أخبار عاجلة

الشعب يريد إسقاط الببلاوى

أنا فى هذه المقالة أتهم الدكتور الببلاوى بأنه متواطئ مع جماعة الإخوان الإرهابية، وبأنه يقوم بتنفيذ مخططاتها، وأطالب الرئيس عدلى منصور بأن يقيل هذا الرجل ويسند الوزارة إلى رجل وطنى كفء يعمل من أجل المشروع الوطنى المصرى لا المشروع «الإخواأمريكى»، واتهامى للببلاوى بالتواطؤ مع جماعة الإخوان الإرهابية لا يقوم من فراغ، لكنه مبنى على مقدمات صحيحة لا يستطيع أحد أن ينكرها، كما أننى أتحدى الببلاوى أن يستقيل، فهو لن يفعل لأنه لم يتلق أمرا بذلك من الرئيس... الأمريكى.

حين يقول الببلاوى إنه لا يستطيع أن يعتبر الإخوان جماعة إرهابية فهذا هو آخر المطاف وليس أوله، إذ إنه بهذا القول يكشف عن جهله بالقانون المصرى، وهذه فضيحة تاريخية، فرئيس وزراء يجهل قوانين مصر، ولا أظنه يجهلها، لكنه بقوله هذا يُسقط شرعية كل ما اتخذته الدولة فى مواجهة الإرهاب، إذ ليس هناك أكثر من أن يشكك رئيس الوزراء فى توصيف الجماعة حتى يسقط دوليا الإجراءات التى اتخذتها الدولة ضد هذه الجماعة، وأظن أن هذا التصريح جاء على هوى الدكتور محمد العوا، صديق الببلاوى المقرب، الذى يعد العدة لرفع قضايا ضد الفريق السيسى والرئيس عدلى منصور أمام محاكم دولية.

وحين يقول الببلاوى إنه سيرفع الدعم عن البنزين وعن بعض السلع الأساسية فى وقت يعانى فيه الشعب فإنه يفعل تماما مثل أموزيجار، هل تعرفون من هو أموزيجار؟ هو رئيس وزراء إيران وقت ثورتها ضد الشاه، وكان أموزيجار قد تلقى العلم فى أمريكا، ثم بعد أن استحكمت الأزمات فى إيران تولى رئاسة الوزارة فيها بترشيح من شخصيات أمريكية كبيرة، وقتها كانت إيران تعانى من أزمات مالية، فإذا بأموزيجار يرفع الدعم عن السلع الأساسية فيؤجج نار الغضب من الشاه ونظامه، ما ساعد على الثورة، أليس اليوم بأشبه ما كان بالبارحة؟!

وحين يذهب الببلاوى للإمارات زائرا فيقول لهم: لا مجال للتنمية فى مصر حاليا بسبب الحالة الأمنية، فإن كلامه هذا يعنى، وفقا للزوم العقلى، أنكم يا رجال الأعمال لا تستثمروا عندنا لأننى وأنا رئيس للوزراء لا أستطيع أن أعد بشىء بخصوص الأمن الذى هو عصب الاستثمار.

وحين يقول الببلاوى فى الإمارات إن مصر أسقطت حكم العسكر للأبد، فإنه بهذا يستخدم نفس تعبيرات الإخوان التى تتحدث عن حكم العسكر، إذ إن تعبير «العسكر» من التعبيرات التى تم صكها فى معامل الإخوان للحط من قدر الجيش المصرى، فالعسكر هم الجنود المرتزقة، وجيشنا لا ينطبق عليه هذا الوصف غير اللائق، أما الحكم العسكرى، وفقا للتوصيف العلمى، فإن مصر لم تعرفه فى عصرنا الحديث إلا مرتين، المرة الأولى استمرت من عام 1952 إلى يونيو عام 1956 وقت أن تم الاستفتاء على عبدالناصر كى يكون رئيسا مدنيا، ثم كانت الفترة الثانية يوم أن حكم المشير طنطاوى بعد ثورة يناير بمساعدة الإخوان، إلى أن تمت الانتخابات الكارثية التى أتت بمرسى زورا، أما غير ذلك من فترات فإن الذين حكموا مصر هم إدارات مدنية، حتى ولو كانت لها خلفية عسكرية، والتلاميذ الصغار فى كليات العلوم السياسية يدرسون على يد أساتذتهم أن خلفية الحاكم العسكرية لا تعنى أن الحكم عسكرى، وإلا لكان حكم الرئيس أستاذ الجامعة هو حكم جامعى، وحكم الرئيس الطبيب هو حكم طبى، وحكم الرئيس القاضى هو حكم قضائى! وحكم الرئيس الرياضى هو حكم رياضى، وحكم ريجان الممثل لأمريكا هو حكم فنى!

