تجددت الأنباء التى تتحدث عن أن ما يسمى «تحالف دعم الشرعية» يدرس تشكيل كيان جديد، يضم فى عضويته شخصيات عامة ليبرالية ومدنية، بالإضافة لبعض الرموز الشبابية، وطبقاً لما نقلته جريدة «الشروق»، أمس، عن مصادر بالتحالف، فقد شهدت الفترة الماضية العديد من اللقاءات بين بعض قياداته وشخصيات سياسية، بعضهم كانوا أعضاء فى جبهة الإنقاذ ومؤيدين لـ«30 يونيو»، لإنشاء كيان باسم «المجلس الوطنى» أو «المجلس الانتقالى» يحل محل التحالف، ويقوم على توسيع نطاق القوى السياسية التى تنضم إليه، لا تنتمى إلى تيار الإسلام السياسى. والفكرة ليست جديدة، إذ هى تبدو امتداداً لأفكار أخرى طرحت على الساحة السياسية فى الفترة الأخيرة، كان من بينها الرؤية الاستراتيجية التى طرحها التحالف رسميا، منذ أسابيع، وكانت تتوجه بالأساس إلى القوى الثورية التى شاركت فى ثورة 25 يناير 2011، والتيارات السياسية التى أيدتها، تدعوها للعمل المشترك مع التحالف ضد ما وصفته بأنه انقلاب 30 يونيو، وتلتها التسريبات التى تتحدث عن تشكيل حكومة مؤقتة بالخارج تترأسها شخصية مدنية دولية مثل «د. محمد البرادعى»، وهى ليست بعيدة عن المواقف المعارضة التى تتخذها بعض الفصائل السياسية المحسوبة على ثورة 30 يونيو، مثل «حركة 6 إبريل» و«الاشتراكيين الثوريين» ضد ما يسمونه «حكم العسكر» و«خطر عودة الدولة البوليسية»، التى ربما شجعت بعض أطياف التحالف الوطنى لدعم الشرعية على محاولة ضمها إليه، حتى لو كان الثمن هو التنازل عن لوجو «رابعة العدوية»، وتغيير اسمه - بعد انضمام الاشتراكيين الثوريين و6 إبريل إليه - من «تحالف الإخوان المسلمين وذيولها الأحد عشر لدعم الشرعية الإخوانية» إلى «المجلس الوطنى لجماعة الإخوان المسلمين وذيولها الثلاثة عشر»، بعد إضافة ذيلين إلى الفصائل الإسلاموية التى يتشكل منها التحالف الحالى! وراء سعى بعض ذيول التحالف الحالى لتوسيع نطاق القوى والشخصيات المنضمة إليه، بحيث تشمل قوى سياسية وثورية تنتمى للتيار المدنى، إدراك منها بأن التحالف بصورته الحالية يقتصر على تيار واحد من التيارات السياسية المصرية هو تيار الإسلام السياسي، بل وعلى فصيل واحد منه، هو جماعة الإخوان المسلمين، وأن بقية الفصائل الاثنى عشر التى انضمت إليه، هى مجرد كومبارس سياسى، لا يرد اسم فصيل أو حزب منها فى بيانات التحالف، ولا يبرز من بين المتحدثين باسمه اسم واحد من قادتها، مما يؤكد للجميع - خاصة فى الخارج - أن الصراع فى مصر يدور بين تيار يقف فى مواجهة كل التيارات، وبين حزب يقاوم إرادة شعب، ويكذب الادعاء بأن ما جرى فى 30 يونيو هو انقلاب عسكرى، وإلّا ما احتشدت كل الأحزاب والقوى المدنية وجماهير الشعب من حوله. وفضلاً عن ذلك فإن الفصائل التى تشكل كومبارس «التحالف الوطنى لدعم الشرعية الإخوانية» باتت تشعر بأنها عزلت نفسها عن مجرى الحياة السياسية، وعن المشاعر الشعبية الرافضة للهيمنة الإخوانية، حين أسلمت مقودها للجماعة، وراهنت بوجودها كله