نائب وزير الصحة للسكان: 3 سيناريوهات للزيادة السكانية.. ونتوقع طفرة مواليد بعد كورونا (حوار)
مصراوي Masrawy
حوار - أحمد جمعة:
تصوير - نادر نبيل:
قال الدكتور طارق توفيق، نائب وزيرة الصحة للسكان، إن هناك 3 سيناريوهات متوقعة لعدد السكان في مصر، وفقاً لأهم نتائج وتوصيات دراسة التنبؤات السكانية لمصر حتى عام 2050، أخطرها ضبط الزيادة السكانية والوصول إلى 183 مليون نسمة.
وأضاف "توفيق" في حوار لمصراوي، أنَّ عدد المواليد يقل بعد الجوائح والأوبئة مثلما يتوقع في أزمة فيروس كورونا، لكن على الجانب الآخر فهذا يؤثر على حدوث طفرة في عدد المواليد في العامين أو الثلاثة المقبلين لشعور المواطنين بعد ذلك بالاطمئنان.. وإلى نص الحوار:
* الرئيس السيسي دائمًا ما يرى أن الزيادة السكانية لا تقل خطورة عن الإرهاب.. كيف ترى تلك التصريحات؟
هذه التصريحات اهتمام من الرئيس نحتاج إليه، لأن لدينا مشكلة كبيرة تتمثل في الزيادة غير المنضبطة للسكان والتي تؤثر على كل الموارد المحدودة في الدولة، بالإضافة إلى وجود تغير مناخي وتطوير المخرجات التعليمية وتحسين القطاع الصحي والبنية التحتية التي تقوم الدولة بإعادة ضبطها، وكل هذا عبء على الدولة، ووسط ذلك كيف يزيد عدد السكان بطريقة غير منضبطة تؤثر علينا.
أؤكد أنه مهما كان النمو الاقتصادي حتى الموجود حاليا فلن يحتوي عدد السكان مستقبلا، كما أنه من الصعوبة استدامة الموارد الحالية في ظل الزيادة الكبيرة في السكان المنتظرة في 2050، وتجاوزنا 100 مليون نسمة الآن، فبالوصول إلى عام 2050 سيكون لدينا 3 سيناريوهات.
* ما هذه السيناريوهات الثلاث المتوقعة بالوصول إلى 2050؟
السيناريو الأول يتمثل في عدم ضبط الزيادة السكانية والوصول إلى معدل الإنجاب الكلي 3.5 طفل لكل سيدة، ووفقاً لهذا السيناريو يصبح عدد سكان مصر حوالي 183 مليون نسمة عام 2050 ونسبة السكان في قوة العمل (من سن 15 إلى 65 ) حوالي 60%، ونسبة الإعالة الكلية حوالي 0.68.
أما السيناريو الثاني، يتوقع ثبات معدل الإنجاب الكلي عند الوضع الحالي وهو (3.07 طفل لكل سيدة) ومن ثم يصبح عدد السكان حوالي 160 مليون نسمة عام 2050 ونسبة السكان في قوة العمل حوالي 64% ونسبة الإعالة الكلية حوالي 0.56.
أما السيناريو الثالث، فيتوقع الوصول بمعدل الإنجاب الكلي إلى 2.4 طفل لكل سيدة، في حال تطبيق الاستراتيجية القومية للسكان، ووفقا لهذا السيناريو سيكون عدد السكان حوالي 152 مليون نسمة عام 2050، ما يعني أن تطبيق الاستراتيجية سيكون له آثار إيجابية في توفير عبء من 10 إلى 25 مليون نسمة، في حين ستكون نسبة السكان في قوة العمل حوالي 64% ونسبة الإعالة الكلية حوالي 0.55.
