أخبار عاجلة

تقرير للأمم المتحدة: الإدارات الانتقالية المتعاقبة منذ اندلاع الثورة المصرية فشلت فى تحقيق مطالب الشعب

تقرير للأمم المتحدة: الإدارات الانتقالية المتعاقبة منذ اندلاع الثورة المصرية فشلت فى تحقيق مطالب الشعب تقرير للأمم المتحدة: الإدارات الانتقالية المتعاقبة منذ اندلاع الثورة المصرية فشلت فى تحقيق مطالب الشعب

تقدمت 57 من منظمات المجتمع المدنى فى بتقرير مشترك للأمم المتحدة، موجه للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بمناسبة الاستعراض الدورى لمصر أمام لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى دورتها الـ٥١ المنعقدة فى نوفمبر ٢٠١٣.

وعبرت منظمات المجتمع المدنى المشتركة فى هذا التقرير عن القلق البالغ، نظراً لأن الإدارات المتعاقبة التى تولت المسئولية فى مصر منذ عام 2011 لم تقم بشىء يذكر استجابة لمخاوف ومطالب الشعب المصرى، خاصة فيما يتعلق بتحقيق مطالب الكرامة الإنسانية والعدالة، ومواجهة التهميش الاجتماعى. وعلى وجه الخصوص، فشلت هذه الإدارات المتعاقبة فى انتهاز الفرصة التى يتيحها التحول السياسى الكبير الذى تشهده البلاد لإجراء الإصلاحات الهامة والضرورية للبنية الاقتصادية للبلاد، وهى الإصلاحات اللازمة للنهوض بالحقوق الواردة فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولتحقيق الانتقال الاقتصادى والاجتماعى الذى تحتاجه مصر.

ويتطرق التقرير لغياب المساواة فى مصر الذى كان سببا محوريًا لقيام الثورة، وقد تجلى فى ارتفاع معدلات الفساد، وفشل الخدمات العامة، وتضييق سبل المشاركة والتمثيل الشعبى فى صنع السياسات العامة. وبالرغم من ذلك، وبدلا من معالجة هذا الحرمان الاقتصادى والاجتماعى المتزايد، استمرت الإدارات الانتقالية المتعاقبة منذ اندلاع الثورة فى تجاهل المطالب الشعبية المشروعة للمواطنين. كما لا تزال صناعة السياسات العامة تتم فى سرية، ولا تزال البيانات الحكومية الموثوق بها غير متوافرة، كما لا يتم نشر العديد من الوثائق والخطط الحكومية، ويستمر قمع الأصوات المعارضة من منظمات المجتمع المدنى، والنقابات، والأحزاب المعارضة، بل ويتم ذلك فى بعض الأحيان باستخدام العنف. وهكذا، فقد فشلت الإدارات المتعاقبة فى مصر فى ضمان شفافية وتشاركية عمليات صنع القرار، مما أدى إلى تزايد الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية بشكل مطرد فى ظل غياب القنوات البديلة للتفاوض.

وفى إطار غياب المساواة فى مصر، يناقش التقرير التمييز ضد النساء فى الوصول للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالتمييز فى التوظيف، والأجور، وظروف العمل يمنع العديد من النساء من التمتع بالحقوق الاقتصادية الخاصة بهن.

كما أن الإناث عموما أقل قدرة على الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل الصحة والتعليم، وما يثير القلق هو تعرّض الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان بشكل متزايد إلى عنف جنسى وصل لمستويات وبائية.

أما بالنسبة للوضع الاقتصادى للبلاد، فيشير التقرير إلى أن الأزمة الاقتصادية قد فاقمت من معاناة شعب يعانى الفقر وعدم المساواة بالفعل، فربع السكان، على الأقل، يعيشون تحت خط الفقر، وفقا لأحدث الإحصاءات الرسمية، فى حين أن ثلث الشباب يعانون من البطالةـ لذا فالأزمة الاقتصادية كان لها ضرر واضح، خاصة فيما يتعلق بالتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية من قبل الفقراء فى مصر، فقد ارتفعت السلع الغذائية، وتكلفة الرعاية الصحية، والإسكان، وغيرها من الخدمات والسلع الهامة، لذا فمن غير المستغرب أن ما يقرب من 90٪ من الأسر الأكثر فقرا لا يغطى دخلها نفقات الغذاء الشهرية.

