أخبار عاجلة

ترجمات.. «الدين والتعليم والعلم في العصر العباسي»

ترجمات.. «الدين والتعليم والعلم في العصر العباسي» ترجمات.. «الدين والتعليم والعلم في العصر العباسي»

اشترك لتصلك أهم الأخبار

شهدت القرون الخمسة التى عاشتها الخلافة العباسية فى بغداد ازدهار الكتابات العربية فى تنويعة غير عادية من مجالات الكتابة، من الشعر والآداب الإنسانية إلى الفلسفة والشريعة والتاريخ والعلوم الطبيعية.

وعلى إثر هذا، حوى كتاب «الدين والتعليم والعلم فى العصر العباسى»، الذى أصدرته جامعة كمبريدج، تسعا وعشرين دراسة قام بها عدد من أهم المتخصصين فى تراث الحضارة العربية الإسلامية فى مجالات الدراسات الدينية، والتعليم، والعلم. وقد تنوعت موضوعات هذا الكتاب الفريد والممتع ما بين العلوم الإسلامية: مثل التفسير، وعلم الكلام والفقه، والعلوم العربية: مثل اللغة والنحو وتصنيف المعاجم والقواميس والشعر التعليمى، وإسهامات المسلمين فى الطب والفلك والكيمياء والرياضيات والتنجيم.

من ناحية أخرى تناولت هذه الدراسات الأدب الصوفى، والشعر التعليمى، كما قامت برصد موجز لحركة الترجمة عن اللغة اليونانية فى بداية عصور الثقافة العربية الإسلامية، فضلا عن التقديم الذى طرحه الباحثون المساهمون فى هذا الكتاب لعدد من رموز العلم والثقافة والبحث والفلسفة والتصوف بين صفحات الكتاب. وعلى الرغم من تعدد الدراسات وكثرة الباحثين الذين أسهموا فى هذا السفر الجليل، فإن المحررين الثلاثة- وهم من كبار العلماء فى هذا المجال- قد نجحوا فى الحفاظ على صورة تعكس عنوان الكتاب من ناحية، كما نجحوا فى الحفاظ على وحدة الأسلوب واللغة على الرغم من تنوع موضوعات الكتاب من ناحية أخرى.

وأحسب أن جهد التحرير فى هذا الكتاب له الفضل فى خروج الأصل الإنجليزى على هذا القدر من الدقة والرصانة (التى تتميز بها مطبوعات كمبريدج على أى حال).

وبقدر ما يحمله التجوال بين فصول الكتاب من متعة وإثارة، وبقدر التنوع الثرى فى مضمون دراساته التسع والعشرين، بقدر ما كان مهما فى إلقاء الضوء على كثير من الجوانب المهمة فى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية إبان العصر العباسى الذى يقترن دائما فى الأذهان بالمجد والتألق الذى شكل هالة حول الحضارة العربية الإسلامية على كل الجوانب.

ومع أن الكتاب، عموما، يهتم بجوانب علمية، ولا سيما فى مجال الدين والعلم والتعليم فى العصر العباسى، فإن الدراسات المتنوعة التى تضمها دفتا الكتاب تكشف بصورة عرضية عن ثراء المجتمعات داخل دار الإسلام فى تلك الفترة على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والثقافى، بغض النظر عن حقائق التاريخ السياسى والعسكرى.

ومن ناحية أخرى، تكشف هذه الدراسات بوضوح عن مدى رحابة أفق الثقافة العربية الإسلامية التى أفادت من الميراث الإنسانى للشعوب التى دخلت الإسلام مثل الفرس، وشعوب آسيا، أو التى لم تدخل الإسلام مثل اليونانيين القدماء وخلفائهم من البيزنطيين، أو الشعوب العربية ذات الحضارات العريقة مثل المصريين والعراقيين وأهل الشام واليمن والمغرب العربى الإسلامى. وكانت حركة الترجمة وثمارها الحلوة دليلا ناصعا على هذا. كذلك تمثلت رحابة أفق الثقافة العربية والإسلامية فى حقيقة أن أبناء الأديان الأخرى الذين عاشوا داخل الحدود «دار الإسلام» قد أسهموا فى بناء هذه الثقافة نفسها بجهودهم فى شتى مجالات المعرفة الإنسانية، وتشير بعض الدراسات الواردة فى هذا السفر المهم إلى هذه الحقيقة.

الكتاب ترجمة وتقديم وتعليق، د.قاسم عبده قاسم، هو أحد الإصدارات المهمة للمركز القومى للترجمة. بقيت الإشارة إلى أن الكتاب ترجمة وتقديم وتعليق، د. قاسم عبده قاسم، من مواليد القاهرة، وهو مؤرخ ومترجم مصرى، أستاذ تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب بجامعة الزقازيق، حصل على دكتوراة الفلسفة فى العصور الوسطى من قسم التاريخ بجامعة القاهرة سنة 1975م بمرتبة الشرف الأولى، ورئيس قسم التاريخ بآداب الزقازيق، وعضو اللجنة الدائمة لترقيات الأساتذة والأساتذة المساعدين، وعضو الهيئة الاستشارية للمركز القومى للترجمة، وعضو لجنة التاريخ فى المجلس الأعلى للثقافة. وله عدد كبير من المؤلفات فى الفكر التاريخى منها: البحث التاريخى، وتطور الفكر التاريخى، وقراءة التاريخ. أيضا له ترجمات منها: ما التاريخ الآن، ونظرات جديدة فى الكتابة التاريخية. حصل على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1983، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من عام 1983، وجائزة الدولة للتفوق فى العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 2000، وجائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 2008. أما المحررون الثلاثة فهم: روبرت بيرتران سيرجنت (1915- 1993) أستاذ العربية، ومدير مركز الشرق الأوسط بجامعة كمبريدج، تعلم فى جامعة إدنبره، وحصل على الماجستير فى اللغات السامية، ثم على الدكتوراة من جامعة كمبريدج عام 1936، وانتقل إلى العمل بمركز الشرق الأوسط فى جامعة كمبريدج عام 1964.

- إم. جى. إل. يونج أستاذ بجامعة ليدز، له بالإضافة إلى هذا الكتاب، دراسات متعددة عن القص العربى الحديث.

- جون. دى.ل اثان هو محقق كتاب الحميات لإسحق بن سليمان الإسرائيلى. ومؤلف عدد من الدراسات حول المماليك والعلاقات مع أوروبا فى العصور الوسطى.

عبدالرحمن الشرقاوى

المصرى اليوم