كشفت وثيقة للمخابرات الأمريكية أعدت بتاريخ 1 يونيو 1976، أن الرئيس الراحل أنور السادات نجح في القضاء على محاولات تمرد بين ضباط الجيش عام 1976، وقالت إن المخابرات الأمريكية وصلتها معلومات يوم 30 مارس عن حدوث تمرد داخل بعض القواعد العسكرية البرية والجوية، استمر لمدة أسبوعين.
وأرجعت الوثيقة سبب غضب العسكريين إلى معارضتهم لسياسات السادات، و«بيعه للقضية العربية»، ولاحتواء حالة التمرد تم سحب القوات التابعة للجيشين الثاني والثالث الميداني من منطقة القناة، التي شهدت الاضطرابات، وذلك في محاولة للحد من انتشار المشاعر المعادية للنظام. وفي 1 أبريل، تم اعتقال 50 ضابطًا من القوات الجوية والبرية، في واقعتين منفصلتين، إثر محاولات تمرد جديدة.وقالت الوثيقة، إن سبب التمرد هو «المعنويات المنخفضة» للضباط بسبب سياسة «اللاحرب.. اللاسلم»، وتدهور القدرات العسكرية للجيش بعد قطع السادات للعلاقات مع موسكو، واستبدال الضباط بالمدنيين في المناصب الحكومية، مما نتج عنه أن يكون الجيش في المرتبة الأخيرة وليس الأولى، إلى جانب فشل رواتب الضباط في مواجهة غلاء الأسعار.وأضافت أن «السادات» عقب السيطرة على التمرد توجه إلى قناة السويس، والتقى قوات الجيش هناك، وألقى عليهم خطابا حماسيا، حول بطولة الجنود المصريين خلال حرب 1973، ووعدهم ببذل قصارى جهده لاستبدال أسلحتهم السوفيتية.وأكدت الوثيقة أن القوات المسلحة هي الحامي المطلق للنظام، وأن الكثير من العناصر الأخرى للمجتمع المصري سيتأثر موقفها من دعم السادات وفقا لعلاقته بالجيش وضباطه. وذكرت وثيقة أخرى في 19 يناير 1977 أنه بعد المظاهرات العنيفة نتيجة ارتفاع الأسعار بعد فرض الإجراءات التقشفية، أعلن المسؤولون المصريون أنهم «مستعدون لمراجعة تلك الإجراءات»، ورغم أن ذلك يمكن أن يهدئ التوتر الشعبي إلا أن أعمال الشغب اتسعت في القاهرة والإسكندرية، ولم تكن هناك إمكانية لاستعادة النظام سوى بإلغاء تلك الإجراءات الاقتصادية وتشديد القبضة الأمنية، كما أصدر وزير الداخلية بيانا هدد فيه باستخدام القوة لمواجهة أي احتجاجات أخرى.
وقالت الوثيقة، إن الإجراءات التقشفية تزامنت مع زيارة وفد صندوق النقد الدولي للقاهرة، وقالت إن السادات ورئيس الوزراء رفضا مطالب الصندوق لمواجهة حالة الغضب الشعبي الذي كان يهدد بفوضى متواصلة تهدد وضع السادات، وأضافت أن تقارير أفادت بأن مبارك أصيب بحروق في الإسكندرية، وأن المتظاهرين قطعوا صور السادات وطالبوا بسقوطه، وقالت إن شرطة القاهرة أفادت بانتشار الاحتجاجات في جميع الشوارع إلا أن المسؤولين المصريين اتخذوا إجراءات لتهدئة الأوضاع.وتناولت وثيقة صادرة بتاريخ 4 فبراير 1977 الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في مصر، وقالت إن الرئيس السادات فشل في تقديم أي علاج سريع وسهل للصعوبات الاقتصادية في مصر التي تواجه المصريين خلال خطابه في 3 فبراير من نفس العام ردًا على أحداث الشغب التي هزت مصر قبل أسبوعين على خطابه، وأشارت الوثيقة إلى أن السادات التقى بالمثقفين والطلاب والعمال وألقى باللوم في تلك الاحتجاجات على مؤامرة الأقلية اليسارية في مصر.وخلال تصويت على الثقة على غالبية أعضاء حكومته الرئيسيين، قدم السادات الشكر لنائبه حسني مبارك ووزير الدفاع الجمسي ورئيس الوزراء، على دورهم في مواجهة التوتر الشعبي، وألقى اللوم بشدة على رئيس الوزراء نتيجة المشكلات الاقتصادية، ووعد السادات بأن حكومته ستركز على تقديم المساكن والغذاء وستدعم الإجراءات لفرض الضرائب على الأغنياء، ولكن لانعدام أي إجراءات أساسية لتحسين الأوضاع، صرح السادات بأنه لن يسمح بتكرار الأمور التي تثير الاضطرابات وسوف يقدم قانوناً صارماً لحفظ النظام لعرضه على الاستفتاء العام بعد أسبوع.إلا أن تلك الإجراءات الأمنية ليس من المحتمل أن تلقى قبول بعض المصريين، خاصة الطلاب وبعض الجماعات الأخرى التي تمتعت بمزيد من الحريات من خلال برنامج السادات للتحرر السياسي.