أخبار عاجلة

الذين اختاروا «الأرز أبو لبن»

(1)

اسمه محمد أبوالغار، وعمره 73 عامًا، وصفته مؤسس حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، إذا قابله أحد فليبلغه بأن الشرطة قتلت طالبًا داخل أسوار الجامعة، وأن الحرم الجامعي صار مستباحًا للخرطوش وقنابل الغاز، وأن العشرات من زملائه أساتذة الجامعات مغيبون خلف أسوار السجون بتهمة اسمها التحريض على العنف.

لا يتولى الدكتور أبوالغار منصبا رسميا في ، لكنه رئيس الحزب المصري الديمقراطي، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، حازم الببلاوي، ونائبه زياد بهاد الدين، ومن ثم رأى الرجل أن من واجبه أن يجاهد لنصرة حزبه ولو بالصمت.

راقبت تصريحات الدكتور محمد أبوالغار في الفترة الأخيرة، فلم أجد له أي موقف تجاه ما تشهده الجامعات، سواء ما يخص تجاوزات الطلاب، أو خطايا الأمن، ويبدو أنه يراهن على صمت يعفيه من الحرج، لكن كثيرين مثلي لم ينسوا أن وزير الداخلية عضو في حكومة يرأسها عضو في حزب يرأسه هو، وأن كل جريمة يرتكبها محمد إبراهيم في الجامعة تمحو صفحات في تاريخ الرجل، الذي أمضى غالبية حياته في المطالبة بطرد الداخلية خارج أسوار الجامعات.

«خليك 50% حكومة و50% شعب لكي تنصلح الأمور».. قالها «أبوالغار» للدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي في عصر مبارك، خلال أحد المؤتمرات عندما كان يدافع عن استقلال الجامعة وحقوق زملائه، وينتقد ولاء الوزير للحكومة على حساب الشعب، وربما لو جلس الرجل في مؤتمر جماهيري الآن لوجد من يقول له الجملة نفسه.

يقولون كلمة حق في وجه السلطان الجائر، ثم يتحولون إلى سلاطين جائرة في أقرب فرصة.

(2)

لم يشرع شباب الثورة في اقتراح حكومة تعبر عنهم أو مجلس رئاسي مدني يكون بديلا عن المجلس العسكري السابق إلا وكان اسم الدكتور حسام عيسى حاضرًا فيه، لم يخلُ حديث عن الشخصيات الوطنية التي تعطي الشباب الأمل في الغد، وتمنحهم دفعة لمواصلة المشوار إلا وكان هو على رأسها، ولذلك كانت الصدمة فيه كبيرة عندما خرج في الأزمة الأخيرة يدافع عن ممارسات «الداخلية» ضد طلاب الجامعات، وينفي استخدام الشرطة «الخرطوش» في المواجهات.

تلعب السلطة الحالية لعبة ذكية تقوم على تصدير وجوه يُفترض فيها الثورية لتصدير خطاب مدافع عن القمع، فتحرقهم سياسيًا من ناحية، وتشيع الإحباط في نفوس شباب الثورة، وهم يرون من كانوا يعتبرونهم رموزا ينضمون إلى صفوف جلاديهم، ويدافعون عن القمع بنفس حماسهم السابق في الدفاع عن الثورة.

وبصرف النظر عن موقفه الأخير من اقتحام الأمن للجامعات، فإن الدكتور حسام وعلى مدار 4 أشهر قضاها على مقعده لم يقدم إسهامًا يذكر أو خطوة ما على طريق إصلاح التعليم، الذي تكلم هو نفسه مرارًا عن ضرورته، وإذا كانت الحجة جاهزة بأن الحكومة الحالية انتقالية، وتعمل في ظل ظروف صعبة، فإن الرد أيضا جاهز بأن الرجل، وهو يقبل منصبه الوزاري لم يخدعه أحد، فهو يعلم من البداية أنه عضو في حكومة مؤقتة ستعمل في ظروف استثنائية.

كونك معارضا لسلطة ما لا يعني بالضرورة أنك تصلح بديلا لها.

(3)

في مؤتمر نظمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دستور ما بعد الثورة، سألت وزير التضامن الاجتماعي أحمد البرعي عن الخطوات، التي اتخذتها وزارته لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتنفيذ المطالب، التي كان يرفعها، وهو في صفوف المعارضة قبل عدة أشهر.

