أخبار عاجلة

إيريك تريجر: تستعد لاستقبال «رئيس قوى» والحديث عن عودة «نظام مبارك» غير دقيق

إيريك تريجر: مصر تستعد لاستقبال «رئيس قوى» والحديث عن عودة «نظام مبارك» غير دقيق إيريك تريجر: تستعد لاستقبال «رئيس قوى» والحديث عن عودة «نظام مبارك» غير دقيق
الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لـ«الوطن»: وصفى بـ«رجل الجماعة» فى الولايات المتحدة أمر مضحك

كتب : أحمد الطاهرى منذ 53 دقيقة

فى قلب العاصمة الأمريكية، وفى شارع «آل ستريت»، حيث معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أحد أكبر مراكز الأبحاث الأمريكية المعنية بشئون والمنطقة، وكثيراً ما يمثل الحلقة الأولى فى صنع القرار الأمريكى - التقت «الوطن» بالباحث الأمريكى المرموق إيريك تريجر، المعروف على الساحة الأمريكية كأحد المتخصصين فى شئون مصر، خاصة جماعات الإسلام السياسى، ويتمتع بعلاقات قوية مع قياداتها، وأثير حوله جدل كبير عندما كشف أثناء حكم الرئيس محمد مرسى أن القيادى الإخوانى محمد البلتاجى أبلغه أنه يشرف على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية. «إيريك» كشف لـ«الوطن»، فى حواره معها، كثيراً من التفاصيل حول علاقته بالإخوان، والأدلة التى دفعته إلى اتهام «مرسى» بالتورط فى أحداث الاتحادية، ووضع قراءة عامة لمستقبل الإسلام السياسى فى مصر والعلاقات المصرية الأمريكية، موضحاً أن الولايات المتحدة ستعمل مع أى رئيس يختاره المصريون.

حوار أجراه فى واشنطن:

أحمد الطاهرى

■ أنت عائد حالياً من زيارة لمصر سبقت بدء أول استحقاقات خريطة الطريق وهو الاستفتاء على الدستور، ما الانطباعات التى عدت بها من القاهرة؟

- بالطبع كانت زيارة مهمة لى كباحث معنىٌّ بالشأن المصرى، وتكونت لدىّ بعض القراءات للمشهد بصفة عامة، من بينها أن الترويج لعودة نظام «مبارك» كلام غير دقيق، ولكن قد يكون النمط السياسى القادم مشابهاً، ففى تقديرى الساحة المصرية الآن تستعد لاستقبال رئيس قوى، والبرلمان القادم سيعمل على تقوية الرئيس ومساعدته، لأن ذلك سيساعد البرلمان على الإنجاز أمام الناخبين، أى ستكون هناك أرضية من المصالح المتبادلة بين الرئاسة والبرلمان المقبل، وهناك تراجع فى الأيديولوجية داخل الساحة السياسية بشكل عام، هذا النمط السياسى سيتسم بالقوة، ولكن فى المضمون تبقى أسئلة عديدة تبحث عن إجابة، ومشكلات تبحث عن حل، تلك المشكلات التى كانت المفجر الرئيسى لثورة 25 يناير، وهناك أسئلة تبحث عن إجابة حول الوضع الاقتصادى الصعب، والبطالة التى يعانى منها شباب لم يتوقف عن الاحتجاج طيلة 3 سنوات، وإسلاميين سقطوا من السلطة بعدما تذوقوها للمرة الأولى والنمط السياسى القادم يؤشر بصعوبة اندماجهم، وهو ما قد يمثل مفتاحاً لعدم الاستقرار فى مصر فى الفترة المقبلة، وهذه النقاط تقلقنى ليس فقط كباحث ولكن كصديق ومحب لمصر.

البرلمان المقبل فى مصر سيعمل على تقوية الرئيس ومساعدته لأن ذلك سيساعده فى الإنجاز أمام ناخبيه

■ حسناً، هذا مدخل جيد لكى أسألك عن مستقبل الإسلام السياسى فى مصر.

- الإسلام السياسى ليس فقط الإخوان، هناك حركات وتيارات كثيرة سيظل لها دور ما، أياً كانت مساحته أو حجمه، لأن المزاج الشعبى المصرى على الرغم من إزاحته للإخوان، فإنه ظل متمسكاً بالإبقاء على المادة الثانية للدستور، التى تجعل الوصاية لمصادر الشريعة الإسلامية، إذن الإسلام السياسى سيبقى له دائماً قاعدة شعبية، وليس من الممكن أن يختفى فى لحظة، وأكبر دليل على ذلك أن الإخوان سقطوا من الحكم ولكن السلفيين مستمرون، وهناك مجموعات أخرى ستظهر، وهناك أيضاً جهاديون فى سيناء.

