أخبار عاجلة

«عترة حراس الوطن».. ذكرى رحيل بطل حرب الاستنزاف الفريق عبدالمنعم رياض

«عترة حراس الوطن».. ذكرى رحيل بطل حرب الاستنزاف الفريق عبدالمنعم رياض «عترة حراس الوطن».. ذكرى رحيل بطل حرب الاستنزاف الفريق عبدالمنعم رياض

أعلنت الـ9 من مارس «يومًا للشهيد» في أعقاب انتصارها في حرب أكتوبر المجيدة، ليكون يومًا مشهودًا لتخليد شهداء الدفاع عن الوطن وانتزاعه من المعتدين، وهو يوم يوافق ذكرى استشهاد الجنرال الفريق أول عبدالمنعم رياض عام 1969، الذي ارتقى وسط جنوده البواسل على جبهة قناة السويس أثناء حرب الاستنزاف، بعد مسيرة مشرفة على المستويين القتالي والاستراتيجي؛ إذ ساهمت مقترحاته في رفع كفائة قواتنا المسلحة، كما شارك في المعارك حتى ارتقى شهيدًا للوطن.

وتستعرض «المصري اليوم» في السطور التالية مسيرة الشهيد عبدالمنعم رياض ولماذا أصبح رمزًا لشهداء الوطن، وكيف ولماذا كان رحيله مدويًا.

تحت سماء مدينة الإسماعلية، لدى موقع «لسان التمساح» النقطة الأقرب لتمركز قوات العدو الذي يمطر المدينة الباسلة بالقصف الصاروخي والمدفعي، ارتقى عبدالمنعم رياض شهيدًا للوطن بعد ظهر التاسع من مارس عام 1969 .

أنهى عبدالمنعم رياض مشاركته في اجتماع رؤساء أركان حرب الجبهة الشرقية، ثم توجه لموقع «لسان التمساح» لمطالعة وضع الموقع ميدانيًا والاطمئنان على معنويات الجنود.

جائت هذه الزيارة عقب 24 ساعة من تدمير المدفعية المصرية أهداف حيوية للعدو الإسرائيلي، شملت نقاط التمركز الإسرائيلية في خط بارليف، وهو ما دفع جنود الاحتلال الإسرائيلي، للانتقام ممن كانوا في الموقع؛ إذ أمطروه بالقصف المدفعي والصاروخي؛ آنذاك، أصيب الفريق بانفجار في الجهاز التنقسي

بدأتِ النيران تغطي المنطقة، وكان على الجميع اللجوء إلى الخناق المعززة بالسواتر. كان الخندق الذي لجأ إليه الفريق عبدالمنعم رياض يتسع، بالكاد، لثلاثة أفراد وحين انفجرت قنبلة معادية على حافة الموقع، أحدث انفجارها تفريغَ هواءٍ مفاجئًا وعنيفًا في الحفرة. كان الفريق عبدالمنعم رياض، الأقرب إلى البؤرة التي بلغ فيها تفريغ الهواء مداه؛ لذا تعرض لما يشبه الانفجار في الجهاز التنفسي؛ غذ توفي قبل أن يصل إلى المستشفى العسكري بالإسماعيلية.

ولد الفريق عبدالمنعم رياض في 22 أكتوبر 1919 في مدينة سبرباى بمحافظة الغربية. كان والده «القائم مقام» محمد رياض عبدالله قائدًا لبلوكات الطلبة بالكلية الحربية؛ إذ تخرج على يديه الكثيرون من قادة المؤسسة العسكرية، وهو مما دفع نجله لاتباع الخط ذاته.

حصل عبدالمنعم رياض على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 قبل أن يتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات في إنجلترا عامى 1945 و1946.

أجاد «الفريق الذهبي» عدة لغات بينها الإنجليزية والفرنسية والألمانية، والتحق بكلية العلوم لدراسة الرياضة البحتة، قبل أن يلتحق وهو برتية فريق إلى كلية التجارة.

