تمييز."
*توصيات
ومن بين التوصيات التى أصدرها المشاركون فى اللقاء:
*حث المجتمع الدولى للسير نحو تقليص السوق غير المشروع للاتجار بالآثار عن طريق الدخول فى معاهدات واتفاقات ثنائية تسد الثغرات الموجودة باتفاقية باريس 1970 التى وضعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
*إيجاد قنوات اتصال وتبادل للخبرات بين الدول صاحبة الحضارات التى تتعرض للسرقات والنهب لتطوير سبل مكافحة هذه الجرائم.
*ضرورة احتفاظ دور المزادات ببطاقة بيانات خاصة بكل قطعة أثرية تبيعها تكشف عن شريعة ملكيتها، والأيادى التى تناقلتها منذ خروجها من البلد الأصلى.
*التصدى لبيع القطع الأثرية عبر المواقع الإلكترونية وتعقب مواقع الإنترنت التى تعمل كوسيط بين المهربين وهواة جمع التحف عالميا.
*تنمية الوعى المجتمعى بأهمية مكافحة تهريب الآثار وإشراك جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى فى تنظيم الحفاظ على التراث.
*تعزيز أعداد القائمين على حماية المواقع الأثرية وتدريبهم وإمدادهم بوسائل تكنولوجية حديثة وتسليح متناسب مع طبيعة الأماكن التى يحرسونها.
*إقامة أسوار وتحديد الحيز المساحى للمواقع الأثرية من أجل ردع اللصوص وإبراز هويتها الأثرية.
>- التراث المصرى تحت "الحماية" الأمريكية.. جناح خاص للآثار المصرية فى متحف "ميتروبوليتان" بنيويورك يحوى 24 ألف قطعة أثرية.. تقنيات حديثة للحفاظ على المقتنيات وتثقيف الموظفين بتاريخها أبرز دروس الحدث