* ما معدل الإنجاب الحالي.. وهل مناسبًا للمرحلة الحالية أم لا؟
معدل الإنجاب الحالي يصل إلى 3.33% وهذا معدل كبير للغاية، لأننا السكان يتمركزون على 7% من مساحة مصر كلها ومن الصعوبة تعمير أكثر من 20% من مساحة الجمهورية، بخلاف التآكل في الأرض الزراعية، فكل 5 سنوات يتآكل 5 آلاف فدان من الأراضي الخصبة القديمة، ويبلغ نصيب الفرد من المياه حاليًا 500 متر مكعب، وبهذه الزيادة سيقل إلى 300 متر مكعب مع التخوف من الشح المائي في المستقبل، بجانب ارتفاع درجة الحرارة وقلة الأمطار في الـ 50 سنة المقبلة، فنحتاج إلى ميزانية أخرى لسد ذلك.
* برأيك.. ما أكبر انتكاسة تتعلق بالمشكلة السكانية؟
بعد ثورة يناير حدثت طفرة في المواليد وظلت حتى عام 2017، وهذا متوقع أن يحدث بعد الثورات وفترات عدم الاستقرار يحدث طفرة في المواليد وحالياً الوضع بدأ يستقر ويعود مرة أخرى لطبيعته.
* ما الأسباب وراء عدم حل أزمة القضية السكانية إلى الآن؟
كل الوزارات تقريبا معنية بقضية السكان لكن لا يوجد تنسيق بينها وبين الجهات المختلفة، كما أنه لا يوجد إلزام بين الوزارات والمجلس القومي للسكان لتنفيذ المهام المختلفة وليكون هناك مجلس أعلى للسكان لمباشرة عمله، وتقويم وتنفيذ الاستراتيجية بالإضافة إلى عدم وجود موارد لدعم القضية السكانية، فحين وضعت الاستراتيجية السكانية لم يتم وضع موارد مالية لها.
القضية السكانية لا تقتصر على تنظيم الأسرة فقط، فهي أداة لكن قضية السكان هي قضية تنمية وليست تنظيم أسرة فقط.
* تحدثت عن المعوقات كيف يمكن التغلب عليها ؟
أولا بشأن الموارد المالية نعمل حاليا على وضع مقترحات لبرامج لتقديمها للجهات المانحة للحصول على تمويل، وعلمنا بروتوكولات مع جهات أخرى لتنفيذ أبحاث، وثانيًا القيام بتوعية السكان بالقضية السكانية وتوفير خدمات تنظيم الأسرة وتصحيح المفاهيم الخاطئة حيث يوجد كم كبير من الخرافات المرتبطة بوسائل تنظيم أسرة لا حصر لها، ولذلك لابد من تفنيد المفاهيم المغلوطة وتصحيحها.
وثالث الحلول تتمثل في تعليم الفتيات حتى سن 18 عامًا على الأقل، لمنع التسرب من التعليم، وبعدها تشغيل المرأة بأجر، خاصة من سن 18 الى 25 عامًا لانها الفئة الأعلى في معدلات الإنجاب، وفي هذه الحالة تقوم السيدة بعمل مواءمة بين العمل والإنجاب. ورابعا تنفيذ برامج توعية موجهة للشباب وتدريبهم بالإضافة إلى التوعية بما قبل الزواج والصحة الإنجابية، ووضع منهج في التعليم للتوعية بالقضية السكانية، ولدينا من الوقت الحالي إلى 2060 ما يسمى بـالهبة الديموغرافية وهي الفئة الأكبر من الشباب، ويتطلب ذلك الاستثمار في التعليم والصحة وتوفير فرص العمل.
* هل تساهم فكرة عمل الفتيات في ضبط الأزمة السكانية؟
بالفعل، ففكرة العمل والإنجاب معا موائمة صعبة، لكننا نريد ربط فكرة التعليم وفكرة العمل، وبالتالي نحتاج إلى تغيير الثقافة والوعي وضمان التنمية المستدامة للسيدات بالعمل في هذه الفترة وهذا أمر مهم.
* هل لديك تخوفات من تحقيق الحلول السابقة؟
للأسف بمعدلات المواليد الحالية التي تبلغ أكثر من 2 مليون مولود في العام، يبقى التساؤل كيف يمكن توظيفهم بعد تعليمهم، ولو سرنا بهذا الشكل المضطرب في الزيادة كيف نوفر للمواليد الجدد التعليم والصحة والتوظيف.