■ وماذا عن الإخوان؟

- الإخوان سقطوا من السلطة وسقطت نظريتهم فى الحكم، ولكنها جماعة تتميز بالعمل السرى، تنظيمها عقائدى ولا تستوعب الآخرين من خارجها، وهذا كان أحد أهم أسباب عدم مقدرتها على السيطرة على الدولة، ولكن كما قلت سقوط الإخوان من الحكم ليس معناه سقوط الإسلام السياسى كفكرة، فالسلفيون لم يتأثروا بسقوط الإخوان، وحتى عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، ما زال حاضراً على الساحة فى مصر بعد سقوط الإخوان.

■ علاقاتك المتشعبة بقيادات الإخوان وقدرتك على النفاذ إليهم تركت انطباعاً بأنك أحد رجالهم فى أمريكا، ما يدفع إلى سؤالك عن تاريخك مع الإخوان.

- الحديث عن أننى أحد رجال الإخوان مثير للضحك، هذا عملى الأكاديمى والبحثى بداية من حصولى على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا، ثم عملى فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو أحد أكبر مراكز الأبحاث الأمريكية، نعم أجريت حوارات كثيرة مع الإخوان ومع قياداتهم وقابلت الكثير منهم، ودرستهم ودرست تنظيمهم دراسة جيدة.

■ وماذا عن الرئيس المعزول محمد مرسى، هل سبق أن التقيته؟

- بالفعل التقيت «مرسى» فى أغسطس 2010، وما زلت أحتفظ بتسجيل هذا الحوار؛ لأنه كان يتسم بالحدة والتشدد، كنت أسأله سؤالاً مباشراً وواضحاً وبسيطاً ولكنه كان يرفض الإجابة.

■ وما السؤال الذى رفض إجابته؟

- سألته عن سبب انضمامه للإخوان، وتفاجأت برفضه الإجابة وانفعل، على الرغم من بساطة السؤال، الذى كنت أوجهه إلى كل الشخصيات السياسية فى المجموعات والأحزاب السياسية وقتها، سواء فى الوفد أو التجمع أو الغد، «مرسى» كان الشخصية الوحيدة التى رفضت الإجابة عن هذا السؤال، ومسألة تشدد «مرسى» كانت انطباعاً دائماً لأى محاور أجنبى التقاه، على عكس كوادر أخرى فى الإخوان كانوا يجيدون التحدث مع الأجانب، سواء كانوا باحثين أو صحفيين، وبعد هذا اللقاء أجريت معه حوارات متعددة، ولكن عبر التليفون.

■ فى تقديرك، ما المصير الذى ينتظر «مرسى»؟

- محمد مرسى يقف أمام القضاء فى تهم جنائية، وسيحصل على حكم فى ظل الحركة السياسية الراهنة التى أطاحت به من الحكم.

■ سبق أن ألمحت فى أوراقك البحثية ومقالاتك إلى أن «مرسى» متورط فى أحداث الاتحادية وإراقة دماء المصريين، ما دليلك؟

- سأذكر لك ما حدث، كنت أشاهد قناة سكاى نيوز واستوقفنى خبر لمراسل القناة يوم 4 ديسمبر 2012، مفاده أن اجتماعاً لمكتب الإرشاد عقد فى منزل محمد مرسى، وعندما تلقفت هذا الخبر بدأت التحرك مع فريق الباحثين المساعدين لى فى عمل اتصالات مع مصادرنا داخل جماعة الإخوان عن صحة المعلومة ومعرفة مجريات هذا الاجتماع، الذى جاء عشية أحداث الاتحادية، وبالفعل تمكنا من التواصل مع 3 أعضاء بمكتب الإرشاد، وأكدوا أن الاجتماع جرى بالفعل فى منزل «مرسى»، واتفقوا خلاله على تجهيز رد فعل الإخوان تجاه مظاهرات الاتحادية ولم يوضحوا تفاصيل، ولكن شاهدنا فى اليوم التالى رد فعل الإخوان، وقد كان العنف وهجوم شباب الإخوان على المتظاهرين فى الاتحادية واقتلاع خيام المعتصمين وعمليات التعذيب، ما أدى لمقتل 10 مصريين. إذن بالنسبة لأى سياق منطقى فإن «مرسى» ضالع وبشكل مباشر هو والقيادات داخل الإخوان فى تنظيم هذه الهجمة.

■ لماذا تدعم إدارة الرئيس أوباما الإخوان إلى هذا الحد وعلى النحو الذى يضر بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ليس فى مصر فقط ولكن فى المنطقة؟

- أختلف مع هذه المقولة تماماً، وكثيراً ما أستمع إليها بل إننى أراها «كذبة»، أمريكا مهتمة بمصر والعلاقة مع مصر، بل أثبتت أنها تعمل مع من يحكم مصر أياً كان حتى لو كانت تختلف معه، ولهذا عملت أمريكا مع «مبارك» والمجلس العسكرى والإخوان عندما كان «مرسى» رئيساً منتخباً لمصر، والآن تعمل مع الانتقالية المدعومة من الجيش والفريق السيسى. أمريكا تريد علاقات جيدة مع مصر، ومن سيختاره الشعب المصرى ستتعامل معه الولايات المتحدة وستعمل معه، ويجب أن يعى المصريون أنهم هم من يقررون.

