مباشر - سالي إسماعيل: مع تخفيف عمليات الإغلاق الوطني، يتزايد القلق بشأن احتمال حدوث "موجة ثانية" من الإصابات بوباء كورونا، والتي وصلت لنحو 10 ملايين شخص.
ويشرح خبير علم الفيروسات في جامعة كينت "جيريمي روسمان" خلال تحليل نشرته مدونة منتدى الاقتصاد العالمي أنه على عكس الإنفلونزا، ليس هناك دليل على وجود تأثير موسمي لفيروس "كوفيد-19".
ونحن لا نعيش فترة ما بين الموجات حتى الآن حيث لا يزال الفيروس يتنقل، لكن الإجراءات التي نتخذها يمكن أن تساعد في السيطرة على كورونا والحيولة دون تداعياته السلبية.
وتقوم الدول بتخفيف تدابير الإغلاق، كما يعود الناس إلى العمل مع رفع قيود الإغلاق عن المحال التجارية، لكن ليس لدينا لقاح مع حقيقة أننا أبعد ما يكون عن "مناعة القطيع"، إذن هذه هي الحرية الجديدة الممزوجة بالخوف: "الخوف من موجة ثانية من الإصابات".
وفي واقع الأمر، يتحدث الناس بالفعل عن "موجة ثانية" تضرب الصين وإيران، لكن مفهوم الموجة الثانية تشوبه العيوب كما يُشكل مفاهيم خاطئة خطيرة حول الوباء.
وتنبع فكرة الموجة الثانية من المقارنة المغلوطة مع فيروس الإنفلونزا الموسمي.
وفي بداية تفشي الوباء، قام العديد من الخبراء بطرح أوجه التشابه بين السارس وفيروس الإنفلونوا للنقاش، حيث إن كلاهما فيروسات تسبب التهابات الجهاز التنفسي، والتي تكون في الغالب خفيفة، كما أن الإنفلونزا سبب أحدث الأوبئة السابقة.
ومن هذه التشابهات، كان من المغري افتراض أن "كوفيد-19" قد يسلك مسار مشابه لوباء الإنفلونزا.
ومع ذلك، كان هذين الفيروسين مختلفين للغاية مع سلوك مختلف تماماً.
ويشهد "كوفيد-19" معدل وفيات أعلى بكثير مقارنة مع فيروس الإنفلونزا، إلى جانب معدل أعلى بكثير فيما يتعلق بحالات الدخول إلى المستشفيات والإصابات الحرجة.
ويعتبر فيروس الإنفلونزا بمثابة فيروس موسمي، حيث نرى كل عام حالات إصابة بالإنفلونزا تبدأ في أوائل الخريف وتزداد خلال فصل الشتاء ثم تختفي مع اقتراب الصيف.
ويتكرر ذلك بشكل سنوي، وبالتالي إذا ظهرت سلالة جديدة من الإنفلونزا، فمن المحتمل أن تكون لدينا موجة أولى من العدوى خلال فصل الشتاء والربيع، ثم يعود الفيروس في شكل موجة ثانية خلال الخريف والشتاء في العام التالي.
وكان أكثر وباء حدة على الإطلاق ما يعرف بوباء "الإنفلونزا الإسبانية.
وخلال هذا الوباء، أصاب الفيروس النصف الشمالي من الكرة الأرضية وذلك خلال ربيع عام 1918 ليتوفى البعض خلال صيف عام 1918، ثم عاد بقوة أكبر في خريف عام 1918.
ومن المغري التكهن بأن "كوفيد-19" ستتراجع حدته أو سيختفي خلال الصيف فقط كي يعاود الظهور عندما يصبح الطقس أكثر برودة، لكننا لا نعلم إذا كان كورونا عبارة عن فيروس موسمي من عدمه.
ويكون معدل انتقال الإنفلونزا خلال فصل الصيف أقل، بسبب أن مزيج من الرطوبة العالية والأشعة فوق البنفسجية المتزايدة وقضاء الناس وقت أقل بالقرب من بعضهم البعض. وربما تؤثر بعض هذه العوامل كذلك على "كوفيد-19"، لكننا حقاً لا نعرف إلى أي مدى.
وحتى إذا كانت العوامل الموسمية تؤثر على انتقال "كوفيد-19"، فإن انتشار فيروس جديد بين مجموعة من السكان ليس لديهم مناعة سيطغى على أيّ تأثير للعوامل الموسمية.
وكان وباء إنفلونزا الخنازير في عام 2009 ووباء عام 1918، من الفيروسات الجديدة التي لم يكن لدى الناس مناعة ضدها.
ونتيجة لذلك، لم يختفي الفيروس خلال فصل الصيف على الرغم من انخفاض معدل انتقاله إلى حد ما، لذلك لا يمكننا أن نتوقع أن يتصرف "كوفيد-19" كفيروس موسمي ينخفض خلال الصيف فقط ليعود بموجة ثانية في الخريف.
الموجة الأولى لم تنته
وبصرف النظر عن عامل الموسمية، هناك سبب آخر يفسر لماذا فكرة موجة ثانية معيبة.
ويعني مفهوم الموجة الثانية أنه شيئاً حتمياً وأمر أساسي يدل على كيفية تصرف الفيروس، حيث يتلاشى قليلاً ثم يعود بنية الانتقام.
لكن تفشل هذه الفكرة في أن تأخذ في الاعتبار أهمية الإجراءات الوقائية الجارية وتصورنا على أننا عاجزون ونعيش تحت رحمة هذا الفيروس.
ونحن لا نعيش فترة ما بين الموجات، حيث يتم الإبلاغ بشكل يومي عن حالات جديدة، باختصار نحن نعيش حالة من المد والجزر من انتقال "كوفيد-19" والتي تتأثر باستمرار بإجراءاتنا الاحترازية.
وسيترجم التخلي عن الإجراءات الاحترازية إلى زيادة في حالات الإصابة، وسيكون ذلك هو الوضع الطبيعي الجديد وما يمكن توقعه حتى يكون لدينا لقاح فعال
التخلي عن الاحتياطات سيؤدي إلى زيادة في الحالات، هذا هو الوضع الطبيعي الجديد وما يمكن توقعه حتى يكون لدينا لقاح فعال يشمل عدد كبير من السكان.
وحتى ذلك الحين، علينا أن نعتمد على إجراءاتنا من أجل إبقاء حالات الإصابة منخفضة، في الوقت الحالي وفي فصل الخريف.
ويصور مفهوم موجة ثانية الوباء كقوة من الطبيعة خارجة عن سيطرتنا.
ولكن لدينا أدلة تم رصدها في العديد الدول على أن وجود نظام صحي عام قوي (يتكون من اختبارات واسعة النطاق وتتبع سلسلة تواصل المصاب والعزل والدعم الصحي) بالإضافة إلى مشاركة العامة في السلوك الآمن (ارتداء أقنعة الوجه والحفاظ على التباعد الاجتماعي وغسل اليدين)، عبارة عن نهج فعال للغاية في التقليل من عمليات انتقال الوباء.
ونحن لسنا تحت رحمة الفيروس سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل، وهو ما يعتبر بمثابة أنباء متفائلة، لكنها تضع عبء المسؤولية علينا جميعاً.
ويجب أن نستمر في المواجهة، ولكن عند القيام بذلك يجب ألا نخشى اندلاع موجة ثانية حتمية.
مباشر (اقتصاد)