* ما موقف الخطط التي كنتم تعملون عليها منذ سنوات؟
نبدأ حالياً من جديد، وهناك تطابق تام مع رؤية القيادة السياسية للأزمة، كما أن هناك خطة مستقبلية للأزمة السكانية وتأثيرها على الأجيال المقبلة.
* ما الأعمال والخطط التي يقوم عليها المجلس القومي للسكان حاليًا؟
بداية نقوم بعمل مجموعة من الأبحاث تساعد صانعي القرار على تنفيذ واتخاذ القرار، وتم وضع خطة خمسية للقضية السكانية 2020-2025، بالإضافة إلى الخطة السنوية ومجموعة من المشاريع في طور الإعداد لخدمة للقضية السكانية.
* لماذا لا نعد حملة قومية شاملة للتوعية بالقضية السكانية؟
نحتاج إلى ما يسمى بـ"التسويق الاجتماعي SOCIAL MARKTING"، لإعداد رسائل مختلفة بحيث تكون الرسالة الموجهة لطلاب الجامعات غير قاطني الريف ونقوم حاليا بوضع تصميم للحملة وسينتهي من ذلك خلال الشهر المقبل أو الذي يليه بأقصى تقدير.
* ما قيمة الموازنة السنوية للمجلس القومي للسكان؟
موازنة المجلس هي المرتبات فقط، بالإضافة إلى مليون جنيه للبحوث.
* أين الجهات المانحة التي كانت تمول مشروعات تخص للقضية السكانية؟
طوال السنوات السابقة لم يكن هناك استقرار في المجلس، وتغيير في قيادته بكل مستمر والجهات المانحة لا تعمل في هذا الوضع، وبدأت الجهات تنسحب، كما أن المجلس لم يقدم مقترحات مختلفة لجلب الجهات المانحة.
* هل تغير الأمر حاليًا؟
قدمنا هذا العام 7 مقترحات لجهات مانحة، بالإضافة الى مقترحات ما زالت في مرحلة التفاوض، ونحاول إقناع الجهات المانحة بأفكار تخدم القضية السكانية.
* هل هناك انخفاض في نسبة المواليد هذا العام في ظل انتشار كورونا؟
هذا العام لم ينته بعد حتى نحسم ذلك، لكن في الجوائح يحدث ما يسمى بعد الجائحة، فيبلغ أقصى حد لحدوث الوفيات نتيجة الجائحة، والمواليد تقل بعد 9 أشهر بالضبط من الجائحة، وبعدها تبدأ المواليد تزيد في العامين أو الثلاثة أعوام التالية لانتهاء الجائحة، ومن ثم الجائحة لم تنته بعد، ونتوقع طفرة في المواليد في العامين أو الثلاثة المقبلين ولذلك لابد من أخذ احتياطاتنا بتوفير وسائل تنظيم الأسرة والتوعوية.
* وما تفسير زيادة المواليد بعد الجوائح؟
الشعور بالأمان بعد الجائحة يزيد من معدل المواليد، أما وقت الجائحة يكون هناك ضغط وقلق وتوتر وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والنفسية تكون غير مستقرة وبالتالي يؤدي إلى انخفاض نسبة الإنجاب.
* ما أكثر المحافظات خطورة في معدل النمو السكاني؟
على الترتيب: المنيا، سوهاج، أسيوط، بني سويف، الفيوم، الشرقية، البحيرة، والأقل محافظتي بورسعيد والإسكندرية. لدينا في مصر 75 مركزًا وحي هم الأعلى في معدلات الإنجاب، ويمثلون 40% من جملة المواليد.
* وما سبب ذلك؟
نقوم ببحث ميداني حالياً لمعرفة مدى وجود فوارق بين هذه المراكز والمراكز المجاورة، وهل الموضوع مرتبط بالثقافة أم غير ذلك.