من نزل ساحات الميادين فى يناير 2011 ودفع «مبارك» للتنحى كانوا المصريين وليس الأمريكيين، ومن وضع صوته فى الصندوق واختار «مرسى» لكى يكون رئيساً لمصر كان الناخب المصرى وليس الناخب الأمريكى، ومن أفقد «مرسى» السلطة كانوا المصريين، ومن سيختار الرئيس القادم هم المصريون.

■ معنى كلامك أن الولايات المتحدة لن تعترض على استجابة الفريق السيسى للدعوات الجماهيرية التى تطالبه بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟

- أعتقد أن الفترة القادمة سيكون السؤال هو ماذا يريد المصريون؟ وماذا يقرر المصريون؟ هناك عملية الاستفتاء على الدستور، وبعدها سنرى المرشحين للرئاسة، وما قرار الفريق السيسى، مصر الآن تشكل مستقبلها، والنقطة الأساسية هى كيف يمكن للمصريين التأثير على المستقبل السياسى لبلدهم، هناك العديد من الفرص كانت موجودة طيلة السنوات الـ3 الماضية، ولا يجب التركيز فقط على رد الفعل الخارجى، أو أن يكون هناك تركيز خاطئ على رد الفعل الأمريكى كما قلت، والتاريخ أثبت ذلك، أمريكا ستعمل مع من يحكم مصر أياً كان.

■ تضع لوحة فى مكتبك عليها شعار لثورة 25 يناير، فى تقديرك ما الأخطاء التى ارتكبها شباب يناير وجعلتهم فى موضع لبس مجتمعى؟

- أعتقد أنه من الخطأ وضع الشباب الثورى فى سلة واحدة، فبعضهم تمكن من إحداث نقلة من الميدان إلى السياسة، والبعض الآخر توقف عند نقطة الاحتجاج، بل أصبح الاحتجاج غاية وليس وسيلة عند البعض، فكرة التظاهر تحولت إلى هدف لدى البعض، وأنا أتحدث الآن عن مسافة تبتعد عن مصر بنحو 6 آلاف ميل، لكن نصيحتى هى أن التظاهر دائماً يبقى مجرد هدف مرحلى لتحقيق غاية واضحة، ولكنه لا يمكن أن يكون فى حد ذاته هدفاً، وكذلك بات من المهم أن يجد هؤلاء الشباب مكاناً لهم فى الساحة السياسية.

سألت «صباحى» عن موقفه من الولايات المتحدة فأجابنى بأنه يحب «هوليوود» ولكنه يرفض سياسات أمريكا بالمنطقة

النظام الديمقراطى فى مصر يعانى من مشاكل قبل يناير وبعد يناير، بل إن الديمقراطية يمكن اعتبارها غائبة، قد تكون مظاهر وأشكال الديمقراطية حاضرة لكن النظام الديمقراطى غائب، ويجب استيعاب هؤلاء الشباب فى الساحة السياسية وأن تكون لهم منابر يعبرون فيها عن آرائهم وتنظيماتهم السياسية، لأن الاحتجاج من الصعب أن يكون غاية.

■ بمناسبة الحديث عن الانتخابات، أعلن حمدين صباحى ترشحه للرئاسة، ويعتبره أنصاره مرشح ثورة يناير، كيف تنظر لفرصه فى الانتخابات؟

- كما قلت الكلمة للمصريين فى نهاية الأمر، وأنا سبق لى أن التقيت حمدين صباحى مرتين، وفى تقديرى أن أى شخص سيحكم مصر سيواجه صعوبات شديدة جداً وأوقاتاً عصيبة، ولديه مشكلتان أساسيتان؛ أولهما: شعب متحمس وحالم بالتغيير للأفضل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولا أحد من المرشحين يمتلك عصا سحرية لحل هذا الأمر بسهولة، والثانية: هى البيروقراطية المصرية المتأصلة فى مؤسسات الدولة. هذه الصعوبات ستواجه أى حاكم لمصر سواء كان «حمدين» أو أى شخص آخر، وأعتقد أن التغيير السياسى فى مصر بعد «مبارك» سيكون قصة يطول شرحها، وسنتحدث عليها كثيراً ونحللها لسنوات كثيرة.

التقيت «مرسى» فى 2010 ومازلت احتفظ بـ«تسجيل» الحوار لأنه كان يتسم بـ«الحدة والتشدد والهروب من الأسئلة»

■ مؤكد وأنت تحاور «صباحى» أنك تعرف خلفيته السياسية كناصرى له مواقف واضحة من الولايات المتحدة، وهذه الأمور كانت حاضرة فى ذهنك، فما انطباعك الذى خرجت به من اللقاءات؟ وهل تحدثت معه فى هذه النقطة؟

- بالتأكيد، ولكن «حمدين» أبلغنى أنه يسافر كثيراً إلى نيويورك سيتى لأنه يحبها جداً، وأنه يحب الثقافة الأمريكية ويحب هوليوود جداً، ولكن عنده مشكلة مع السياسات الأمريكية فى المنطقة.

DMC