على عودة ما يوصف بأنه الرئيس الشرعى، دون اتفاق على برنامج سياسى محدد، تلتزم بمقتضاه الجماعة فى حالة استردادها عرش الاتحادية الذى فقدته، لا قدر الله، بألّا تكرر أخطاءها، وألّا تسعى لتهميش الجميع، وأن تقيم حكما لشراكة وطنية يتسع لكل القوى والتيارات، أو أن يحفظ - على الأقل - لشركائها من كومبارس التحالف، الذين ساعدوها على استرداد الإمارة، حقهم المشروع فى السلطة، وهو ما دفعهم للسعى لتوسيع نطاق هذا التحالف، بحيث يشمل قوى أخرى تضفى عليه مسحة «مدنية»، لكيلا يضعوا بيضهم كله فى سلة الإخوان، وحتى يتحالفوا مع هذه القوى فى الوقت الملائم ضد الإخوان، إذا ما أصروا على التهام كعكة السلطة وحدهم، خاصة وهم يعلمون أن خطة التمكين - التى وضعها خيرت الشاطر - كانت تقضى بدمج كل الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامى - رضاء أو كرها - فى جماعة الإخوان المسلمين، لأن الإسلام - فى التفسير الإخوانى - لا يعرف سوى حزبين هما حزب الله الإخوانى، وحزب الشيطان الذى يجمع كل من ليس منهم.. حتى لو كان كومبارساً فى التحالف الوطنى لدعم المرسوية. وليست هذه المحاولة لفض التحالف واستبداله بمجلس وطنى وإضافة قوى - أو ذيول - مدنية إليه، بعيدة عن البدء فى وضع خارطة المستقبل التى وضعت جماهير 30 يونيو ملامحها، بالانتهاء من صياغة مسودة الدستور، وبداية حملة الاستفتاء الشعبى عليه فى منتصف الشهر القادم، لأن إقرار المواطنين له بنسبة يتوقع أن تفوق كل النسب السابقة سوف يؤسس لشرعية جديدة، يصبح معها الحديث عن «انقلاب عسكرى» وعن «تحالف وطنى لعودة الشرعية» لغواً سياسياً ودستورياً لا يعنى شيئاً، ولن يستمع له أحد، سواء فى الداخل أو فى الخارج، فالدستور - بعد إقرار الشعب له - قائم، وعلى من يريد أن يكتسب شرعية أن يسعى لذلك وفق نصوصه، وإذا أراد «التحالف الوطنى لدعم الشرعية» أن يحتفظ باسمه كما هو، فمعنى ذلك أنه تحالف يدعم شرعية 30 يونيو، التى سيقرها الشعب فى الاستفتاء على الدستور، وإلّا فسوف يكون عليه، بعد تأسيس الشرعية الجديدة، إذا أراد أن يحتفظ بالاسم، أن يسمى نفسه «التحالف الوطنى لدعم الشرعية السابقة»، فيتحول من تشكيل سياسى إلى نكتة تاريخية. وليست فكرة تغيير اسم وتركيب هذه النكتة التاريخية بعيدة عن الوهم الذى صور لمن طرحوا الفكرة أن انضمام قوى مدنية إلى التحالف وتغيير اسمه إلى المجلس الوطنى.. يخلق قيادة جديدة يمكن أن تنظم حملة بدعوة المواطنين لمقاطعة الاستفتاء على الدستور، وأن تتزعم الدعوة ليوم الحسم الذى يحل يوم الاحتفال بالعيد الثالث لثورة 25 يناير، عندما يظهر الحاكم بأمر الله، وخليفة رسول الله «سيدنا محمد مرسى بن العياط» رضى الله عنه، فى ميدان التحرير، وعلى كل كتف من كتفيه حمامة خضراء، ثم يقود الأهل والعشيرة إلى قصر الاتحادية لكى يعيد الشرعية، وما يكاد يصل إلى هناك حتى يجد نفسه فجأة فى زنزانة سجن برج العرب وإلى جواره قادة المجلس الوطنى لدعم الشرعية السابقة.