* ماذا عن إقليم القاهرة الكبرى والتكدس السكاني به؟
القاهرة بها 24% من عدد سكان مصر، وفي عام 2035 نتوقع أن يصل عدد السكان إلى أكثر من 30 مليون نسمة، فالقاهرة تزيد كل عام بنسبة 2.2% والمساحة كما هي، والمشكلة هل الزحف العمراني مخطط أم غير مخطط له.
* لكن هناك عدد من الدول نجحت في حل الأزمة السكانية.. كيف ترى ذلك؟
لدينا 5 تجارب لدول مختلفة، حققوا انضباط في معدل النمو السكاني، أولها إيران التي اهتمت بالتعليم والصحة، وأصدرت قوانين اجبارية بشأن تنظيم الأسرة، بالإضافة إلى عمليات التعقيم للرجال، وثانيها تركيا التي قامت بتمكين وتشغيل المرأة وأصدرت قانونًا ملزمًا بطفلين لكل أسرة، وفتحوا الباب للإجهاض والتعقيم، وثالثها إندونيسيا التي اعتمدت على تعليم البنات فقط، إلى ما بعد مرحلة التعليم الثانوي، ورفعوا سن الزواج للجنسين إلى 21 عامًا.
رابع التجارب كانت تونس التي أباحت الإجهاض كوسيلة لتنظيم الاسرة، وخامس التجارب كانت لدولة الصين التي اتبعت سياسة الطفل الواحد لكل أسرة وكان لذلك عواقب غير جيدة، بالإضافة إلى تشغيل المرأة والتي كان نتيجته أفضل من قانون الطفل الواحد، أما بنجلاديش انخفض معدل المواليد من 6.2 عام 1990 إلى 2.2 طفل لكل أسرة عام 2006، بعد اتباعها سياسة تشغيل السيدات، حيث يوجد مصنع للملابس في كل قرية إلى أن أصبحت الأولى على مستوى العالم في ماركات القمصان والبناطيل، مع توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان والتوعية. واتبعت هذه الدول نظام الشمول الاجتماعي بحيث لا يلجأ الأب والأم إلى الأطفال أنفقوا عليهم بعد تقدم السن.
* ما الأسلوب الأفضل الذي تراه مناسبًا لمصر؟
التنمية والتعليم أهم عنصرين تحتاجهما مصر، بالإضافة إلى تشغيل للمرأة، والفترة القادمة تحتاج الى تظافر الجهود بين القطاعات الحكومية والخاصة التي لديها فرص تشغيل وموارد للتدريب.
* ماذا عن قانون زواج القاصرات الذي يعد سببًا في زيادة معدل المواليد؟
من المفترض أن يتم الموافقة عليه من مجلس النواب في أول دورة له، ولحل هذا الأمر لابد من اللفظ المجتمعي برفض زواج القاصرات وعدم تعليم الفتاة، وتمكين المرأة والأسرة، وتقليل نسب الفقر لانه السبب الرئيسي للتسرب من التعليم.
* هل أثرت أزمة كورونا على الخطط التي يتبناها المجلس؟
على الإطلاق بل عملنا خلال الفترة السابقة بنفس طاقتنا، ولدينا مشروعان حاليا نعمل عليهما الأول مبادرة شباب الجامعات للتوعية بأزمة كورونا والإجراءات الاحترازية، والمشروع الثاني له علاقة بالمجلس نفسه ويتعلق بتدريب الكوادر على إجراء البحوث الكمية والكيفية ولم يكن موجودا قبل ذلك.
* متى نلمس تغييرا جديًا في المشكلة السكانية؟
عندما يدرك المواطن وكل الجهات أن هذه مشكلة تهم البلد كلها، والتحرك المجتمعي مهم ومطلوب وهذا الأمر مرتبط بالتوعية والفكرة لدى الحكومة لتوعية المواطن للتغيير من سلوكه ، فما هو مقبل خطر، وننفذ حالياً استراتيجية تسمى استراتيجية كسب التأييد، مثل الصحفيين والبرلمانيين والسينمائيين ونستهدف كل الأطراف الفاعلة في المجتمع الذين لهم تأثير على المجتمع ككل.
...