اعتدل الرجل في جلسته، وقال إن هذا السؤال يحمل تشكيكا في أداء وزارته، وإنه سيرد بالأرقام والإنجازات، ثم تحدث عن صرف 10% علاوة للمعاشات، وإقرار الحدين الأدنى والأقصى للأجور، ودفع المصاريف الدراسية لطلاب الجامعات.

انتظرته يكمل، لكن اتضح أن إنجازات وزارته توقفت عند هذا الحد، فقلت إن العلاوة يتم صرفها بصورة دورية، وإن الحد الأدنى للأجور كانت حكومة الإخوان قد أوشكت على إقراره قبل سقوط نظام مرسي، وإن دفع المصروفات الجامعية لا يمكن أن نقبل وضعه ضمن إنجازات الوزارة، فعاد ليؤكد أن هناك إنجازات أخرى في الطريق، لكنها تنتظر إقرار الدستور، ونسي الوزير أنه بعد إقرار الدستور ستجرى الانتخابات، ومن ثم لن تكون حكومته موجودة أصلا لتفكر في إنجازات أخرى.

هذا عن أدائه في الحكومة، أما مواقفه السياسية فيمكنه التعبير عنها بنفسه: 

«هناك نية للاعتصام أمام قصر الاتحادية اليوم، وخطوات التصعيد القادمة في حال استمرار موقف السلطة على ما هو عليه هو البقاء في مختلف ميادين » أحمد البرعي، أمين عام جبهة الإنقاذ في 2 يناير .2013

«لا يمكن أن يتم ترك البلاد دون تنظيم عملية التظاهر التي تجاوزت الحدود المقبولة في أي دولة من دول العالم» أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي، في 29 نوفمبر 2013.

«أي عنف من قبل المتظاهرين هو رد على عنف الأجهزة الأمنية والسلطة في التعامل مع مطالبهم وليس العكس» أحمد البرعي، أمين عام جبهة الإنقاذ، في 1 فبراير 2013.

«لقد تم فض اعتصام رابعة العدوية حسب الخطة الموضوعة، والشرطة حاولت ألا تستخدم العنف، واستخدام العنف بدأ من المتواجدين داخل الاعتصام. كانوا يعتقدون أنهم قادرون على إسقاط الدولة» أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي، في سبتمبر 2013

تعرف فلان؟ أعرفه. شفته على كرسي؟ لا. تبقى متعرفوش.

(4)

سنوات قليلة فصلت بين رؤيتي كمال أبوعيطة محمولا على الأعناق في شارع مجلس الوزراء يهتف لتنفيذ مطالب موظفي الضرائب العقارية، وللمطالبة بوضع أفضل للعمال، وبين تصريحه الذي اتهم فيه «اليسار الطفولي» بتحريض العمال ضده بعدما أصبح وزيرا للقوى العاملة.

نظرية المؤامرة مرض معدٍ ينتقل من سلطة لأخرى، فالمناضل السابق والوزير الحالي يعتقد أن الغضب المتصاعد من أدائه الباهت كوزير للقوى العاملة بعد ثورتين مجرد غيرة من رفاقه في اليسار تدفعهم لتأليب العمال ضده، وإفشال تجربته الوليدة.

«أبوعيطة» الآن مقتنع بأن الحكومة مغلوبة على أمرها، ولا يمكنها أن تفعل أكثر مما فعلت، رغم أنه قديمًا كان يحملها مسؤولية تعثر عامل في ماكينة نسيج داخل مصنع صغير في سرس الليان.

بعد عدة شهور سيقف كمال أبوعيطة في المنتصف، فلا تجربته في الحكومة تضمن له أن يتولى الوزارة مجددًا، ولا تصريحاته ضد رفاقه تجعله مرحبًا به بينهم.

(5)

(مشهد من فيلم طيور الظلام)

• هو علي الزناتي كان إخوان؟.

- والله اللي أعرفه إنه أيام الجامعة كان شيوعي.

• لا لا هو كان إخوان مستخبي في وسط الشيوعيين.

-لا أنا هقولك بقى الشيوعيين مواردهم ضعيفة.

علي الزناتي زي ما إنت شايف. اختار الأرز أبو لبن.

SputnikNews