للفريق عبدالمنعم رياض إسهامات في نصر أكتوبر؛ إذ أعد لها رفقة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي عينه رئيسًا للأركان في أعقاب النكسة في يونيو 1967 وكلفه بمهمة إعادة بناء الجيش المصرى ورفع قدراته العسكرية مع الفريق أول محمد فوزى، وزير الدفاع آنذاك.

بدأ الإعداد لحرب أكتوبر ونفذ جنود مصر البوايل عدد من العمليات الناجحة في عهده خلال حرب الاستنزاف التي أسفرت عن تدمير 60% من تحصينات خط بارليف الذي تحول من خط دفاعى إلى مجرد إنذار مبكر.

كما كان له دور بالغ الأهمية في تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967.

ساهم عبدالمنعم رياض في تغيير المعادلات العسكرية؛ إذ بدت بصماته جلية في حرب المدرعات اعتبارًا من العام 1968؛ بعدما أوصى بتدريب جنود المشاة عليها في سرية شديدة ليصبح الجندى المصرى في حرب أكتوبر مدمرًا للدبابة.

أشرف الشهيد عبدالمنعم رياض كذلك على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 م موعداً لبدء تنفيذ الخطة، أي قبل ارتقاءه شهيدًا بـ24 ساعة .

وفى صبيحة اليوم التالى قرر عبدالمنعم رياض أن يتوجه إلى الجبهة، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق. ليشهد موقع «لسان التمساح» الدقائق الأخيرة في حياة الفريق عبدالمنعم رياض، حيث كان يقف وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها بنفسه حوالى ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفى عبدالمنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه.

كان رحيل عبدالمنعم رياض مدويًا؛ إذ هزت أصدائه أركان الوطن العربي؛ ورثاه شعراء وكتاب عرب.

رثاه الشاعر السوري نزار قباني محفيًا برحيله على خط المواجهة: «لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ.. لو يعرفونَ أن يموتوا، مثلما فعلتْ.. لو مدمنو الكلامِ في بلادنا، قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ.. لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ، قد خرجوا، كما خرجتَ أنتْ.. واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ.. .يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ.. الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا، أنتَ بها بدأتْ.. يا أيّها الغارقُ في دمائهِ جميعهم قد كذبوا، وأنتَ قد صدقتْ.. جميعهم قد هُزموا، ووحدكَ انتصرتْ.

كذلك وصفه شاعر العامية، أحمد فؤاد نجم، بـ«عترة حراس الوطن» قائلًا: «يا قلب مصر النقي، وقلب مصر بياض.. عزيز علينا اللقا، بعد الفراق يا رياض.. يا عترة الحراس، يا أبوالإيدين تنباس.. يا ريتنى كنت معاك، وشربت نفس الكاس.. يا نني عين البلد.. يا ابن البلد، يا شجيع، دمك عزيز ع البلد.. عمر العزيز ما يضيع.. كلمة وقالتها البلد، في لحظة التوديع: بالدم، نفدي البلد».

أيضًا بعث له الشاعر عبدالرحمن الأبنودي رسالته وخطابه التخيلي الذي قال فيه: «أخي العزيز، عبدالمنعم رياض، شهيد معارك القنال: تحية طيبة وسلام.. سلام حقيقى، زى شمس العالم اللي، بتيجى من قلب الضلام.. عصرته لك، من الدموع والابتسام.. أرسلته لك، من خلف موكبك.. من الزحام.. .أكتب إليك وأنا ع الرصيف.. .الصبح بدري، طلعت م البيت، أنتظر رَكْبَك يفوت.. وقفت وسط الناس، وفى ضِل العمارات والبيوت.. حزين، كإني الحزن، مصلوب، كإنى نخلة لما الريح تموت.. .جسدك يا عب منعم رياض، خلَّانا نتوحد جميعًا في جسد.. خلَّانا نتوحد جميعًا، في هتاف واحد يهز سما البلد: بالروح بالدم.. نفديكي يا مصر

المصرى اليوم