وبغض النظر عن هذا، ما هى الرسالة التى أراد الببلاوى إرسالها لأهل الإمارات، هل كان يقصد أن مصر لن يحكمها أى رئيس فى المستقبل له خلفية عسكرية؟! وهل قوله هذا يتوافق ذهنيا مع ما تكتبه الجماعة الإرهابية على كل حوائط مصر من شتائم بذيئة ضد الفريق السيسى، ومعها عبارات «يسقط حكم العسكر»؟! وهو الأمر المعروف علميا بخلق خريطة ذهنية فى عقول الشعب، أو ما يسمى البرمجة الذهنية، لتوجيه صراع الشعب ضد الإخوان إلى كيانات أخرى، حيث يصبح البعض دون أن يشعر معاديا لجيش بلاده.

من الذى أصر على أن يكون الببلاوى رئيسا للوزراء؟ ومن الذى وضعه فى مكانه هذا؟ وهو يساهم فى صنع خريطة ذهنية معادية للجيش؟ يذكرنى الببلاوى بقصة واقعية حدثت ذات يوم، حيث سافر إلى أمريكا منذ خمسة وعشرين عاما مجموعة من شباب الإخوان الواعدين، وكان السبب الظاهر لسفرهم هو أن يلقوا بعض محاضرات فى المراكز الإسلامية هناك، لكن الحقيقة كانت غير ذلك، فقد ذهبوا ليتلقوا دورة تدريبية كانت على قدر كبير من الأهمية والسرية، موضوعها يدور حول «إدارة الصراع السياسى وتوجيه سلوك الجماهير»، ونصف علم الصراع السياسى هذا مرتبط بالبرمجة الذهنية، وهو من العلوم التى تمارسها الجماعات الفاشية بالسليقة والتجربة من أجل تطويع أفرادها وتسليس قيادتهم.

وبعد شهر ونصف الشهر عاد هؤلاء الشباب من أمريكا، لكنهم عادوا بغير العقل الذى ذهبوا به، فالآن قد حصلوا على قدرٍ من علمٍ كان مجهولا لديهم، لكنهم بعد الدورة كانوا وكأنهم وصلوا إلى السماء السابعة، يتيهون فخرا بأن تلقوا هذه الدورة على يد الدكتور «هشام يحيى الطالب»، عراقى الأصل، أمريكى الجنسية، أحد البارعين فى العالم فى هذا العلم، وكان الفرع الأول لهذه الدورة يدور حول: إذا اتحد الخصوم ضدك فقم بتفتيتهم، ثم توجيه صراعهم بعيدا عنك، أما الفرع الثانى فيدور حول وسائل البرمجة الذهنية التى تساعد على تفتيت الخصوم.

كيف استخدموا هذا العلم؟ كانت الصورة فى الواقع المصرى قبل 30/6 وما بعده بفترات هى شعب بأكمله يواجه جماعة إرهابية، وشيئا فشيئا أخذت الصورة فى التغير ولو بشكل طفيف، إذ أدخلوا بعض نخبنا السياسية فى حالة «غيرة» من مؤسسة الجيش، ثم إذا بجهود تلك النخب تتجه إلى خلق صراعات سياسية مع الجيش، ثم أدخلوا بعض نخبنا الليبرالية فى صراع مع معظمنا حول فكرة الصلح مع الإخوان، ومع كيفية مواجهة الإرهاب، كل هذا وبعض ساستنا الكبار، مثل الببلاوى، يساهمون مساهمة فاعلة فى صنع خريطة ذهنية للشعب تكون مهيئة لمعاداة الجيش، ثم قبول الإخوان مرة أخرى فى واقع جديد هو واقع واقع.

SputnikNews