المثير للقلق هو أن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بمعالجة المشاكل الاقتصادية الأساسية الكامنة وراء عدم المساواة وارتفاع نسب الفقر والتهميش، فكما هو موضح فى التقرير، تم إعطاء الأولوية لإجراءات "الإصلاح السريع" لتقليص العجز المتنامى فى الموازنة العامة، ولتحقيق استقرار الجنيه المصرى، وذلك من خلال المساعدات الدولية، والاقتراض بشكل خاص، بما فى ذلك الاقتراض المشروط من صندوق النقد الدولى. علما بأن هذه المساعدات غالبًا ما تصب فى قنوات الفساد وتبقى تبعاتها الاقتصادية وما تضيفه من ديون على كاهل الفقراء والمهمشين، لذا فإن الموقعين على هذا التقرير يعبرون عن قلقهم من السياسات التى اتخذتها الحكومات المتعاقبة لجذب تلك المساعدات والقروض، خاصة تلك المتعلقة بخفض الإنفاق العام عن طريق خفض الدعم عن الغذاء والوقود، ورفع الإيرادات عن طريق زيادة الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات.

ونتيجة لذلك، لا تزال الدولة تخصص نسبة ضئيلة جدا من ميزانيتها للإنفاق العام، خاصة فيما يتعلق بالقطاعات الأكثر حاجة للتمويل، مثل الصحة والتعليم والإسكان. وخلافا للالتزامات التى أكدت عليها اللجنة، فقد قامت الحكومات المصرية بطرح هذه التدابير التقشفية - وتنفيذها فى الكثير من الأحيان - وهى التدابير التى لا تحظى بقبول شعبى، وذلك دون استشارة المجتمع المدنى والمجتمعات المحلية المتضررة، ودون إجراء تقييم دقيق لأثرها على الفئات المهمشة والضعيفة، ودون البحث فى الخيارات البديلة المطروحة الأكثر عدالة.

ففى حين يعانى نظام الدعم الحالى من عدم الكفاءة فى استخدام الموارد ويستنزف نسبة ضخمة من الموازنة العامة، إلا أنه بمثابة شريان الحياة بالنسبة للكثيرين، لذا فإلغاء نظام الدعم سيكون له آثار إفقار ملحوظة ومباشرة، خاصة فى ظل غياب شبكات فعالة للضمان الاجتماعى، وبدلا من ذلك، فهناك حاجة ماسة لإصلاح اقتصادى كبير وواسع النطاق، يتوافق مع التزامات مصر الدولية، وذلك للتغلب على النموذج الاقتصادى لنظام مبارك، وهو النظام غير العادل وغير القابل للاستمرار، وهذا يشمل سياسات فعالة لتعبئة الموارد، بما فيها الموارد المحلية غير المستغلة، بهدف الاستثمار فى الخدمات العامة، ومشاريع البنية التحتية.

ويتطرق الجزء الأخير من التقرير لتركة النموذج الاقتصادى لعهد مبارك، والذى ينتمى إلى نمط الدولة الريعية الاستبدادية، وهو النموذج الذى كان له التأثير الأكبر على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، خاصة الحق فى العمل والحق فى الرعاية الصحية والحق فى التعليم، وحقوق السكن والأرض التى شهدت سياسة المضاربات والاستيلاء على الأراضى، وكذلك الحق فى مستوى معيشى لائق والحق فى الضمان الاجتماعى. وبشكل عام، فقد أدى هذا النموذج إلى:

انخفاض فرص العمل، كما يتضح من ارتفاع معدلات البطالة والبطالة المقنعة، خاصة بين النساء والشباب، ونمو القطاع غير الرسمى، والذى يتسم بتدنى الأجور وسوء ظروف العمل وغياب شبكات الأمان الاجتماعى، نظام ضمان اجتماعى مجزأ، ويتسم بانحسار التغطية التأمينية عن معظم فئات المجتمع وعدم فعالية نظام الدعم العام له.
> تدهور الخدمات العامة، كالمياه والصرف الصحى والإسكان الاقتصادى والتعليم والرعاية الصحية، من حيث توافر هذه الخدمات وقدرة المواطنين على تحمل تكاليفها، وذلك نتيجة لإلغاء القواعد التنظيمية لهذه الخدمات، وخصخصتها بالتوازى مع تقليص الإنفاق الحكومى عليها.

ولا شك أن فشل الإدارات المتعاقبة بعد الثورة فى صياغة رؤية اقتصادية مختلفة يتسبب فى استمرار، وفى بعض الحالات فى تفاقم التدهور الخطير الناتج عن هذه العوامل.

وفى النهاية يقدم التقرير توصيات محددة بشأن الإجراءات التى يمكن أن تتخذها الدولة لتطوير استراتيجية اقتصادية واجتماعية طويلة الأجل، تعزز النمو العادل والمستدام، وتحقق الاستقرار الاجتماعى والمساواة وتمكّن من توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع المواطنين.

الموقعون على البيان:

• المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
> • مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
> • المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
> • مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
> • نظرة للدراسات النسوية
> • حقوق الأرض والسكن – التحالف الدولى للموئل
> • شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية
> • جمعية التنمية الصحية والبيئية
> • مركز الأرض لحقوق الإنسان
> • مؤسسة البيت العربى لحقوق الإنسان
> • مؤسسة الشهاب للتطوير والتنمية الشاملة
> • مؤسسة المرأة الجديدة
>

اليوم السابع